سليمان: علينا جميعا الاعتذار من الشعب لأننا لم ننفذ مقررات الحوار

الرئيس ميشال سليمان

القى رئيس الجمهورية الكلمة الآتية: “تناول الخبر الاعلامي اليوم موضوع اطلاق اللامركزية، وفي الواقع ما من فرق كبير بين اللامركزية والامتياز، اذا ما أردنا الكلام عن الامتياز حيث يمكن ان تكون اللامركزية امتيازا كبيرا يشجع مختلف القطاعات الاقتصادية من مختلف النواحي اضافة الى القطاعات الادارية. ان هذه الجائزة تمنح للمرة الثالثة في لبنان في القصر الجمهوري. والمناسبة اليوم ترتدي طابعا خاصا لجهة التوقيت والمكان والمضمون.
فبالنسبة الى التوقيت، إن 15 آذار يصادف اليوم العالمي للمستهلك، ومن المستحسن أن تكون هذه المناسبة، او في اطارها، موعدا دائما لتسليم هذه الجائزة، ذلك ان جائزة الامتياز ستؤول الى المستهلك بالنتيجة وهو الذي سيحصد نتائجها. ومن الانشطة التي يتضمنها هذا اليوم العالمي: التضامن بين المستهلكين بالدرجة الاولى بدعم من المنظمات الدولية من خلال التشديد على بعض إحترام الحقوق الاساسية للمستهلك والحد من استغلال السوق وتعزيز العدالة الاجتماعية او بالاحرى تخفيض اللاعدالة، اضافة الى الحفاظ على حقوق المستهلك وابرزها السلامة، واختيار السلعة والمعرفة وابداء الرأي والتعويض عليه في حال الضرر، الى اشباع حاجاته الاساسية والتثقيف والعيش في بيئة صحية سليمة”.

أضاف رئيس الجمهورية: “في لبنان، أقامت وزارة الاقتصاد تحت رعايتها ندوة عام 2011 في الجامعة الاميركية حول سلامة المأكولات. ولا شك في ان ندوات مماثلة تستجلب المحاسبة والمراقبة والردع عن ارتكاب الاخطاء، كتسميم المواطنين او ايقاع الضرر بهم. وفي العام 2013 نظمت وزارة الزراعة بالتعاون مع جامعة الروح القدس-الكسليك ندوة للمستهلكين الشباب حول حقوقهم وواجباتهم، وفي العام الحالي تنظم وزارة الاقتصاد والتجارة بالتعاون مع اتحاد غرف التجارة والصناعة مسابقة حول تصميم ملصق للرقم 1739 وهو الخط الساخن لمديرية حماية المستهلك، بالتعاون مع الجامعات اللبنانية.

ولجهة التوقيت ايضا، لا بد من الاشارة الى انه يتم حاليا صوغ البيان الوزاري، وقد ذكرت منذ نحو اسبوع ان هذا البيان يجب ان يكتب بحبر الوفاق الوطني اي بالحبر ذاته الذي كتب به اعلان بعبدا. وهذه القاعة بالذات تقرر فيها اعلان بعبدا، وقرارات الاعلان معلقة على مدخلها. وهي ايضا قاعة 22 تشرين الثاني، قاعة الاستقلال في القصر الجمهوري، واعلان بعبدا في ميثاقيته يخدم الميثاق الوطني والاستقلال ويتطابق معهما. ان هذه الرمزية مهمة جدا لكن، ويا للأسف، نحن لم نحترم ما اتفقنا عليه لا في المجلس النيابي عندما انشأنا هيئة الحوار وكان اسمها طاولة الحوار، ولا في رئاسة الجمهورية حيث لم نحترم ايضا ما اتفقنا عليه، مع اهمية ما تم الاتفاق بشأنه. من هنا علينا كمسؤولين لبنانيين، جميعا، الاعتذار من الشعب اللبناني، لأنه قبِل بكل شيء منا، فكنا نجتمع ونتوافق وهو يصفق لذلك، لكننا لم ننفذ مقررات الحوار. وفي الخلاصة علي ان اقول انه في الانظمة الديموقراطية، الاهم هو قبول النتائج، فعندما يجرى اي انتخاب يجب القبول بنتائجه، وكذلك الامر اذا ما وضعنا معايير معينة فعلينا ان نقبل بها لا ان نسير بها اذا ما اعطتنا نتائج لمصلحتنا، ونتنكر لها في حال العكس.

