ملعب السياسة يتّسع: يحيا العدل!

لو استطاع الوزير ريفي أن يقنعنا أنّ خطوته هذه ضمن مشروع عام لإصلاح السلطة القضائية بعيداً عن التسييس، لوقفنا ربما وهتفنا "يحيا العدل" ولكن طالما الأمر ليس كذلك، لا نستطيع نحن، من لا يريد الانجرار وراء لعبة التصفيات السياسية، سوى أن نقف ونتفرّج آملين أن يكون الهدف يوماً ما الإصلاح الشامل وبناء الدولة المدنية الحقيقية. حتّى ذلك الحين، لنا نحن هذه الفئة تحديداً فقط الحلم.

عندما استلم الوزير أشرف ريفي منصبه الجديد، دخل الرجل العسكري مستشرساً حاملاً في قلبه الكثير من الفريق السياسي الّذي عطّل التمديد له. يعرف جيداً أنّ شركاءه الجدد في حكومة “المصلحة الوطنية” خصوم وليس أكثر. حتّى أنّه لم يخفِ رأيه بتدخل حزب الله العسكري في سوريا ولا توارى خلف ستار الدبلوماسية. بعد ساعات من تعيينه وزيراً، شنّ هجوماً على الفريق المعادي، كأنّه يقول إنّ التسوية الّتي أوصلته إلى الوزارة لن تثنيه عن الخصومة.

كلّ هذا من حقّ  اللّواء، التعبير عن رأيه والتشبّث بموقفه. وجد ريفي نفسه في المنصب الجديد ونشط فيه منذ استلامه للوزارة. في موقف رئيس الجمهورية وحربه المعلنة مؤخراً ضد حزب اللّه، سانده الوزير وغرّد عبر التويتر ليخبر جمهوره إنّه اتصل بالرئيس سليمان وعبّر عن تضامنه معه.

في المقلب الآخر، انبرى الصحافي ابراهيم الأمين مدافعاً عن الحزب ومهاجماً الرئيس سليمان في لغته التي يصفها الكثيرون بـ”التخوينية”. وما زال الأمر في إطار هذه الحرب والحرب المضادة. أحال الوزير ريفي المقال على النيابة العامة التمييزية، لاتخاذ الإجراءات المناسبة التي ينص عليها القانون، بحق كاتبه والجريدة التي نشرته. وهذه ليست أوّل خسارة قضائية لجريدة الأخبار منذ أصبح ريفي وزير العدل. سبق أن صدر حكم ضد الصحافي محمد نزّال بخصوص مقال يُعنى بمسألة قضائية. ويبدو أنّ لعنة القضاء ستلاحق من الآن وصاعداً جريدة الأخبار.

قد يجد البعض الوقت مناسباً للاحتفاء بالأخذ بالثأر ضد الأخبار وصاحبها. وسيقول البعض إنّ خطوة ريفي “ضربة معلّم”. فأسلوب الأمين في الكتابة كثيراً ما تخطّى المعايير الصحافية وهذا أمر لا يمكن الموافقة عليه. هو ليس وحده طبعاً فالصحافة السياسية منتشرة في هذا البلد المصاب بلوثة الأحزاب.

ولكن لنتأمّل قليلاً هذا الإنجاز. هل هو يحتوي فعلاً بعداً قضائياً متّصلا بإرساء دولة القانون في لبنان؟ هل نحن أمام عهد جديد للقضاء؟ عهد سيحارب الفساد.

عندما كان وزير الخارجية السابق عدنان منصور يستعمل منصبه اللبناني الديبلوماسي ليوصل رسائل خطه السياسي، كان الفريق الآخر يأخذ عليه هذا. الحال هنا مختلف بطبيعة الحال لكنّ منصب وزارة العدل دخل أيضاً في اللعبة السياسية وبقوّة هذه المرّة.

لو استطاع الوزير ريفي أن يقنعنا أنّ خطوته هذه ضمن مشروع عام لإصلاح السلطة القضائية بعيداً عن التسييس، لوقفنا ربما وهتفنا “يحيا العدل” ولكن طالما الأمر ليس كذلك، لا نستطيع نحن، من لا يريد الانجرار وراء لعبة التصفيات السياسية، سوى أن نقف ونتفرّج آملين أن يكون الهدف يوماً ما الإصلاح الشامل وبناء الدولة المدنية الحقيقية. حتّى ذلك الحين، لنا نحن هذه الفئة تحديداً فقط الحلم.

السابق
لبنان في “الثلاجة” ومخاوف أميركية من حسابات خاطئة
التالي
مانشيت الأخبار تستلّ تحقيقا من أرشيف جنوبية نشر قبل 5 أشهر