اللبنانيون في اسرائيل بين الحنين والبحث عن مستقبل افضل

انطوان لحد وبنيامين نتنياهو

يعيش اليوم في إسرائيل اكثر من ثلاثة الاف لبناني، يتمركزون في شمال الدولة، اغلبيتهم في مدينة نهاريا الحدودية. هؤلاء اللبنانيون دخلوا إلى إسرائيل بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، تطبيقا للقرار الدولي رقم 425، وهم بأكثريتهم الساحقة من عناصر جيش لبنان الجنوبي وعائلاتهم. (…)
لا يزال هؤلاء اللبنانيون يعيشون وفق حضارتهم وعاداتهم، متمسكين بهويتهم، محاولين استكمال الحياة رغم صعوبة الواقع المفروض ” اربعة عشر عاما، ونحن نصارع البقاء معنوياً، ليس من السهل بعد “نضال” استمر عقود من الزمن، من اجل قضية، ان تقتلع من ارضك ويسدل الستار بسهولة عن تاريخ جبل بالدماء “، قال ابو سمير بحرقة، وهو ضابط سابق في “الجنوبي” وفي سؤال عن المسؤول عن واقعهم؛ اسرائيل، الدولة اللبنانية او حزب الله اجاب: ” الكل يتحمل المسؤولية… نحن دفعنا ثمن تسوية دولية ومصالح خاصة للاسف”

اتشعرون بالندم؟ سؤال اخر طرحناه، محاولين الولوج الى اعماق تفكيرهم فاجاب ريمون وهو من خدم في صفوف “الجنوبي” لاكثر من ثلاثين عاما ” ابدا!! عندما حملنا السلاح كان هو الخيار الاخير لمواجهة مشروع الفلسطيننين والدولة البديلة ومشروع دولة الفقيه برعاية حزب الله، نحن فخورون بماضينا .

شادي أ قال:” حملنا السلاح بشرف، وما حذرنا منه طيلة ثلاثين عاما، وصل اليه لبنان… كنا اول من فضح المشروع الفلسطيني واول من واجه ارهاب حزب الله، لم تعِِ الدولة اللبنانية ما فعلت، اتهمتنا بالعمالة(..) .

(…) يبادرنا نبيل قائلا: “طبعا هناك غضب! غضب على الدولة اللبنانية التي باعت شعبها اكراما لمصالح دول اقليمية، غضب على حكومة باراك التي لم تحترم حلف الدم والمصير المشترك الذي جمع الجيش الجنوبي بجيش (اسرائيل) ” .

ليؤكد : “نحن نحترم الشعب الاسرائيلي، ونكن له كل التقدير، علاقتنا به عميقة، يجمعنا به التاريخ والحلم المشترك؛ اي السلام… ومن اجله صغنا حلف الدم معه(..) هو ايضا دفع ثمن سياسة باراك الفاشلة التي انعكست سلبا على دولة اسرائيل، والمفارقة ان الاغلبية من الشعب، دائما تعتذر منا على ما اقترفته حكومتها بحقنا” .

شكل دخول عناصر جيش لبنان الجنوبي عام 2000، وغيرهم من سكان المنطقة الحدودية الى اسرائيل، ظاهرة اكبر لجوء انذاك، وضع الدولة الاسرائيلية في حالة بلبلة حول كيفية استيعابهم، لتشرع حدودها فيما بعد امام اكثر من ثمانية الاف لاجئ.

يستعيد نمر هذه اللحظات قائلا؛ “عبرنا الحدود وايقنا ان الستار اسدل على تاريخ من المعارك والحروب ودخلنا اسرائيل في رحلة نحو المجهول، مزقنا الالم والحرقة على فراق عائلاتنا وقرانا ووطنا، فحضتنا هذه الدولة وعاملتنا اسوة بمواطينيها، هنا تشعر انك انسان وبالتالي تعي اهمية قيمة الانسان ”

الامتنان لدولة اسرائيل لم يخفِ عتبا على سياسة حكوماتها تجاه ملفهم الذي لا يزال عالقا في اروقة الدوائر الحكومية دون حل نهائي.

