لو كنت رئيس مجلس النوّاب

حفاظاً على هيبة النوّاب وسمعتهم ومنعاً لتهرُّبهم من القيام بواجبهم المقدّس المستفاد من روح الدستور، ولكي لا يتكرَّر الأمر المعيب الذي حصل في الجلسة المخصَّصة لانتخاب رئيس للبلاد في 23/4/2014 والتي تأمّن فيها النصاب بكثافة حتى بلغ 124 نائباً من أصل 128، ولكنّهم انفرطوا وغادروا قاعة المجلس فوراً بعدما مارس كثُر منهم بشكل هزلي مفضوح حقهم الانتخابي الذي لا يجوز التلاعب به، والملزِم لهم والواجب عليهم، مسيئين بذلك إلى كرامتهم وكرامة الوطن…

فلو كنت رئيس مجلس النواب لمارست كل الصلاحيّات المعطاة لي قانوناً الآن والمتّبعة عرفاً ولسعيتُ بكل قواي لاشتراع صلاحيّات أخرى فوقها:

 

1 – فبمقتضى القانون والعرف المعمول بهما حاليّاً لكنتُ طلبت من القوى الأمنيّة الموضوعة مباشرة تحت إمرتي إقفال أبواب المجلس النيابي بعد حضور السادة النوّاب واكتمال النصاب القانوني والشروع بعمليّة انتخاب رئيس البلاد، وذلك لمنعهم من الخروج من القاعة وتعطيل النصاب والحؤول دون وصول المجلس النيابي إلى مبتغاه، الذي قد اؤتُمنَ عليه، وفي حال عدم حصول أيّ مرشح على الأكثريّة القانونيّة المطلوبة لأجريتُ في اليوم ذاته الدورة الانتخابيّة تلو الدورة الانتخابيّة مراراً بفارق نصف ساعة بين الدورة والأخرى، تماماً كما حصل في المجلس النيابي في 18 تموز 1970 برئاسة الرئيس المرحوم صبري حمادة، حيث فاز آنذاك بالرئاسة المرحوم سليمان فرنجيّة بفارق صوت واحد إذ نال خمسين صوتاً من أصل 99 ونال منافسه المرحوم الياس سركيس 49 صوتاً وكان مدعوماً بقوةٍ من النظام الشهابي ومخابراته.

 

2 – لو كنت رئيس مجلس النوّاب لسعيتُ لإشتراع قانونٍ يلزم اللبناني الذي تتوافر فيه الشروط القانونيّة للترشّح لرئاسة البلاد بأن يتقدّم بطلب رسمي الى مكتب مجلس النوّاب يعلن فيه رغبته في الترشّح، وذلك قبل أسبوع على الأقل من بدء سريان مهلة الشهرين التي تسبق نهاية ولاية الرئيس الحالي والواجب ضمنها أن يحصل انتخاب الرئيس العتيد، على أن يُرفق المرشّح بطلبه ضمانة ماليّة لا تقلّ عن خمسين مليون ليرة تُصادر إيراداً للخزينة في حال عدم نيله أقل من عشرة أصوات من الناخبين، وذلك منعاً لتكاثر المرشّحين غير الجدّيين واستقطاب كلّ منهم عدداً، وإن قليلاً من الأصوات، قد يؤدّي عمليّاً إلى استحالة نيل المرشّح الأخر الجدّي نصف الأصوات زائداً واحداً.

 

3 – لو كنت رئيس مجلس النوّاب لسعيت لإشتراع قانون يُعتبر بموجبه مُخلاً بواجبه المقدّس وكأنّه غير موجود فعلاً وساقطٌ من نيابته، كل نائبٍ يقترع بورقة بيضاء أثناء الانتخاب أو الذي ينتخب شخصاً ميتاً أو غير مرشّح، فينتقص عندئذٍ بسببه عدد النوّاب القانوني الحاضرين في المجلس، وتبعاً يُحتسب إذ ذاك النصاب القانوني وأكثريّة النصف زائداً واحداً المطلوبة للفوز على أساس عدد النوّاب الفعلي الذين اقترعوا وفقاً للأصول.

 

4 – أمّا إذا ثابر كثُر من النوّاب مصرّين بألاعيبهم على الحؤول دون انتخاب رئيس للبنان، فمعنى ذلك أنّ لديهم بوضوح خطّة مبيتة لهدمه وإزالته من الوجود وإلغاء ميثاقه الوطني، الذي طالما جمع بين أهله، وهذا يُحتّم عندئذٍ على المتضرّرين من ذلك أن يطالبوا في المقابل بلبنان آخر مختلفٍ بتكوينه، فالأوطان لا تبنى على الغش والخداع أو المجاملة، بل على التاريخ الأكيد والواقع السوسيولوجي الحيّ والصحيح، فوحدها الحقيقة تُنجّي.

السابق
المشنوق وحزب الله
التالي
من تعطيل الرئاسة إلى افتراس الجمهورية