هل بكَّر الراعي في كشف أوراقه؟

توقفت مصادر سياسية تواكب الإستحقاق الرئاسي باهتمام أمام شكل اللقاء المطوّل مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس الأول ومضمونه. وعلى رغم الملاحظات حول الشكل، تقدّم المضمون على ما عداه. وهو ما دفع الى السؤال: لماذا كشف الراعي عن كامل اوراقه دفعةً واحدة؟ ومَن سيتجاوب مع رغباته ورؤيته للأمور؟

سجَّل المشاهدون للقاء ملاحظات سلبيّة على الشكل الذي اعتُمد في طرح بعض الأسئلة على المرجعية المارونية الأولى في الشرق والعالم ورأوا فيها خروجاً على المألوف.
فأصحاب هذه الملاحظات يعتقدون صادقين أنّ الراعي، لم يدخل يوماً في الزواريب السياسية والنظريات الجامدة والخشبية التي باتت تتحكَّم في توجّهات جزء من اللبنانيين، وخصوصاً عند تأليه فئة منهم لهذا الشخص او هذا الحزب او ذاك النظام وكأنه معصوم عن الخطأ، على رغم اعتقاد فئات أخرى أنّه كان سبباً في جرّ البلاد الى مواقع ومهالك لم يجمع اللبنانيون بعد على اعتبارها انتصاراً او إنجازاً، بمقدار ما كانت في رأي كثيرين وبالاً على البلاد والعباد.والأمر نفسه ينسحب على رؤية فئة من اللبنانيين لمخاطر إنغماس البعض في سوريا والتي جنَّدت لها قوى دولية كبرى اعتى ما تملكه من وسائل المواجهة السياسية والديبلوماسية والمادية والعسكرية، واستدراج لبنان الى مواجهات دموية شبيهة بها.

لكنّ المضمون تغلَّب على كثير من هذه الملاحظات وجعلها في نظر البعض ثانويّة امام ما كشَفه البطريرك من حقائق يمكن أن تُغيّر حقائق عدّة أمام الرأي العام اللبناني على ابواب الإستحقاق الرئاسي.

فالملاحظ هو أنّ الراعي أشار بالفم الملآن إلى مخاوفه من أن يكشف الإستحقاق عورات كثيرة في الجسم السياسي، ويظهر مدى عجز اللبنانيين وقصورهم عن تظهير الصورة الديموقراطية التي يمكن تقديمها إلى الشعب اللبناني قبل المجتمع الدولي، وتأكيد العكس ممّا هو منتظر، فيثبتوا قدرة القادة اللبنانيين على إدارة شؤون البلاد والعباد من دون وصيّ خارجي اعتادوا أن يوفّر لهم المخارج من كل المآزق، وإدارة شؤون الناس بعدما يكون قد انتصر لهذا الفريق او ذاك قياساً بحجم الخدمات التي يمكن أن يؤدّيها هذا الفريق لهذا النظام او هذا الحلف او ذاك.

ومن هنا، فقد ظهر جلياً أنّ البطريرك ألقى الضوء عن كثير ممّا يخشونه، وعن حجم القلق على المستقبل ما لم ينجحوا في انتخاب رئيس جديد للجمهورية في افضل الظروف التي يمكن أن تُعبّر عن قبولهم واستعدادهم لخوض غمار التجربة الديموقراطية بكل أشكال المنافسة الشرعية والمشروعة في سباقهم الى خدمة لبنان من الموقع الأول في الجمهورية.

وهناك مَن أشادوا بصدق الراعي وجرأته في مقاربة الملف الرئاسي والكشف عما يملكه من معطيات جعلته يلقي بأوراقه كاملة من اليوم الأول للإستحقاق الرئاسي، فتعدَّدت الأسئلة لديهم ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مَن سيتجاوب من المرشحين مع رغباته؟ وهل سيوفر أحدهم النصاب الدستوري في جلسة الإنتخاب ما لم يكن مقتنعاً بأنّه بطل الجلسة؟

وهل أنّ ما كشفه من مواقف تطاول الأزمة السورية والمتورطين فيها سيساعد على عبور الإستحقاق بسلام منشود؟ وهل في موقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس من تريّثه في الدعوة الى جلسة كما أرادها البطريرك، ما لم تكن «ناجحة لإنتخاب الرئيس»، ما يؤشّر الى طريقة التعاطي مع رغبات الراعي وهواجسه؟ فهل بكَّر الكردينال في الكشف عن اوراقه والبدائل؟

السابق
ترميم سراي بعلبك بتمويل ايطالي
التالي
خوري: اعلان عون ترشحه لم يبحث بعد