من هنا فإن الاهم يبقى ان ننفذ ما نتوافق عليه. واكر القول انه في المجلس النيابي جرى الكلام عن المحكمة الخاصة بلبنان، ويا للأسف تعثرت، ولكن امرها استكمل في الخارج، وهذا امر لا يجوز. كذلك تم الكلام عن ترسيم الحدود، والسلاح خارج المخيمات ولم ينفذ اي امر بشأنهما. ربما لسنا لوحدنا مسؤولين عن الامر الذي يتعلق بأطراف اخرى، لكننا لم نبذل الجهد الكافي مع الاطراف التي باستطاعتنا ان نمون عليها، وربما كان في استطاعتنا ان نلزمها السير بما توافقنا عليه ولم نفعل.

والمقرر الاخير يتعلق بإعلان بعبدا الذي تعرض لتراجع البعض عن تأييده، واهميته تتعلق بموضوع لقاءنا اليوم. فالجائزة التي نحتفل بها اليوم هدفها تحفيز النمو الاقتصادي، والبند 7 من اعلان بعبدا يتحدث عن وضع خطة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي في كافة المناطق اللبنانية، كما وان هذا الاعلان كان السبب الاساس في تشكيل مجموعة الدعم الدولية لدعم لبنان التي انعقدت في نيويورك في 25 ايلول الماضي ومن ثم في باريس في 5 آذار والتي صدر عقبها نتائج مهمة للبنان. ومن لا يريد الاعتراف بأهمية هذه النتائج يكون مساهما في افشال مقررات هذه المجموعة الدولية التي حضرها اكبر ممثلي العالم، والاهم فيها تمثل في تبني السياسة اللبنانية والتركيبة اللبنانية والنظام اللبناني اضافة الى دعم الاقتصاد والجيش اللبناني ومساعدة لبنان لإدارة شأن النازحين السوريين، الى انشاء صندوق ائتماني تُدفع فيه هبات لإعادة بناء المؤسسات اللبنانية التي تضررت من جراء الازمة السورية، بصرف النظر عن المهجرين واللاجئين، بنحو 7 مليارات دولار”.

وقال الرئيس سليمان: “ان هذا الامر في حاجة الى آلية للمتابعة، وعلى الحكومات المقبلة ان تلاحقه وتسعى الى تكوين دعم لتأمين الهبات. نحن لم نذهب الى فرنسا لنحمل السلة ونجمع المال ومن تصور ذلك فهو مخطئ، ولكن ايضا فإن مبلغ 3 مليارات دولار هبة للجيش اللبناني امر يتلاقى مع اهداف المجموعة الدولية وخلاصاتها. وهي اكبر مساعدة ترد الى الجيش اللبناني حتى تاريخه منذ الاستقلال الى اليوم، وهي ثمرة العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ولبنان ولكن بغطاء دولي كبير سمح بتسليح الجيش اللبناني، وما من احد يمكنه ان يقول بعد اليوم انه لن يعطي صاروخا مضادا للطائرات الى الجيش لئلا يقع في ايدي ارهابيين او منظمات او ميليشيات لإطلاقها فيما بعد على اسرائيل. هذه كانت حتى اليوم الذريعة القائمة والتي لم تعد موجودة. لكن اذا ما قصرنا ولم نستفد من ذلك فالحق يكون علينا. ان الامر ليس بالصعوبة اذ على الحكومات ان تشكل لجانا للمتابعة وتقوم بالاتصالات اللازمة عبر السفراء والمنظمات وتلتقي بمسؤولين في الخارج وفي بلدان الاغتراب وتشجع على المساهمة في الصندوق.
هذا في ما يتعلق برمزية هذا المكان الذي جرى فيه اعلان مهم ومفيد للبنان وامنه وسياسته واقتصاده. ومن لا يعتبره الآن مفيدا سوف يعرف فائدته ويدرك ضرورته لاحقا. ومع الصبر يتم تحقيق كل امر”.

