جنبلاط: لا صحة للاحاديث عن نقل مطمر الناعمة الى الجيّة

وليد جنبلاط

اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط انه كان مهماً لو تمت الاستفادة من الضغط الشعبي لاقرار سلة من الاصلاحات الاقتصاديّة والاداريّة والماليّة المهمة خصوصاً أن فكرة الاصلاح تكاد تخرج من القاموس السياسي اللبناني في حين من المطلوب إتخاذ جملة من الخطوات الهامة على هذا الصعيد.

أدلى جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونيّة جاء فيه “من المؤسف جداً ألا يستحوذ النقاش الاقتصادي على الاهتمام الكافي من قبل كل مكوّنات المجتمع السياسي اللبناني إلا حين ترتفع وتيرة المطالب الشعبيّة والنقابيّة المحقة، مما يجعل أي نقاش في هذا الملف الهام عُرضة للشعبوية والحسابات الفئويّة والمصلحيّة ويحول عمليّاً دون أن تُتخذ القرارات وفق دراسة علميّة تقنيّة هادئة مبنيّة على أرقام صحيحة ودقيقة، وليس كما هو الحال اليوم في مسألة بأهميّة سلسلة الرتب والرواتب سواء لناحية تأثيرها على شرائح واسعة من المجتمع أم لناحية إنعكاساتها الاقتصاديّة والماليّة الكبيرة على الخزينة.

ومن المؤسف جداً ألا تكون الحكومات المتعاقبة قد أقرّت موازنات عامة تفصّل السياسات الماليّة وتعكس رؤيتها لكيفيّة زيادة نسب النمو الاقتصادي والانماء المتوازن والسياسة الاعماريّة وسبل الحد من البطالة وخلق فرص عمل جديدة. وهذه إحدى المسائل الشديدة السلبيّة لأنها تنعكس أيضاً على الشفافيّة وتحول دون إطلاع الرأي العام على آليات خفض الدين العام الذي يتنامى بصورة دراماتيكيّة ووصل إلى مستويات غير مسبوقة وهو ككرة النار التي تتوسع وتكبر رويداً رويداً فيما يكون التلهي مستمراً في قضايا وتجاذبات جانبيّة.

أما في ملف سلسلة الرتب والرواتب التي ستقّر في اليومين المقبلين، فإن المطلوب من مختلف الجهات المعنيّة بها، سواء المجلس النيابي أم الهيئات النقابيّة، أن تأخذ في الاعتبار واقع المالية العامة والخزينة اللبنانيّة كي لا يكون إقرار هذه المطالب مجرّد خطوة شكليّة ستتبخر مفاعيلها في الهواء وتلحق الضرر في الوقت ذاته بالماليّة العامة، وذلك يحصل من خلال إقرار سلسلة بأرقام معقولة وغير مضخمة ومتخمة بمطالب وتعويضات لا تستطيع أكثر الدول الأوروبيّة تقدمّاً أن تحتملها.

وكم كان مهماً لو تمت الاستفادة من الضغط الشعبي لاقرار سلة من الاصلاحات الاقتصاديّة والاداريّة والماليّة المهمة خصوصاً أن فكرة الاصلاح تكاد تخرج من القاموس السياسي اللبناني في حين من المطلوب إتخاذ جملة من الخطوات الهامة على هذا الصعيد. ومن أولى تلك الخطوات التي لم تعد تحتمل أي تأخير إصلاح قطاع الكهرباء من خلال زيادة الانتاج وتحسين النقل والجباية وتطوير فاعليّة مؤسسة كهرباء لبنان وتحويل الانتاج نحو الغاز الطبيعي وإعادة النظر ببعض التعرفات المجحفة مع الأخذ بالاعتبار الواقع الاجتماعي وفق سياسة الشطور، وهذه بعض مقترحات صندوق النقد الدولي.

