علي فياض: المطلوب تيار يجمع بين المقاومة والديمقراطية

علي فياض

قدم النائب الدكتورعلي فياض اطروحة جديدة له لمعالجة الازمة العربية والاسلامية الحالية  وتضمن دعوة صريحة لتبني الديمقراطية المقاومة والتزام الاسلاميين بالديمقراطية دون اي تردد، كما راهن على قيام تحالف تركي-ايراني يخفف من اجواء الفتنة المذهبية، واعلن فياض ان هذه الاطروحة هي استكمال لاطروحته السابقة لقيام وستفاليا عربية-اسلامية لجراء مصالحة شاملة في المنطقة في ظل تراجع الدور الاميركي، مواقف فياض جاءت في إطار “منتدى الأربعاء” الحواري  الذي استضافته مؤسسة الإمام الحكيم في منطقة بئر حسن في حوار حول “المسألة العربية المعاصرة: تهديدات وتحديات”. وقد حضر اللقاء حشد من الشخصيات وأساتذة الجامعات وعلماء الدين..

وقدّم اللقاء المحامي بلال الحسيني الذي قدّم صورة بانوراما للتطورات العالمية والإقليمية وانعكاساتها على الوضع العربي وخصوصاً بعد “الثورات العربية” التي تواجه اليوم تحديات وأزمات متعددة. وسأل الحسيني عن القضية الفلسطينية ومآلها وما تواجهه من مؤامرات وتسويات.

وتحدث النائب الدكتور علي فياض ومما قاله:

نحن نعيش في مرحلة لم يعد يسعنا أن نطل على الواقع السياسي الإقليمي أو المحلي دون الإطلالة على الواقع الإسلامي والوضع الدولي.

وإذا أردنا أن نعالج “المسألة العربية المعاصرة” فهناك جانبان:

الأول يتصل بالتحديات الفكرية والاجتماعية والسياسات العامة.

والثاني يتصل بالتصورات الاستراتيجية السياسية، وهذا الجانب مهم وقد تحدثت عنه سابقاً حيث دعوت إلى ما يشبه “وستفاليا عربية إسلامية” (ووستفاليا هي الاتفاقية التي عالجت الواقع الأوروبي بعد الحروب الدينية) وذكرت  سابقا أنه يمكن إنشاء نظام عربي ـ إسلامي جديد في ظل تراجع الدور الأمريكي وتعاظم الدور الشعبي. ويهدف هذا التصور لإقامة نظام إقليمي عربي ـ إسلامي جديد يرعى مصالح جميع الدول والفئات ولمنع حصول حرب دينية ـ مذهبية تمتد لثلاثين عاماً.

وأنا اليوم لن أعود للحديث عن هذا المشروع الذي طرحته قبل عام نظراً لحصول تطورات ومتغيرات عديدة، ولذا سوف أركز اليوم عل الجوانب السياسية المباشرة والتطورات الحاصلة في ظل رفض بعض القوى الأساسية الدخول في تسويات واتفاقيات.. والسؤال المطروح: ما هو الحل للمأزق العربي ـ الإسلامي اليوم؟. ومن هي الدول الأساسية التي يمكن أـن تلعب دوراً أساسياً في إطار الحل؟.. برأيي أن تركيا وإيران قد تلعبان دوراً مهماً في إعادة صياغة المنطقة مجدداً نظراً لظروف وأوضاع هاتين الدولتين الإقليميتين.

وما يجري في تركيا اليوم مهم جداً لأنه يهدف للتأثير على سياسات رجب طيب أردوغان، ولكن إذا لم يحصل تحول أساسي في سياسة تركيا تجاه سوريا لا يمكن أن نشهد اتفاقاً إيرانياً ـ تركياً جديداً.

وأضاف فياض: لقد سبق لي أن نشرت دراسة حول الثورات العربية والآمال التي وضعت حولها، ولكن اليوم سأتحدث عن الخيبات من هذه الثورات والحديث عن الخيبات يهدف للبحث عن آفاق جديدة للحل وليس لذم هذه الثورات.

نحن اليوم أمام تحولات زلزالية غامضة ومكثفة واستراتيجية مما يجعل المنطقة العربية أمام متغيرات عديدة خلال فترة قصيرة.

ولذلك المنطقة كلها على المحك ليس كأنظمة ودول بل كذلك على صعيد الأفكار والرؤى السياسة والاجتماعية.

ويمكن تسجيل الملاحظات التالية: يوجد اليوم 3 ضحايا كبرى وهم: الإسلام والديمقراطية وفلسطين.

ومناخ الاضطراب القائم ترك تأثيرات على هذه القضايا الأساسية والتي تشكل جوهر التحديات المعاصرة.

فهناك صعود للتيارات التكفيرية وهيمنة للمجموعات الإقصائية وتراجع التنمية وازدياد الصراعات القبلية والجمهورية.

لقد أخفق الإسلاميون في مصر، لكن ردة الفعل عليهم أدى لدخول مصر إلى نفق خطير وتعاني مصر من أزمة كبرى، وليبيا غارقة في صراعات قبلية وجهوية وتشكل بؤرة لإطلاق التيارات الدينية المتطرفة. أما اليمن فيواجه أزمة سياسية وهناك اتفاق للتحول إلى بلد فيدرالي لكن هناك خوف على هذا البلد.

