المحكمة: حرية التعبير ليست مطلقة وعلى الاعلام الامتثال للقانون

يبدأ القاضي لاتييري غداً النظر في قضية تحقير المحكمة الخاصة بلبنان وعرقلة سير العدالة الموجهة الى صحيفة “الاخبار” والمسؤول فيها ابرهيم الامين والى تلفزيون “الجديد” والاعلامية المسؤولة فيه كرمى خياط. ومن المقرر ان يستجوب المدعى عليهم الاربعة شركة “الأخبار وشركة الجديد والأمين وخياط.

في معلومات لـ”النهار” ان المحامي الدولي كريم خان هو وكيل شركة “الجديد”. ورشح ان الامين وخياط سيمثلان من خلال نظام المؤتمرات المتلفزة مباشرة من بيروت مع المحكمة.
وقال الناطق باسم المحكمة مارتن يوسف لـ”النهار” ان “هدف هذه المرحلة القضائية حماية الشهود وليس اسكات الصحافة”. واضاف “جرت مقارنات بين ما نشرته صحيفة “دير شبيغل” و”سي بي سي”، ولكن هدف هذه المرحلة ليس اجراءات قضائية ضد الصحافي الذي ينتقد او ينشر معلومات سرية عن عمل المحكمة، انما ما يمس حماية الشهود وعرقلة سير العدالة. ان الصحافة اللبنانية تنشر اخبارا سرية عن المحكمة،منذ تأسيسها، وبينها جريدة “الاخبار” وتلفزيون “الجديد”. ولم تتحرك المحكمة قضائيا، وما يثبت ان الامر يختلف عن نشر معلومات تهدد الشهود وهدفها عرقلة سير العدالة. هناك خط يجب ان تتخذ المحكمة اجراءات قضائية فيه هو الخط الذي يمس بالشهود. فالمعلومات تنشر عن المحكمة دائما، كما ذكرت، وهذا يثبت ان الاجراءات القضائية ليست لاسكات الصحافة انما لحماية الشهود. وهذا ثمن كبير للمحكمة لان الاجراءات المتخذة خطوة الزامية لها لحماية الشهود، باعتبار ان ذلك يشكل خطرا على حياتهم. فعندما تنشر اسماء اشخاص فإن ذلك يدمر ثقة الشهود الحقيقيين في عمل المحكمة وحمايتها لهم.
ورد يوسف على ما قيل ان المعلومات موضوع الاجراءات سربت من المحكمة. وقال ان “الفقرة 6 من قرار المحكمة المتعلق بقضية التحقير أشار الى عدم احتمال أي يكون أي من تلك المعلومات قد ارسل من داخل المحكمة. كما ان الفقرة 56 من القرار نفسه تخص احد الشهود الذين اتصلوا بالمحكمة،بعدما شعر بتهديد لحياته بنشر الاسماء. ان كل المحاكم الدولية والمحاكم اللبنانية لم تسمح بتهديد الشهود”.
واعتبر، ردا على سؤال عن احكام، اصدرتها محكمة يوغوسلافيا السابقة في هذا الصدد ان “ذلك يثبت ان ليس من احد فوق القانون ولا الصحافة. وللاسف احيانا الصحافة تنسى المسؤولية اكثر من الحرية رغم ان المسؤولية لها وزنها اكثر من الحرية”.
وفي اطار، قضية التحقير أجابت المحكمة عن أسئلة . وردا على سؤال “لماذا توجه الآن تهمة التحقير إلى الصحافيين اللبنانيين ووسائل الاعلام اللبنانية دون سواهم علمًا أن وسائل إعلام غير لبنانية نشرت في الماضي معلومات سرية ولم تكن مثار اهتمام؟”، اجابت: “تنظر المحكمة بجدية بالغة إلى الجهود التي يبذلها أفراد أو وسائل إعلام في سبيل تعطيل سير العدالة، بصرف النظر عن هوية الفاعل. ان القاضي الناظر في قضايا التحقير وجّه تهمة ارتكاب جريمة تحقير المحكمة إلى شركة تلفزيون الجديد، ش.م.ل. وكرمى خياط بسبب بثّهما معلومات تتعلّق بشهود سريين مزعومين، وذلك في سلسلة برامج عُرضت في آب 2012. ووجهت إليهما ايضًا تهمة انتهاك قرار للمحكمة، بعدم سحبهما هذه المعلومات من الموقع الالكتروني لقناة تلفزيون الجديد وموقع يوتيوب، رغم قرار بسحبها أصدره قاضي الإجراءات التمهيدية. وكذلك أصدر القاضي الناظر في قضايا التحقير تهماً بتحقير المحكمة بحقّ شركة أخبار بيروت، ش.م.ل. وابرهيم الأمين لنشرهما معلومات عن شهود سريين مزعومين في 15 و19 كانون الثاني 2013. وفي قضية تلفزيون الجديد وقضية الأخبار، يزعم قرار الاتهام أن المتهمين قد “عرقلوا عن علم وقصد سير العدالة” بارتكابهم تلك الأفعال.