وغنيٌ عن القول أن إصلاح القطاع الكهربائي سيتيح تحويل الأموال المخصصة لدعم عجزه نحو مجالات تنمويّة وإستثماريّة أخرى. ولماذا إعفاء الجمعيّات الدينيّة من الضرائب أو إعطائها إعفاءات جمركيّة؟ ولماذا لا تُفرض الضرائب والرسوم على العقارات الوقفيّة؟ ومن الأفكار الأخرى التي طرحها صندوق النقد الدولي فرض ضريبة على الارباح العقاريّة وأخرى على إيرادات الفوائد المصرفيّة وزيادة ضريبة الأرباح وأفكار أخرى تؤكد الحاجة إلى رسم سياسة ضريبيّة متكاملة ترتكز إلى المبدأ التصاعدي لتحقيق التكافؤ بين الفقراء والأثرياء وعدم تحميلهم أعباء متساوية بل كل وفق قدراته.

ولا مفر من التذكير بالاصلاح الاداري لا سيّما بعد جرعة الدفع الكبرى التي تتحقق تدريجيّاً من خلال التعيينات الاداريّة، ناهيك عن ضرورة توحيد معايير الرواتب بين مختلف القطاعات بحيث لا تتفاوت المعاشات بين السلك الاداري التقليدي والمؤسسات الرديفة كمجلس الانماء والاعمار والضمان الاجتماعي ومصرف لبنان وسواها. ومن غير المنطقي ألا تكون هناك سياسة شاملة للتعاطي مع المتقاعدين، الذين من حقهم على الدولة توفير العيش الكريم لهم، ولكن ضمن أطر إحتمال قدراتها الماليّة فلا يستمر الدفع إلى ما لا نهاية بعد وفاة المتقاعد، أو وفق أرقام خياليّة كما يحدث في الأسلاك العسكريّة والأمنيّة، رغم التقدير لجهودها في حفظ الأمن والاستقرار.

في مجال آخر، يبدو أن بعض الجهات السياسيّة تروّج كعادتها للأكاذيب والأضاليل وقد أشاعت في الآونة الأخيرة أنني في صدد نقل مطمر الناعمة إلى الجيّه وهو أمرٌ غير مطروح البتة، إلا أنها تبدو مصرّة على إيقاع الضرر بالعلاقة التاريخيّة بين الاقليم والشوف، وهي علاقة متجذرة وقديمة وأكبر من أن تتأثر ببعض النتوءات من هنا وهناك.

أخيراً، وعطفاً على موقف سابق لي حيال مشروع علمي تقوم به بعض الجمعيّات الدرزيّة الأميركيّة بالتعاون مع جامعة “جورج تاون” حول تاريخ الدروز، وبعد أن عدّلت الجهات المعنيّة تسمية المشروع وأهدافه ومندرجاته وأسقطت منه كل ما يتعلق بالأقليّات مما كان يُشكل مجالاً للدخول في إجتهادات وخلاصات خارج سياقها التاريخي والسياسي، فإنني أجدد تشجيعي ودعمي لكل ما من شأنه تنمية وتغذية الفكر الحر والبحث العلمي الرصين بعيداً عن أي أهداف سياسيّة مشبوهة وأتمنى للقيّمين عليه التوفيق والمثابرة.

من جهة اخرى، التقى جنبلاط في قصر المختارة وفدا من الجماعة الإسلامية في جبل لبنان برئاسة عمر سراج وأعضاء اللجنة السياسية، في حضور النائب علاء الدين ترو ووكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في اقليم الخروب سليم السيد، وتم التداول في الشأن اللبناني العام.

كما سلّم الوفد النائب جنبلاط دعوة الى حضور احتفال الذكرى الخمسين لتأسيس الجماعة الإسلامية وافتتاح مركز الدعوة، الذي سيقام الأحد المقبل في بلدة شحيم.

الى ذلك التقى جنبلاط في كليمنصو السفير التركي في لبنان سليمان أنان أوزلديز، وعرض معه التطورات الراهنة، وإستبقاه إلى مائدة الغداء.

السابق
قاطيشا: ليس قاووق من يحدد من يحق له الترشح
التالي
بلامبلي: عملية الانتخابات الرئاسية تدخل الآن مرحلة مهمة