أضاف: “أما لناحية المضمون، فالهدف من هذه الجائزة هو تعميق ثقافة الجودة والامتياز التي لها مردود كبير على الاقتصاد بشكل عام ومعدلات النمو بشكل خاص. من هنا وجوب وضع استراتيجية شاملة تطاول القطاع الخاص والعام معا تتضمن الاهداف الآتية: الكفاءة في الادارة، وفي التعيينات. وقد وضعنا لها آلية الا انها تعرضت لبعض العراقيل لكنني لم اقبل بأي تعيين الا من ضمنها. وقد تحدثت في مجلس الوزراء على ان الوزارات لا تقوم على المستشارين ولكن الوزير يرتكز عليهم، فالوزارات ترتكز على الادارة والمستشار لا يمكن ان يصبح هو الوزير ويأمر المدراء ورؤساء المصالح والدوائر. انا لدي خبرة كبرى في الادارة واعرف كم ان هذا الامر يعطل هيبة الوزير وهيبة الوزارة ويمنع الاندفاع وانتماء الموظفين لوزارتهم. من هنا يجب على هيكلية الادارة ان تلعب دورها، وعندما نريد تعيين موظف، علينا اللجوء اليها. واعطيكم مثالا على ذلك انه عندما اردنا تعيين قائمقامين، طالبت كل جهة بتعيين قائمقام من خارج وزارة الداخلية ولم اقبل بذلك، فبقي الموجودون بالوكالة كي يعرف الموظف في الادارة انه بإمكانه ان يصل فيعمل بجهد لبلوغ هذا الهدف. من هنا على الوزراء ان يهتموا بمسألة الاستقرار الاداري. كذلك يجب هيكلة المعاملات الادارية والضريبية لتشجيع الاستثمار واعتماد مفهوم الحكومة الالكترونية والشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث هناك اشكال يقوم على معرفة ما اذا كان المشروع المحول بهذا الخصوص الى المجلس النيابي قد تم تحويله بشكل قانوني او لا. وهناك مشروع آخر بخصوصه في مجلس الوزراء حصل بشأنه خلاف على جنس الملائكة”.

وأكد أنه “يجب تعزيز قطاع الاتصالات واطلاق اللامركزية الادارية، ونأمل أن ينهي رئيس اللجنة وضعه في خلال الاسبوعين المقبلين لنقوم بإطلاقه، وإكساب الاقتصاد الميزات التفاضلية والتنافسية وتوسيع هذا الموضوع الى المنظمات غير الحكومية والقطاع العام، حتى الصناعات الحرفية يجب ان تتطابق مع المواصفات العالمية من الآن فصاعدا، مع المحافظة على ميزاتها، وتحفيز القطاعات الاقتصادية المنتجة وتحديد الافضليات كعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعي”.

اضاف: “أما الامتياز الاكبر فيبقى النفط الذي يجب التنبه اليه، فهو ثروة لبنان المدفونة والذي يجب علينا عدم الخجل من استخدامه. واسرع بالقول ان ادارة موضوع النفط حتى الآن جيدة جدا كي لا نشكك ببعضنا من دون طائل. ان ادارة عملية النفط هي جيدة جدا وآمل في ان تتواصل كذلك. يجب فقط تحسين موضوع الهيئة الناظمة المعينة لأنه تم سلخ الكثير من صلاحياتها. فكلما كانت صلاحياتها اقوى كلما كان الامر افضل، وهي تم تعيينها على اساس الكفاءة وتقوم بعمل جيد. وعندما يسأل احدهم: “هل تحرز ان نغير الوزير على شهر”؟ يكون الجواب ان هناك مديرا عاما الى جانب الهيئة الناظمة الذين عليهم العمل لتأمين الاستقرار. وقطاع النفط يجب ان يعتمد على مبادئ مهمة ابرزها: انشاء شركة وطنية للنفط وهو امر ضروري، ابعاد النفط عن الساحة السياسية والحملات الانتخابية، وهو ما دمر بعض الدول. لقد زرت ساحل العاج حيث تم اكتشاف كميات كبرى من النفط لكن المسؤولين هناك كانوا شديدي الحرص والحذر من استخراجه وهذا ما نعيشه حاليا تقريبا”.

