سر انكشاف المفجّرين في لبنان

طرحت عمليات كشف المتورطين بأعمال إرهابية المنتمين الى مجموعات اسلامية متطرفة أسئلة عما يجري: لماذا الآن؟ وما سر الانكشاف الذي باتت تعيشه تلك المجموعات؟

من الاعتقالات الى الاعترافات وافتضاح أمر العمليات الإرهابية وسباق الأجهزة الامنية في عدد من الدول لتقديم المعلومات بدءا من الاستخبارات الاميركية، الى رفع الغطاء الدولي-الإقليمي وانسحاب الممولين الذين حركوا تلك المجموعات، كلها محطات تفرض قراءة هذا الملف الشائك.

في لبنان انجازات سجلتها مديرية المخابرات في الجيش على صعيد ملاحقة وتوقيف رؤوس إرهابية. وليس غريباً عليها النجاح في تعقب مطلوبين مصنفين في خانة الخطر على مساحة المنطقة. في الآونة الاخيرة حكي عن تحرك فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي على خط الملاحقة أيضاً، ما يعني استنفاراً لبنانياً يضعه البعض في سياق السعي لوضع حد للتفجيرات الإرهابية التي تكاثرت في المدة الاخيرة.

مطلعون يتحدثون عن إشارة خارجية أتت مستندة الى معلومات دسمة قدمها الاميركيون الى الاستخبارات في لبنان لتعقب خلايا إرهابية ناشطة ومتصلة ببعضها من لبنان الى سوريا والعراق.

لم تكن صدفة ان تجري عمليات القبض على “امير كتائب عبدالله عزام” ماجد الماجد وكشف مهام “المسؤول الشرعي” جمال دفتر دار والاطلاع على ادوار عمر الأطرش في نقل المتفجرات والسيارات المفخخة، ونعيم عباس وكيل عمليات “جبهة النصرة” و”داعش” في بيروت، وهو المسؤول عن العمليات الإرهابية التي استهدفت الضاحية الجنوبية، اضافة الى الشيخ عمر جوانية الذي القت القوة الضاربة في مخابرات الجيش القبض عليه في بدارو بعد التحقق من انه كان ينقل الاموال من “داعش” الى نعيم عباس.

بات لدى مخابرات الجيش اللبناني معلومات عن تفاصيل دقيقة قدمها الموقوفون وفي مقدمهم عباس، الى حد اصبحت فيه الاستخبارات مطلعة على وقائع دقيقة جداً عمن يساعد الإرهابيين ومن ينقل السلاح والمتفجرات وكيف ومتى ولماذا.

فكفكة رموز العقد تتسارع لتطال مجموعة تشكل  فريق عمل موزع على صلة مباشرة بتنظيم القاعدة. وتبين في اعترافات عباس تنسيقه مع “أبو خالد السوري”، رفيق أسامة بن لادن وعبد الله عزام، ووكيل أيمن الظواهري في سوريا، والمكلف من قبله بالتحكيم بين “النصرة” و”داعش”.

اللافت ان “ابو خالد السوري” قتل خلال الايام القليلة الماضية في حلب، في فترة موت ماجد الماجد وإلقاء القبض على نعيم عباس والآخرين المذكورين والملاحَقين المعروفين لدى الجيش اللبناني الموعودين بتوقيفهم في الايام المقبلة.

مقتل ” ابو خالد السوري” صب الزيت على نار الخلافات بين “داعش” و “جبهة النصرة” الى حد امهل فيه ” ابو محمد الجولاني” “تنظيم الدولة” خمسة ايام تحت طائلة الحرب المفتوحة للقضاء عليها، ما يعني ان القيادات المتطرفة اما في طريقها السجون كما في لبنان، او تصفي بعضها كما في سوريا والعراق.

طبيعة التطورات وخصوصا انكشاف تلك المجموعات تذكّر بما حصل سابقاً في لبنان مع عملاء اسرائيل، عندما أوقف عدد كبير منهم بشكل متسلسل سريع بعد افتضاح أمرهم، رغم ان بعضهم خدم عميلا للإسرائيليين سنوات طويلة. يومها تبين ان قائد الموساد الاسرائيلي تبدل وحلّ مكانه مسؤول آخر أنهى اعمال فريق العملاء القديم وتركهم لمصيرهم بعد كشف اوراقهم.

اليوم جرى تحييد رئيس الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان عن الملفات الإقليمية. تغير فريق العمل الميداني وتبدلت قواعد اللعبة. لم تعد الاوراق ذاتها صالحة للمرحلة الجديدة.

اليوم أنهيت خدمات جيل من الاسلاميين بعدما تم اللعب في اوراقهم ميدانياً دون ان تكسب، وجرى التبديل بين من انتهى دوره وبين من بدأت أدوارهم تحت قيادة ومفاهيم مختلفة. لا جواب واضحا حتى الساعة على سؤال: كيف ستكون قواعد اللعبة الجديدة؟ بإنتظار ملامح الكباش الدولي الذي يحط أيضاً في أوكرانيا كساحة نزاع إضافية، وفي زمن مشروع التسوية بين الأميركيين والإيرانيين، اين ستكون اسرائيل؟ هل اعلان شراكتها مع المسلحين في سوريا تدريجيا عبر علاجهم  ومساعدتهم في القنيطرة وتدريب قياداتهم كما حصل مثلا مع قائد “الجيش الحر” الجديد عبدالاله البشير سيمهد فقط لـ”الجدار الطيب”؟

السابق
طائرة استطلاع اسرائيلية خرقت الاجواء
التالي
باسم ياخور: ممنوع من دخول سوريا