وعن هذا يحدثنا سعيد:” عندما دخلنا اسرائيل، دخلناها كجسم واحد، وفي السنة الاولى كان لنا مرجع واحد، حتى اتخذ القرار بتقسيم هذا الجسم الى قسمين، الاول ، يتمثل بضباط وكبار القياديين في الجيش والذين احيلوا الى وزارة الدفاع، متمتعين بامتيازات شتى اهمها امتلاك دور خاصة بهم، ويقدر عددهم بـ250 عائلة، فيما احيل القسم الثاني، الذي يضم 470 عائلة، وهم من الجنود، الى وزارة الاستيعاب التي تعنى بشؤون القادمين الجدد، لا امتيازات لهم وبالتالي عليهم ان يؤمنوا مسكنهم ومستلزمات عيشهم بمفردهم” .

ويضيف سعيد:” هذا القرار كان ظالما وغير منطقي، حتى شخصيات سياسية اسرائيلية اعترفت بذلك، معتبرة هذا الملف صيغ بصورة غير عادلة وبانه بمثابة معضلة”

اما اليأس فكان له مداخلة حول هذا الموضوع قائلا: “الصعوبة تكمن في عدم قدرتنا على الاندماج في سوق العمل، فالمعدل الوسطي لعمر عناصر الجنوبي يتخطى الخمسين عاما، كما ان واقع الحروب الذي عشناه حال دون تعلم مهنة، ضف الى صعوبة اتقاننا اللغة العبرية…كلها عوامل تعبر عن المأزق الذي نحن فيه نتيجة هذا القرار “.

رغم مرور اكثر من عشر سنوات على القرار الا ان عناصر “الجنوبي”، يقول نقولا: “لا نريد ان نكون متساووين 100% بالضباط، ولكن هناك خطوط عريضة لا بد من اعتمادها ان تكون.. وزارة الدفاع مرجعنا وبالتالي تأمين دور سكن لكل عائلة (…)

وبين عتب وغضب الجيل الاول يبرز الجيل الثاني الذي يبدو اكثر استقرارا وتصالحا مع واقعه

وهنا تقول نادين ابنة السادسة عشر ربيعا : “انا لبنانية اولا واخيرا وايضا اسرائيلية، كبرت هنا، ترعرعت هنا.. واشعر بالانتماء الى المكان الذي انا فيه”.

بين الهوية اللبنانية والهوية الاسرائيلية مصالحة يعكسها ابناء جيش لبنان الجنوبي، كانت جلية اكثر في سؤال استفزازي، نوعا ما، طرحناه على جورج ابن العشرين ربيعا؛ من تفضل لبنان او اسرائيل ؟

فكانت الاجابة: “اجيبك على السؤال، حين تقول لي ايهما تفضل عينيك اليمنى او اليسرى؟ “.

في المدارس اليهودية يتلقى ابناء “الجنوبي” تعليمهم، يتفاعلون مع الحضارة الاسرائيلية واعيادها الدينية والوطنية، ولكن دون الغاء للثقافة اللبنانية، وعن هذا الموضوع حدثتنا نوال المسؤولة عن نشاطات الشبيبة اللبنانية: “نحن متمسكون بثقافتنا اللبنانية، ونحاول قدر الامكان زرعها في الاجيال الصاعدة عبر لقاءات ونشاطات اسبوعية، تتم بمعظمها برعاية كاهن رعية الجالية اللبنانية، لقد استطعنا خلق نوع من الكيان المستقل، اقله دينيا، فلنا رعيتنا الخاصة التي تعرف برعية “مار بطرس وبولس الللبنانية” ولنا ايضا كنائسنا الخاصة في عكا وطبريا… حتى كاهننا لبناني، فنحن نربي جيلا فيه من اللبنانية اصالته مع احترام الحضارة الاسرائيلية والعيش فيها دون ان يمحي كيانه الحضاري..والحمدلله بالامكان القول اننا نجحنا “.

(…) تبادرنا كاسندرا وهي فتاة تطمح الى حمل لقب ملكة جمال اسرائيل يوما :” الوطن ليس بمكان جغرافي بل هو شيئ تشعر به وتعيشه، حلمي ان اصل الى لقب ملكة جمال اسرائيل، عند اصبح مستعدة، اللقب ليس هدفي بقدر ما الرسالة هي غايتي، وتتمحور : فتاة لبنانية تمثل الجمال الاسرائيلي وبهذا اعكس حقيقة شعبي وحقيقة الدولة حيث اعيش”.

(…)

السابق
استقالة المعلقين الرياضيين محمد سعيد الكعبي وفارس عوض من «الجزيره »
التالي
اشتون تشكك في احتمال توقيع اتفاق شامل حول البرنامج النووي الايراني