واردف: “من المبادىء أيضا، دمج قطاع النفط باقتصاد الدولة، إذ لا يجوز صرف الاهتمام فقط بموضوع النفط من دون المواضيع الأخرى. وقد ذكر لي رئيس ساحل العاج أنهم لا يستخرجون كل الثروة النفطية لئلا يتم قتل القطاعات الاقتصادية الاخرى. من هنا وجوب المحافظة على اقتصادنا والعمل على نموه مع انماء قطاع النفط. وهذا يتطلب ايجاد التكنولوجيا الضرورية له تدريجا، ومن هنا قولنا بعدم وجوب تلزيم 4 او 10 بلوكات، فإذا ما استطعنا تلزيم بلوك واحد بداية يكون الامر افضل. انا لست خبيرا بذلك، لكنني استدعيت خبراء من الخارج واستمعت اليهم بدقة، ووزارة النفط استمعت الى خبراء كذلك ولديها المعلومات عينها”.

وقال سليمان: “علينا ايضا عدم الاعتماد على شركة واحدة، وعلى الايرادات النفطية الا تتجاوز 30 في المئة من الناتج المحلي، وعلينا ان نضبطها، ذلك انه اذا فاقت الايرادات النفطية هذا المعدل يتم الحاق ضرر بالاقتصاد، الى ذلك، على نسبة استخدام العائدات السنوي الا تتخطى 4 في المئة. وهذه بالنتيجة ثروة من تحت الارض اعطانا اياها الله وعلى المواطنين ان يستفيدوا منها بشفافية ويعرفوا كيف تصرف عائدتها”.

وأكد أن “للبنان امتيازا كبيرا في قدرته على الاستعداد لتذليل العقبات والانطلاق بسرعة مجددا، ويتم الآن الكلام على نسبة نمو بحدود 4 في المئة في حال الاستقرار السياسي الذي يظهر وطيدا مع الاستحقاقات التي نتكلم عنها، فإذا ما خف السجال السياسي فهو يفيد أكثر من جائزة الاميتاز. واذا ما تم اقرار البيان الوزاري فإنه سيخدم النمو بشكل جيد”.

وختم: “إنني شاكر لكل الذين بذلوا جهودا لمتابعة تقليد منح هذه الجائزة، ومن بينهم وزارة الاقتصاد والتجارة والاتحاد الاوروبي ولجنة الحكام والفاعليات الاقتصادية من نقابات وغرف تجارة واصحاب مؤسسات مصرفية وخدماتية وجمعية الصناعيين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي. وأهنئ من فاز بهذه الجائزة مثنيا على روح المبادرة لديهم ولدى مؤسساتهم وهي منتشرة في مختلف البلدان وتحمل اسم لبنان. في المرة الاولى لمنح هذه الجائزة كان العدد يبلغ 25 مؤسسة وفي المرة الثانية وصل الى 34، واليوم نحن امام 30 مؤسسة. اننا اكثر من المرة الاولى الا اننا تراجعنا عن المرة الثانية وطموحنا ان نصل الى 100، وعلينا ان نعرف اسماء المؤسسات التي تعرض بضاعتها لأنها تجرؤ على المشاركة في المنافسة وهي اكيدة من تميزها وراغبة في المنافسة.”

السابق
التعرف إلى جثة أحد الذين قتلوا في عبرا
التالي
ايران وصفت بالمهزلة عرض اسرائيل لاسلحة تقول ان طهران ارسلتها الى غزة