حنّا غريب يتبنّى ’غباء جنوبية’ عن سلسلة الرتب

حنا غريب
"غباء" و"حقد" و"كيدية" اتهم "جنوبية" بها ناشطون وصحافيون حين نشرت قبل أسبوعين موضوعا يطالب هيئة التنسيق النقابية بعدم المطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب كيفما اتفق، والإصرار على "ألا تكون من جيوب الفقراء". وأمس تبنّى عضو الهيئة حنّا غريب هذه الدعوة حرفيا: "لن نقبل أن تقرّ من جيوب الفقراء". فشكرا حنّا غريب، وليعِشِ الحاقدون في غيظهم.

خضعت هيئة التنسيق النقابية لمطلب الفقراء في النهاية وتخلّت عن القبول بتمويل السلسلة كما كانت مطروحة، أي من جيوب الفقراء، بالتخلّي عن دعم الكهرباء ورفع الضريبة على القيمة المضافة ورفع أسعار كثيرة أخرى منها العقارات، وذلك بدفع من الحملة الإعلامية التي قادتها “جنوبية” بداية الشهر الحالي، ودفعت ثمنها شتائم وتحريض وحقد من ناشطين وصحافيين.

ففي 9 نيسان نشر موقع جنوبية مقالاً موقعا بقلم الزميلة سلوى فاضل وعنوانه “حنّا غريب يضاعف راتبه الكبير من جيوب الفقراء، ومضمونه أنّ الحكومة أقرّت تمويل سلسلة الرتب والرواتب من جيوب الفقراء من المواطنين اللبنانيين.

يومها شنّت الحملات على “جنوبية” مستنكرة منّا هذا الموقف، ومتهميننا أننا نقف مع الدولة ولا نريد إعطاء الحقوق للموظفين والعمّال، دون التمحّص جيداً في طبيعة ما ورد في تلك المقالة، التي شهّرت وأبرزت أنّ الإيرادات المزمع تمويل سلسلة الرتب والرواتب والتي كانت قد أقرّتها حكومة نجيب ميقاتي هي أشبه بقرارات تعسفية ستسحق أصحاب الدخل المحدود، وذلك بسبب” الزيادة على القيمة المضافة، ورفع رسوم فواتير الهاتف وباقي قطاع الاتصالات، وكذلك رفع رسوم رخص البناء واستثمار المياه”، وكل هذا من جيوب الفقراء، وهم بالطبع ليسوا من موظفي فئات الأولى والثانية والثالثة. وقال المقال إنّ رواتب المطالبين بالسلسلة سيزيد بالملايين لأنّه سيشهد زودة بنسبة 121 في المئة، لكنّها في المقابل لن يأخذ منها شيئا أصحاب المهن الحرّة والمياومين والعمّال “على القطعة” والأجراء وقطاعات كثيرة. في حين أنّ تلك الضرائب كانت ستأخذ ما تبقى من رواتب موظفي فئات الرابعة والخامسة والأجراء والمياومين وغيرهم من أصحاب ذوي الدخل المحدود.

ويبدو أنّ الحملة التي قامت بها “جنوبية” وتبنتها بعض الوسائل الإعلاميّة المرئية والمكتوبة، والتي أشاعت جوّا جديدا على مواقع “التواصل الاجتماعي” وتبنّاها ناشطون كثيرون، قد أثمرت ولاقت المرتجى بعدما كشفت حقيقة لا مجال لإخفائها وهي أنّ تمويل السلسلة يجب أن يتم من خلال التطلّع إلى فرض ضرائب ورسوم على عائدات الشركات والمؤسسات الضخمة ذات الأرباح الخيالية، وملاحقة ما يهدر من المال العام.

من هنا برز أمس كلام عضو هيئة التنسيق النقابية أيضا، الأستاذ حنّا غريب عندما قال: “إننا لا نقبل بالضرائب التي سوف تفرض على ذوي أصحاب الدخل المحدود لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، فنحن لن نموّل السلسلة من جيوب ذوي الدخل المحدود”، مضيفاً أنه على الدولة “أن تقوم بضبط الهدر والفساد في “الميناء” و”المطار” وغيره من المرافق كي تجمع الإيرادات اللازمة”.

هذا التغيير المفاجئ في منطق عضو هيئة التنسيق النقابية لم يكن ليحصل لولا ما بادرت به “جنوبية”، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع والوسائل الإعلامية المحليّة، من إبراز للخطأ الجسيم الفادح المنوي ارتكابه بحق الطبقة الفقيرة، بل وحتى الطبقة المتوسّطة التي سوف تصبح آيلة للفقر بعد مدّة قصيرة، عندما يأكل الغلاء والتضخّم القادم مع هذه الزيادات من رواتبها، فيصبح العامل اللبناني كـ(لاحس المبرد)، يحسب أنه يتغذى ولكن في الحقيقة لا يلعق سوى دمه المهدور على مذبح الفساد المالي و”السلسلة” البتراء.

يذكر أنّ ثلاث سنوات مرّت على بدء مطالبة هيئة التنسيق النقابية بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وشهدت هذه الفترة ارتفاعا بالأسعار في مختلف المجالات من المواد الغذائية مرورا بالخدمات وانتهاء بالكماليات. ويتخوّف اللبنانيون اليوم من أن يتم تمويلها من جيوبهم دون النظر إلى مصالح الفقراء وأصحاب الدخل المحدود. فإذا كان تنظيم الاداره وتطهيرها من الفساد كفيل بتمويل الجزء الأكبر من السلسلة، فإن زيادة الرسوم المفروضة على أصحاب المؤسسات الخاصّة، المالية منها والتجاريّة أو الخدماتية، لهو كفيل بتمويل سلسلة الرتب والرواتب دون فرض ضرائب مباشرة تطال كل فئات المجتمع، فتثقل كاهل العامل وتجعله اكثر فقرا، فيما الأغنياء يستفيدون من هزالتها نسبة لهم، ويضاعفون ثرواتهم غير مبالين.

السابق
قهوجي: مستمرون في العمل معكم للحفاظ على لبنان
التالي
غارة سورية على منطقة رأس وادي طاهر في جرود عرسال