أي تأثير للحرب على الإرهاب في اختيار الرئيس؟

ترتسم يوماً بعد يوم معالم تحالف دولي لمواجهة الإرهاب. ففي الثامن من أيار المقبل، تستضيف بروكسل اجتماعاً للدول الأوروبية المعنية بملف المقاتلين الأجانب المتوافدين من أوروبا للقتال الى جانب مجموعات جهادية متعددة على الأراضي السورية.
ومن المقرر أن يشارك في الاجتماع وفد أميركي، وقادة أمنيون يمثلون بعض دول الجوار السوري، خصوصاً الأردن وتركيا، بالإضافة الى دول عربية أخرى.
سبق ذلك اعلان المستوى الامني الاميركي وكذلك السياسي أن ما يجري في سوريا بات يهدد الامن القومي العالمي، ذلك أن مئات لا بل آلاف المقاتلين المتشددين على أرض سوريا يحملون جنسيات اميركية وأوروبية وهؤلاء سيعودون، اذا ظلوا على قيد الحياة، الى بلدانهم وسيشكلون خطراً على الدول التي يحملون جنسياتها، ناهيك عن قضية أخطر تتوقف عندها معظم هذه الدول.
فالمقاتلون الذين توجّهوا الى سوريا، لم يذهبوا في اطار مبادرات فردية، بل ضمن مسار أمني منظم، وهذا يدلّ على وجود بنية تحتية صلبة لتنظيم «القاعدة» وأخواته، خصوصاً في أوروبا التي تناقش بعض دوائرها الضيقة في السنوات الأخيرة قضية ارتفاع أعداد المسلمين وتناقص المسيحيين، وهو الأمر الذي جعل هذه الدول تتعامل مع ملف الهجرة المسيحية من سوريا والعراق ولبنان وفلسطين، بطريقة مغايرة لخطابها الداعي الى حماية الأقليات في المنطقة وضمان بقائها فيها.
ووفق التقديرات الأمنية الأوروبية، فإن ثمة لوائح اسمية باتت جاهزة لكل المقاتلين الأجانب على أرض سوريا، وبعضها وصل عن طريق قنوات أمنية رسمية سورية، أو عبر جهات إقليمية، بينها شخصيات أمنية لبنانية على تماس مباشر مع هذا الملف.
ولعل التعبير الأوضح عن مستوى النقاش الجاري دولياً، ما رددته مساعدة وزير الخارجية الأميركي السفيرة آن باترسون في شهادتها أمام الأعضاء القياديين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حين قالت «إن منع إقامة ملاذات آمنة ودائمة للإرهابيين هو من ابرز أولوياتنا في سوريا، ونحن نعمل الآن، بالتعاون مع شركائنا وأصدقائنا، لتنظيم أنفسنا بشكل أفضل لمواجهة التحديات المتزايدة التي يمثلها المقاتلون المتشددون والعنيفون في سوريا وتدفق هؤلاء المقاتلين من خارج سوريا… وبالتعاون مع شركائنا، سوف نستخدم الوسائل والتكتيكات وأفضل الممارسات للتصدي لهذه الأخطار المحتملة والبناء على أسس التعاون الراهنة».
وفي دليل مكتوب، عمّم منسق الاتحاد الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل دي كيرشوف أن الميزانيات المخصصة لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي «في طور الانخفاض، ومع ذلك فإن التهديد الذي نواجهه أصبح أكثر تنوعاً، وأكثر انتشاراً وأكثر من ذلك لا يمكن التنبؤ به».
وتقاطع ذلك أيضاً مع إعلان الحكومة البريطانية عن وجود تقارير استخبارية تفيد عن تحضير «القاعدة» ومتفرعاتها لعمليات إرهابية ضد الملكة اليزابيت الثانية وقصر باكنغهام»، ومع إعلان الحكومة البريطانية عن بدء تحقيقاتها في أنشطة جماعة «الأخوان المسلمين» وأفكارها، في مسار بدا مكملا للخطوات التي اتخذتها دول خليجية وخصوصاً قرار وضع «الأخوان» ومجموعات أخرى ضمن قائمة المنظمات الارهابية المحظورة وقرار الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز بسجن كل مواطن سعودي يقاتل خارج المملكة.
كيف ستنعكس مؤشرات التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب على الساحة اللبنانية؟
ثمة من يعتقد ان لبنان سيكون في صلب هذا التحالف، وأن خير دليل على ذلك، قرار تشكيل الحكومة والتوازنات التي حكمتها، وصولاً الى بيانها الوزاري وما أنجز من خطوات أمنية قياسية في الشمال والبقاع، فضلاً عن تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية الخطيرة، خصوصاً المرتبطة بـ«كتائب عبدالله عزام» بشراكة كاملة مع أجهزة أمنية واستخبارية عربية وغربية.
هل يمكن أن ينسحب المشهد على الاستحقاق الرئاسي؟
اذا كان التوجّه الدولي والإقليمي يقضي بملاقاة لبنان عبر رئيسه الجديد لهذا التحالف الدولي ضد الإرهاب، فإن ذلك يقتضي انتخاب رئيس للجمهورية يكون قادراً على مواكبة عملية ضرب الإرهاب في لبنان، وعلى صياغة تفاهم صلب مع القيادة السورية في مواجهة خطر الإرهاب المشترك، وكذلك صياغة تفاهم مع «حزب الله» حول حدود انخراطه لبنانياً في هذه المعركة، بمعزل عن مشاركته في الحرب الجارية على الأرض السورية، وهي المشاركة التي لم تعد تشكل في الأشهر الأخيرة عنصر استفزاز للكثير من العواصم الغربية.
يفضي ذلك إلى استنتاج مفاده أن لبنان مقبل في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية على خيارين مكملين لبعضهما البعض: أولهما، الفراغ في انتظار ارتسام معالم التسوية الإقليمية في سوريا، في غضون سنة على أقل تقدير. وثانيهما، اختيار الشخصية التي تنطبق عليها مواصفات الانتساب الى النادي الإقليمي لمكافحة الإرهاب، والذي يضمّ حتى الآن نوري المالكي في العراق والمشير عبد الفتاح السيسي في مصر…

السابق
ألف عائلة نازحة إلى شبعا
التالي
المشنوق وحزب الله