عناصر تؤشر الى الحد من السيارات المفخخة في المرحلة المقبلة

بعد سقوط يبرود، وردت معلومات عن العثور على عدد من السيارات المفخخة التي تحمل لوحات لبنانية في مزرعة داخل بلدة يبرود ، قيل انها مسروقة من لبنان، وتعد للعودة بها الى لبنان بغية تفجيرها بالابرياء.

والكلام عن يبرود في هذا السياق طويل، فعاصمة القلمون شكلت مصدر معاناة كثير من اللبنانيين جراء جعلها مدينة ترسل اليهم شحنات الموت المتفجرة بعد ان حوَّلت تلك المدينة المختلطة الى مصانع تفخخ فيها السيارات المسروقة من لبنان بعد شرائها من عصابات السرقة مع لوحاتها اللبنانية عبر وسطاء لبنانيين في بعض القرى البقاعية، ثم يردونها الى الاراضي اللبنانية بعد تفخيخها داخل مصانع الموت التي بقيت معلنة ومعروفة لشهور خلت على اعتبار انها تخضع لحكم الجماعات المتطرفة.
الآن بعد ان سقطت يبرود، بات السؤال الملح الذي يقرأ في وجوه الجميع، هو:هل يعني ذلك التطور المهم نهاية عهد السيارات المفخخة بالموت على طرق لبنان؟
واذا كانت الاجابة المباشرة على هذا النوع من الاسئلة صعبة، فإن ما يبدو للمراقبين في هذا الصدد بوضوح ان ما حصل من تطورات ميدانية في يبرود لا بد ان ينعكس إيجابا في سياق الحد من السيارات المفخخة المرسلة الى لبنان، باعتبار ان عملية تفخيخ السيارات، وان كانت متاحة في أي مكان آخر، الا ان الراحة التي كان يتمتع بها القائمون بعمليات التفخيخ على الارجح انهم فقدوها في أماكن أخرى قد يحسبون حسابا للمراقبة فيها نتيجة عدم سيطرتهم الكاملة عليها بالشكل الذي كانوا عليه في يبرود، ولم يعودوا بالتالي يتمتعون بالحرية التي كانت لهم في السابق، كما ان الطريق التي كانت السيارات المسروقة من لبنان تسلكها للوصول الى يبرود في النهاية وتعود فتسلكها في طريق العودة الى الاراضي اللبنانية بعد تفخيخها لم تعد مفتوحة كما كانت في السابق نظرا لمرابضة الطرف الاخر عند المناطق الحدودية، اضافة الى اعتبارات أخرى.
اما المؤشرات على انحسار موجة السيارات المفخخة في لبنان عموماً ولا سيما في المناطق التي عانت منها خلال الآونة الاخيرة، فمتعددة تبعا للاجراءات التي اتخذتها أجهزة الدولة اللبنانية بشكل عام، ويتمثل أبرزها في الحواجز التي أقامتها القوى العسكرية والامنية عند كل مداخل الضاحية والمناطق المستهدفة والتي تحولت منذ فترة الى حواجز جدية في كل الاجراءات التي تتخذها والتي باتت أشبه ما يكون بحواجز أمنية عند المعابر من منطقة الى أخرى، وهذا ما يدفع ثمنه المواطنون من أوقاتهم وأعصابهم بشكل يومي لدى الانتظار في طوابير طويلة عند أرتال السيارات المتوقفة على الحواجز تنتظر أدوارها للخضوع للتفتيش، وبذلك يكون المواطنون هم أول من يساهم في الاجراءات الامنية طوعاً.
يضاف الى هذه الاجراءات الوعي العام عند المواطنين والهيئات البلدية في القرى والتيقظ الذان باتا ملازمين لجميع المواطنين تحسبا لأي حركة مثيرة للشبهات ولا سيما في المناطق التي يقطنها متطرفون حتى على الاراضي اللبنانية، بحيث بات معظم المواطنين يعملون طوعاً وفق قاعدة “كل مواطن خفير”، ويتم ابلاغ القوى الامنية عن أي تحرك مشبوه في هذا الصدد.
وبين هذا وذاك ثمة اجراءات غير مرئية وغير ملموسة تتخذها القوى الامنية في معظم القرى والبلدات والاماكن التي تسلط عليها الشبهات في انها قد تكون مكانا يستخدم للتفخيخ او ما شابه ذلك.
كما ان الاجراءات الامنية الرديفة التي تتخذها جهات حزبية محلية في المناطق المستهدفة، والتي تنظر اليها الجهات الامنية الرسمية المسؤولة، على أنها اجراءات مساعدة تتعاون من خلالها فئات شعبية وأهلية محلية، مع الاجراءات الامنية المركزية، تسهم الى حد كبير ايضاً في التضييق على الجهات الارهابية التي تتولى عمليات التفخيخ والتفجير.
المؤشرات والدلائل في هذا المضمار لا تتوقف عند هذا الحد، ولا سيما اذا اضيف اليها وصول بعض أصحاب نظريات “القتل من أجل القتل” الى سقوط نظرياتهم في هذا الصدد، واكتشاف ان كل ذلك لن يغير في مسار الامور سياسياً. لكنا بمجملها وعلى كثرتها لا تؤشر على أن عهد السيارات المفخخة قد انتهى بالكامل، وان كان الامل بذلك قائما.

السابق
ماذا سيحدث أكثر من تمويل جبهة قتال بطريقة إنسانية؟
التالي
احتفال في ثانوية بلال فحص