ورأى القاضي الناظر في قضايا التحقير أيضًا أنّ “عدم ردّ المحكمة على نشر أسماء شهود سريين مزعومين يمكن أن يشجّع على تكرار حدوث تصرفات مماثلة. وستؤدي إجراءات دعوى تحقير المحكمة إلى تقليص خطر احتمال أن يفقد الرأي العام الثقة في قدرة المحكمة وتصميمها على حماية شهودها” (الفقرة 65). وفي ذلك وضع في اعتباره أيضًا الظروف الاستثنائية في لبنان.
وعن الخطوات التالية لهذه القضية قالت، على الموقع الالكتروني، “لأي شخص متهم بتحقير المحكمة الحقوق نفسها التي تعطى لأي شخص متهم أمام المحكمة. وتشمل هذه الحقوق تعيين محامٍ للدفاع عن المتهم الذي لا يملك الموارد اللازمة لدفع أتعاب هذا المحامي (المادة 59 من قواعد الإجراءات والإثبات). وبعد المثول الأول للمتهمين المقرر، في 13 أيار 2014، تُعقد محاكمة في وقت لاحق أمام القاضي الناظر في قضايا التحقير. والعقوبة القصوى التي يجوز فرضها على شخص يثبت تحقيره للمحكمة السجن لفترة لا تتجاوز السبع سنوات، أو دفع غرامة لا تتجاوز 100000 اورو، أو كلاهما (المادة 60 مكرر، الفقرة (طاء) .
ويجوز استئناف القرار الذي يصدره القاضي الناظر في قضايا التحقير أمام هيئة من ثلاثة قضاة يعيّنهم رئيس المحكمة وفقًا لقائمة معدّة من قبل.
واضافت ان ذلك لا يشكل اعتداء على حرية الصحافة في لبنان. ان حرية التعبير تضمن لكل شخص الحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها، وتلقي المعلومات والأفكار ونقلها وفقًا للقوانين المرعية. غير أن حرية التعبير ليست مطلقة، وعلى الصحافيين ووسائل الإعلام الامتثال للقانون. وذكر القاضي الناظر في قضايا التحقير في قراره أنه “لا ينبغي اتخاذ تهمة التحقير الجزائية [أداة يُساء استعمالها] لإسكات وسيلة إعلامٍ مستقلة تعمل ضمن حدود القانون”. فالمحكمة ترحّب بأي نقد لا يعرقل سير العدالة. وكما جاء في القرار نفسه، “[…] بالنسبة إلى سيادة القانون، لا شيء أهمّ من عدم عرقلة سير العدالة عن قصد” (الفقرة 16). ونشر أسماء شهود محميين، أو حتى زعم نشرها قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على عمل المحكمة. وكما يقول القاضي الناظر في قضايا التحقير في قراره، فإنّ “من البديهي أن يؤدي نشر معلومات متعلقة بشهود سريين مزعومين إلى زعزعة الثقة في المحكمة [لدى الرأي العام] وبالتالي إلى عرقلة سير العدالة” (الفقرة 37).
وبسؤال “هل قضايا التحقير من الإجراءات المعتادة في المحاكم الدولية الأخرى؟ قالت المحكمة “لدى جميع المحاكم والهيئات القضائية الدولية قواعد لمحاسبة الأشخاص الذين يمكن إثبات مسؤوليتهم عن تحقير المحكمة. وعليه، فإن جميع هذه المحاكم نظرت ولا تزال تنظر في دعاوى التحقير. فمحكمة يوغوسلافيا السابقة مثلاً شهدت 20 دعوى من هذا النوع، انطوت على أشكال مختلفة من أشكال السلوك المحظور. ودين بضعة أشخاص بتهمة كشف معلومات سرية عن شهود، منهم صحافيون، ومسؤولون في دول شخص متهم بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة. ودين البعض أيضًا بتهمة تخويف الشهود بينما دين آخرون بتهمة رفض الإدلاء بشهادتهم.ومن وقت قريب، أقيمت أمام المحكمة الجنائية الدولية دعوى بحق أشخاص متهمين بالتأثير على شهود عن طريق الرشوة”.

السابق
زاسبيكين: أتخوف من تدهور الوضع الامني بحال امتد الفراغ لفترة كبيرة
التالي
جورج كلوني يتوق للإنجاب من امل علم الدين