الثورة السورية .. واللغز الأميركي

أين صارت سوريا بعد ثورة شعبية دخلت عامها الرابع قبل أيّام؟ الاكيد أن سوريا التي عرفناها لم تعد موجودة. كلّ ما يحقّقه النظام من “انتصارات” في يبرود وغير يبرود لا قيمة فعلية له ما دام هذا النظام في حال حرب مع شعبه. هل يمكن لنظام أن ينتصر على شعبه وأن يعتبر ذلك انتصارا يستمدّ منه شرعية لم يتمكن يوما من الحصول عليها؟ هناك بكل بساطة نظام انتهى، لكنّه يصر على أن تعني نهايته نهاية سوريا. هذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجه الشعب السوري الذي يبدو أن عليه في الوقت ذاته مواجهة مجموعة من التحديات الاخرى على جبهات عدة. لم تعد مشكلة الشعب السوري مع نظام يريد اذلاله ولا يؤمن سوى بالقمع فحسب، عليه أيضا خوض حرب مع ايران وروسيا، فضلا عن ادارة أميركية تعتقد أن الانتهاء من البلد هدف في حدّ ذاته. في كلّ الاحوال، يبدو أن النظام السوري قرأ جيّدا الرسالة الاميركية التي تلت التراجع عن توجيه ضربة قويّة له، حتى لو كانت محدودة، بعد استخدامه السلاح الكيميائي في حربه على شعبه.. في ظلّ التخاذل الاميركي الذي لا يتمثّل في التغاضي عن جرائم النظام فحسب، بل يشمل أيضا التفاوض مع ايران في شأن ملفها النووي بدل التركيز على ما تفعله في سوريا ولبنان وأماكن أخرى، لم يعد ما يمنع النظام السوري من التأكيد أنّه لا يتقن سوى لعبة واحدة. انها لعبة التهديد والابتزاز التي يدفع ثمنها هذه الايّام الشعب السوري نفسه بعدما دفع اللبنانيون في الماضي ثمنا غاليا.. كيف يمكن لاميركا أن تتفرّج على ما يمكن اعتباره التطور الأخطر في الشرق الاوسط في السنوات العشر الماضية. يتمثّل هذا التطوّر بقرار “حزب الله” القاضي بزجّ نفسه، بناء على طلب ايراني، في الحرب على الشعب السوري؟.. انّه بالفعل لغز أميركي يسمح لنظام لا يمتلك أي شرعية من أي نوع كان بمتابعة مجازره… والبحث في الوقت ذاته عن شرعية. هل من شرعية يمكن أن توفّرها المجازر وآخرها ما ارتكبه النظام بدعم ايراني في يبرود؟!

السابق
المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان دانت عقوبة المؤبد بحق اوجلان
التالي
الشام تبكي إبنها وفيق الزعيم في يوم وداعه