الثرثرة النسائية وقد خصّبتها السوشال ميديا

الثرثرة النسائية
من نافذة المنزل تطل ام رضا، كل صباح، حاملة فنجان قهوتها لتحادث جارتها ام عز الدين،فتقف ام كنعان خفية على الجهة المقابلة تتنصت عليهما لتعرف عمن يتحدثن. هذه الخلاصة ليست الا صورة عن نسائنا اللبنانيات والعربيات.

لم تغادر المرأة العربية عاداتها السيئة في الثرثرة والنميمة والقلقلة الى اليوم. لماذا؟ لا احد يدري.وقد استمرت هذه العادة مع المتعلمات اللواتي طالتهن الثرثرة وجرت على ألسنتهنّ بسرعة البرق.

وقد قيل سابقا ان عادة الثرثرة تملكت بالنساء والتصقت بهن بسبب فراغ اوقاتهن غالبا وعدم تحملهن اي مسؤولية أو ممارستهن اي مهنة. ورغم ان النساء قديما كن يتفرغن للانجاب وكن منشغلات بأولادهن وعوائلهن الكبيرة وأسرهن الا انهن كن يجدن الوقت الكافي للزيارات والصبحيّات والواجبات الاجتماعية…

ورغم التطور وكثرة الاعمال والهموم والمشاكل الواقعة على المرأة بشكل عام الا انها لا تزال تجد متسعا من الوقت لممارسة عادتها السيئة من خلال تناول جاراتها وقريباتها وزميلاتها وممن لا تتفق معهن عقليا او نفسيا بالكلام المسيء والمهين. حتى انها تحوّل السيئات حسنات والحسنات سيئات وتقلب الامور رأسا على عقب بحسب اهوائها ومنهجها الفكري. رغم انها غالبا ما تردد بعد النشرة الاخبارية المسائية:”يلا بلا غيبة”.

والغيبة،لمن لا يعرف معناها “ذكرالمرء لأخيه بما يكره من العيوب وهي فيه، وجاء في الحديث الديني: “قيل ما الغيبة يا رسول الله؟فقال: “ذكرك أخاك بما يكره”. والغيبة محرّمة بالكتاب والسنة والإجماع ، فقد عدَّها كثير من العلماء من الكبائر، وقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتا.

فهل ان المرأة لا تكون امرأة في حال كانت غير نمامة او ثرثارة؟ هل تجد ان هذه فضيلة من حقها، وان تركتها تكون هي قد تخلت عنها بارادتها تفضلا؟

هل ان التركيب الفسيولوجي يجبر المرأة على الحديث والكلام والثرثرة؟ وقد أثبت بعض العلماء ان الفتاة الصغيرة تنطلق بالكلام قبل الصبي لان دماغها يحتوي على مميزات خلقية تدفعها للنطق قبل الذَكَر. وهذه النظريات العلمية تتقاطع مع الواقع، حيث ان مشكلة بسيطة تأخذ حيزا كبيرا لدى الانثى في حين يختصرها الرجل بقرار حاسم ونهائي.

فالخلافات الاسرية تنتقل وتنتشر لان احد ابرز اطرافها هو المرأة، وربما لهذا يجد الاعلام مجده الثرثري بسبب سيطرة النساء على القطاع الاعلامي بشكل كبير سواء لجهة المُرَاسِلات او المذيعات او المعدّات.. اضافة الى قطاع التعليم والتمريض والتنظيفات والبائعات والسكرتيرات.

واسباب الثرثرة عند المرأة كثيرة وعديدة، ويرجع المتخصص النفسي عادل الصاوي سبب ثرثرتها إلى “هرمون الاستروجين الذي يؤثر مباشرة في وصل جزأي للدماغ إلى مزيد من الحركة والتواصل”.

وفي حديث لـ”جنوبية” يتابع: “علما أن باستطاعة المرأة أن تتكلم وتسمع في آن واحد بسبب القدرة العصبية لديها اذ تمتلك 30 % من الاتصالات العصبية المخصصة للكلام فقط”.‏

والثرثرة تعتبر إحدى طرق العلاج النفسي. فنتائجها مضمونة 100 %، خصوصا لدى النساء. لأنّ المرأة أكثر عرضة للأمراض النفسية من الرجل بسبب الضغوطات التي تواجهها في الحياة، سواء الاجتماعية أو النفسية أو نتيجة التركيبة البيولوجية لها.

والثرثرة بحد ذاتها وسيلة تمنع ظهور أمراض عديدة لأن الكتمان يولد الانفجار، كما أن الضغوط النفسية تؤثر بشخصية الإنسان وتجعله عرضة لمفاهيم خاطئة شيئاً فشيئاً، فيروح يفكر في القيام بأفعال عدوانية.

لذا تجد المرأة العصرية ضالتها في الثرثرة عبر الواتس آب والفايسبوك والتويتر ووسائل الاتصال الحديثة كلها. فهي لم تعد في حاجة الى الشبابيك او البرندات او الجلسات الحميمة حول الارغيلة، كما درج سابقا، بل انه يمكنها ان تثرثر اثناء قيادة السيارة او خلال اعداد الطعام في المطبخ او خلال ممارسة الجنس مع زوجها في السرير او خلال شرائها حاجياتها من السوق او خلال تدريس الاولاد لانّ هذه الآلات الحديثة الخرساء لن تجعل الزوج يسمع ما تبثه الالسن الثعبانية. فالتكنولوجيا ساعدت المرأة على ممارسة هواياتها االطبيعية في الثرثرة. ولا ادري لماذا لم يستهو (الكاندل) المرأة مع انه ايضا آلة وصامتة؟

السابق
عن قرية القطراني وحزب الله والتغيير الديمغرافي بجزين
التالي
كثرة المقبلين على مهنة إختصاصية التغذية مضرّ