المجتمع يريدها poupee!!

الظلم الواقع على نسائنا ظلم مزدوج. رغم ان الامومة التي منحها اياها الله نعمة لا تعوّض. الا ان الظلم هو ان قرار زواجها خاضع لعامل الوقت والزمن والعمر. ما السرّ في ذلك ولصالح من؟ أليس لصالح الرجل؟

في يوم المرأة العالمي يجب ان اتحدث عن معاناة المرأة في لبنان قبل اي بلد آخر، البلد الذي يدّعي انه بلد الحضارة والتقدم – لكن أية حضارة وأي تقدم الذي تأخر 150 عاما ليسمح للمرأة بالعمل في السلك الأمني، ولم تتقدم المرأة الا في تقليد الفنانات الغربيات والاميرات العربيات- معاناة المرأة في لبنان اولا لجهة الظلم البيولوجي، هذا ما لن نستطع تغييره الا اذا وصل التقدم الطبي الى مرحلة تطول فيها مراحل الاباضة والعطاء الجنسي. او اذا اقتنع المجتمع انه من حق المرأة الشرقية، وبالاخص العربية، ان تحتفظ ببويضاتها في بنوك للأجنة المجمدة خاصة لحين ترغب في الزواج، وقد يكون هذا الوقت قد تخطى العمر البيولوجي للانجاب. فما هو ذنبها ان تحرم نعمة الامومة؟

الظلم الواقع على نسائنا ظلم مزدوج. رغم ان الامومة التي منحها اياها الله نعمة لا تعوّض. الا ان الظلم هو ان قرار زواجها خاضع لعامل الوقت والزمن والعمر. ما السرّ في ذلك ولصالح من؟ أليس لصالح الرجل؟ اذ ان ضغط الزمن والعمر يدفع المرأة لأن تقبل بزوج غير مناسب ربما حتى لا تُحرم من الامومة.

الرجل يملك، إضافة الى ما يملك من سلطة اجتماعية ودينية، يملك سلطة بيولوجية تساعده على ان يجد من تتزوجه ولو كان(مهرهر) ويمكنه ان يضع شروطه لانه يملك المال، ويملك القدرة على الانجاب وهي ايضا سلطة الاستمرار والإعانة..

ويضع الرجل شروطه لجهة اخضاع المرأة لعامل العمر والبيئة والمجتمع وكأن المرأة هي فقط الصبية الصغيرة الحلوة الحبوبة الدلوعة لكنها متى تخطّت العشرينيات باتت غير صالحة. لذا عليها ان تتزوج وتنتقل الى مرحلة الأمومة لتصير أم فلان او أم علتان. فليس عليها ان تعيش نضوجها وحياتها بهدوء وحب. فمن أسوأ المفاهيم المنتشرة في مجتمعنا ان المرأة بعد الاربعين باتت رفيقة العجّز، وليست سوى ناشطة في اطار الزيارات الاجتماعية من عزاء، الى تهنئة، الى مرافقة المرضى، الى احتضان الاطفال، الى خدمة الاقارب. خاصة اذا كانت هذه المرأة لا عمل لها تمارسه لتعتاش منه، بل تتكل على شباب العائلة للعيش. فهل ان نسائنا هن خارج الخدمة بُعيد العقد الرابع خاصة العازبات منهن؟

وثمة فئة نرشحهن دوما للزواج بمن فقد زوجته على كبر، فيزوجنه ابنائه ليتخلصوا من تبعات خدمته، اي انهم يطلبون خادمة لكن عربية ودون راتب. اي الممرضة للزوج الختيّار الذي يكتفي بشراء بعض القطع الذهبية لهذه المرافقة المُجبرة دينيا واجتماعيا.

الظلم ليس فقط في القانون كما يدعي البعض، بل في النفوس التي تُحطم بناتها وتربيهن على القبول والخنوع وعدم الثورة بحجة ان هذا المجتمع (هيك بدو).

فمتى تتغير اوضاعنا نحن النساء؟ أقول عندما اتغيّر انا وانت وهي. وكيف نتغير اذا كنا قد تربينا على أسس متخلفّة ونوّرث بناتنا على هذه العقليّة نفسها. وكيف تتغير بناتنا اذا كان السياق الاجتماعي نتوارثه من جيل الى جيل من خلال العادات والتقاليد والافكار التي تقدّم العيب على الخطأ، وتقدّم العيب على الحرام.

فكيف يمكن لهذا المجتمع المنافق ان يقتنع ان ثمة امرأة عزباء تجاوزت العقد الثالث وهي لا تزال عذراء دون تجربة جنسية بانتظار فارس الاحلام الذي قد تكون زوجته قد توفيت ويكون هذا العريس قد انهى خدماته العاطفيّة في مراحل حياته الماضية ويختارها لتوصله الى القبر بهدوء ودون شرشحة من خلال التنقل من بيت الصهر الى بيت الكنّة.

هذه الأربعينية تتابع حياتها المهنيّة او العلميّة او العادية او البسيطة بحسب خياراتها بظاهر عدم ارتباطها فهي تنفي نفسها كليّا امام مجتمعها، لماذا؟ حتى لا تظهر بمظهر اللامحافظة حتى اذا جاء(العريس الغفلة) يأخذها كسندريلا، امرأة دون تجارب.

المجتمع يريدpoupee . كيف؟ تلعب، تدرس، تخطب، تتزوج، تنجب، تصبح حمة لئيمة، ومن ثم جدة حنونة، وعاجزة مكروهة.

اما اذا غيّرت خط السير المرسوم لها، فان ثمة تعامل مختلف معها لانها خرجت عن السياق الاجتماعي المرسوم من القدر والعقليّة المجحفة بحقها.

فاذا لعبت ودرست وتخرّجت وعملت وعاشت مستقلة حياتيا او ماديا دون زواج تتخلخل السلسلة المرسومة فتبدأ الاسئلة، وتبدأ التعليقات والتساؤلات والتبريرات، والدعوات من الجميع بالزواج والنصيب وكأنهم امام معوّق عاجز يحتاج للمعونة.

الا يمكن ان تتغير طريقة السلسلة فتكون مثلا: لعبت، درست، تخرّجت، أحبت، إرتبطت، أقامت علاقة، عقدت عقدا، حملت، أنجبت، صارت أما، تركت، بقيت حرة. او تعلمت، تخرجت، عاشت مستقلة، لقحت بويضاتها، أنجبت، إستقلت، صارت أما؟

لماذا السلسلة لا تخرج عن السكة المرسومة؟ ومن رسمها؟ طالما ان الشرع حللّ الزواج المؤقت واعترف بنتائجه؟

السابق
عودة 50 شخصا من عوائل الإمداد من العراق
التالي
علاء عطايا من بلدة طير حرفا يقضي في سوريا