حمص والضاحية… أصل الحكاية

قوات النظام تسيطر على حي الخالديه
عند حالات الصراع والخلافات تلجأ الشعوب او الأنظمة الى خيارات محدودة اما تؤمن لها الحماية او على الأقل تدفع عنها الضرر المحتمل، وهذا ما يسمى بالخيارات العقلانية. اما الخيارات التي لا تجلب الا الهلاك والموت فهذا يسمى اما انتحارا واما غباء، إن في الضاحية أو في حمص.

بعدما تصدّرت مدينة حمص قائمة الاخبار في الأيام السابقة نتيجة الاتفاق الذي عقد بين جيش الأسد وقوى الثورة السورية، وانتهى الى ما انتهى اليه، انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صورة مزدوجة ومعبّرة جدا تجمع بين مشهدين، مشهد لضاحية بيروت الجنوبية بعيد حرب تموز 2006 ويظهر فيها حجم الدمار المهول الذي سببته آلة الاجرام الصهيوني، وآخر لمدينة حمص السورية حيث لا يقل الدمار عن حجم التهديم جراء براميل الاجرام الاسدية، في حمص.
صورة جمعت اطلال مدينتين، فاستحقت التوقف مليا، وتستحق التفكير عميقا، لان ما يجمع بينهما هو اكثر من مجرد تحول مدينتين الى ما يشبه كتلة ركام هائلة. وما دفعه اهلهما من تقتيل وتهجير ومعاناة متشابه الى حد التطابق. ولسنا هنا في وارد القيام بمفاضلة بين همجيتين او الحديث عن مقارنة بين وحشيتين وايهما اكثر ضراوة وخروجا عن ادنى المقاييس الإنسانية، لان النتيجة حتما ستكون لصالح النظام السوري، ويحل العدو الصهيوني في المرتبة الأدنى، فظلم ذوي القربى اشد مضاضة…
الا ان ما بين هاتيك المدينتين المسحوقتين يوجد ما هو مشترك أساسي حوّلهما في يوم نحس مستمر الى اعجاز نخل خاوية، وجعل منهما اثرا بعد عين. فعلى جبال خراب انقاضهما يقف احدهم على الاطلال ليخبرنا بأن كل الذي جرى وسوف يجري ان هو الا ثمن مشرّف وما هو الا محصّلة “طبيعية” لحكاية واحدة اسمها الممانعة. فالبراميل المتفجرة التي دمرت حمص ممدوغة بختم “الممانعة” والصواريخ الفراغية التي انهالت على الضاحية انما كانت بسبب قرار ممانع لم يكن يعلم صاحبه انه سيجرّ علينا ما قد جر.
وعلى ضوء هذه الصورة المفجعة، وبين شبح الموت الأسود والغبار والدخان ينتصب سؤال كبير ليحرك العقول والقلوب والنفوس: هل اللجوء الى خيار الممانعة يكون الا لاجل حمايتنا وحماية مدننا واهلنا من الاخطار المفترض ان تأتينا من ناحية العدو الإسرائيلي؟؟ والمفترض ان الممانعة هذه هي لتجنبنا كل هذا الدمار والقتل ولتجلب لنا الأمان والطمأنينة حال اعتمادها، ام ان خيار الممانعة هذا تحول الى لعنة لا نحصد منه الا هذا المشهد المرعب المختزل من خلال هذه الصورة… هذا طبعا اذا ما سلمنا أصلا بحقيقة حكاية الممانعة !!

السابق
السفير السوري تمنى وصول الأكثر حفاظا على المقاومة للرئاسة في لبنان
التالي
إيران.. بين الأب والابن