بكركي مُستاءة جدّاً.. فهل تملك مفتاح الحلّ؟

لا حاجة للبحث والتبصير في احوال بكركي هذه الأيام ، فسيد الصرح الذي غادر بعد انقضاء الجلسة الرئاسية الى روما للمشاركة في تطويب قداسة البابا هو كما حال اعوانه والدوائر الكنسية في حالة من عدم الرضى حتى لا يقال استياء من الطريق المسدود الذي وصلت اليه الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية ، وفي ظل الأجواء الملبدة للغيوم التي تظلل الجلسة الثانية المنعقدة بعد يومين . فما كانت تخشاه بكركي حصل فعلاً ، والخطر القادم يكاد يكون الأقوى ، فتطيير النصاب هذه المرة من شأنه ان يلعب بمصير ومستقبل الرئاسة الأولى والمخاوف من ان يطول انتظار الاستحقاق الذي قد يمتد كما بات يرشح من المعلومات الى اشهر طويلة .

لم تكن بكركي في تاريخها ومنذ تسلم البطريرك مار بشارة الراعي السدة البطريركية في مثل هذه الحال ، فالراعي وبحسب مصادر مسيحية ومن خلال تقاطع المعلومات وقراءته للأحداث كان يشعر بمسار الرياح التي ستهب و تتقاذف الاستحقاق الرئاسي ، وهو لهذه الغاية جمع الاقطاب الأربعة تحت مظلته لاستباق الوضع وتطويقه وحتى لا يصل استحقاق أيار بدون رئيس للبلاد ، فالراعي قرع الجرس باكراً منبهاً القادة الموارنة واضعاً ترتيب الأمور في سياقها الصحيح ، ليتضح لاحقاً كما بدا في جلسة الأربعاء وما سيتبعها ان «لا احد» سمع لسيد الصرح وان كل فريق في القيادات المسيحية يتصرف من منطلق حساباته الخاصة وعلى قاعدة «الأمر لي» في الرئاسة ، وعليه انتهت اجتماعات بكركي على صعيد الاقطاب او اللجنة المنبثقة عنهم الى لا نتيجة ، حيث لا يزال المرشحون الموارنة يتصرفون وفق قناعتهم الذاتية ، فكل واحد يرى في الظرف الراهن الفرصة التاريخية للجلوس على كرسي بعبدا ، وكل واحد يرى في نفسه مشروع الرئيس القوي القادر على إنقاذ البلاد والمسيحيين في خضم العواصف والتطورات الخطيرة .
اما وقد وقعت الواقعة في جلسة الأربعاء ، فان سيد بكركي يحاول كما تقول المصادر ان يلملم الوضع وان يمسك بزمام المبادرة مجدداً ، لكن ليس على صعيد جمع الاقطاب خصوصاً ان الراعي بادر بعد تعطيل الجلسة الرئاسية الى تعطيل اجتماعات اللجنة السياسية المنبثقة عن الاقطاب الموارنة ، فكان لقاء عين التينة قبيل سفر الراعي الى روما والذي حمل دلالات ومغزى خصوصاً ان رئيس المجلس يملك قوة الدفع اللازمة في اتجاه الاستحقاق لتأمين نصاب الجلسة المقبلة ، وللدلالة ايضاً على ان بكركي لن تهمل الاستحقاق وستعطيه كل العناية والاهتمام وما يلزم ، ورسالة للاقطاب الموارنة بالدرجة الأولى على النكس والإخلال بالوعود ، بسبب تنكيل الزعماء الموارنة ببعضهم وتطيير نصاب جلسة الانتخاب . وتروي المصادر ان سيد بكركي عبر عن استيائه إزاء التفاصيل التي رافقت جلسة الأربعاء الماضي ، من خلال محاولة نبش الماضي وإحياء الحرب المسيحية المسيحية وفتح قبور المسيحيين وسائر القيادات والأسماء التي أسقطت في صندوق الاقتراع . ولا ترغب بكركي كما تقول المصادر ان يتكرر مشهد الانقسام المسيحي بالشكل الذي بدا عليه في الجلسة المقبلة كما لا تريد ان يتكرر تطيير النصاب ، ومن هنا فان كلامه بان تطيير النصاب ليس «مرجلة» هو موجه الى الفريقين في 8 و14 آذار ، فهو أولاً موجه الى تصرف 8 آذار في الجلسة الأولى حتى لا يتكرر المشهد ذاته ، والى فريق 14 آذار لعدم الغياب والمبادرة الى الإقتداء بنموذج 8 آذار إذا ما شعر هذا الفريق بان الخناق الرئاسي سيضيق على رقبته .
يبقى ان بكركي ستبقى تحاول وتسعى في الساعات المتبقية لفتح الصناديق ، في إطار محاولة إنقاذية رغم ان الوقائع تظهر استحالة وصول رئيس من 8 او 14 آذار ، ربما سيكون لدى بكركي مفتاح الحل وهي على الأرجح لا تملكه وحدها فالاستحقاق لم «يتلبنن» رغم كل ما قيل ويقال ولا يزال يرتبط بمجرى الأحداث السياسية وبتقاطع مصالح الدول القوة والمؤثرة في الشأن اللبناني ، وإلا كيف يمكن فهم مبادرة وليد جنبلاط الى ترشيح النائب هنري حلو ، واستمرار سمير جعجع بخوض المعركة الرئاسية على استحالتها وعقدها الكثيرة .

السابق
عراقيو الخارج يقترعون في 20 دولة
التالي
الإقصاء المزدوج : المرأة والتكنوقراط