وتونس البلد الوحيد الذي يعيش نوعاً من الاستقرار السياسي رغم كل الاضطرابات والمشاكل. ونجاح تونس في الانتقال الديمقراطي وجود تحالف متنوع في السلطة ووجود حركة إسلامية منفتحة.

أما سوريا فقد تحولت إلى مساحة للصراع الأساسي بين محور المقاومة وحلفائها والمحور المدعوم من أمريكا، وهي تعاني من التدمير للدولة والمجتمع، وأصبحت بؤرة للتيارات المسلحة.

ويعاني لبنان من انقسام سياسي كبير ولا يوجد أفق للإصلاحات والسعي للاستقرار السياسي.

وأضاف فياض: في ظل هذا الواقع العربي الصعب نشهد عدة مؤشرات:

1.صعود التيارات التكفيرية ويشمل كل المنطقة، مما أساء لصورة الإسلام عالمياً ووضع الحركات الإسلامية أمام المسائلة، وباتت الأغلبية العامة من الرأي العام العربي الإسلامي مصدومة مما يجري. وسيكون لذلك تأثيرات مهمة على الصعيد الاجتماعي ومنها نفور الناس من الإسلام والتدين والإسلاميين(كما حصل في الجزائر في تسعينات القرن الماضي).

وقد يؤدي ذلك للابتعاد على التيارات الإسلامية أو بروز تيار إسلامي معتدل، أو ذهاب المجتمعات العربية إلى حالة من الإحباط واليأس.. ويضاف لذلك إخفاق تجربة الأخوان المسلمين في الحكم في مصر، مما أثر على دور حركات الأخوان في كل الدول العربية. وأصبحنا أمام أسئلة عديدة حول علاقة الإسلام بالتعددية والدولة والمجتمع.

2.إشكالية الديمقراطية: فقد أصيبت الديمقراطية في العالم العربي بتشوهات عديدة، والمسار الديمقراطي أوجد تيارات غير ديمقراطية، وتم تغذية النزاعات الانفصالية وتراجع النمو الاقتصادي والاجتماعي. وقد أدى ذلك إلى طرح أسئلة عديدة حول عدم استعداد مجتمعاتنا لتطبيق الديمقراطية.

وأنا أطرح في هذا المجال سؤالاً أساسياً حول علاقة الإسلاميين بالديمقراطية. فلا يجوز أن تقتصر الديقراطية على النخب وبعض القوى المحدودة، وإذا لم يحمل الإسلاميون خيار الديمقراطية بشكل حقيقي فسنكون أمام أزمة كبرى.. وإذا كان الإسلاميون عاجزين عن تطبيق مشروعهم أو إقامة الدولة الإسلامية، فلماذا لا تتجه الحركات الإسلامية لاعتماد خيار الديمقراطية بشكل حقيقي وليس كجسر للعبور إلى السلطة فقط.

3.على صعيد القضية الفلسطينية، فقد أصيبت هذه القضية بانعكاسات سلبية كبيرة بعد الثورات العربية، وارتكبت بعض الحركات الإسلامية أخطاء عديدة بعدم إعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية.

ويضاف ذلك دخول بعض قوى المقاومة في الصراعات السياسية مما انعكس سلباً على دورها.

والمطلوب من القوى السياسية والحزبية أن تبقى وفية للمقاومة وأن لا تكون هذه القضية في واقع إشكالي.

وكانت بعض التوقعات السياسية تعتبر أنه بعد الثورات العربية ستتشكل بيئة جديدة ضد الكيان الصهيوني، لكن للأسف حصل العكس.

وتابع الدكتور فياض: أما ما نخلص إليه من العرض السلبق هو وجود تحديات كبرى أمام العالم العربي والإسلامي، وهناك قضايا أساسية تواجه مشكلات عديدة وخصوصاً الإسلام والديمقراطية والقضية الفلسطينية وكل ذلك يحتاج لرؤية سياسية جديدة لإنقاذ هذه القضايا. وهذه القضايا الكبرى مترابطة فيما بينها وتحتاج لإعادة تصويب للنظر غليها.

وعلى ضوء ما يجري نحتاج إلى تيار إسلامي عقلاني وإلى مقاومة حقيقية وتيار شعبي ديمقراطي قوي، ولم يعد من الممكن الفصل بين كل هذه القضايا.

ونحن نحتاج للدمج بين الإسلام الحركي والديقمراطية والمقاومة. ونحتاج إلى ديمقراطيات مقاومة ولا يجوز أن توضع الديمقراطية في مواجهة المقاومة، وعلينا القبول بالتعددية وتداول السلطة وحماية التنوع القائم وبذلك نحفظ الإسلام والمقاومة.

وإذا لم تتبنَ الحركات الإسلامية للديمقراطية بشكل حقيقي فستواجه الديمقراطية أزمة كبرى.

السابق
هل من علاقة حب بين هيفا وحسن الرداد؟
التالي
التيار الاسعدي : نأمل ان تؤدي الاتصالات للافراج عن البيان الوزاري