هيل إلى السعودية ولإشراك حزب الله في الحكومة واشنطن

“الى الاستحقاق الرئاسي در”.
هذه هي كلمة السر الأميركية التي استوجبت قيام السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل بحركة مشاورات مكوكية بدأها في باريس مع عدد من المسؤولين عن ملف لبنان في قصر الأليزيه و”الكي دورسيه” (وزارة الخارجية)، واستكملها مع الرئيس سعد الحريري هناك، ثم في بيروت مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تمام سلام والعماد ميشال عون والرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط، على أن يتوّجها في غضون اليومين المقبلين بزيارة السعودية حيث سيلتقي المسؤولين عن ملف لبنان، ولا سيما نائب وزير الخارجية الأمير عبد العزيز بن عبدالله.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” إن هيل أعطى إشارات واضحة لكل المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم بأن واشنطن لا تمانع تشكيل حكومة محايدة، لكنها تفضّل تشكيل حكومة سياسية جامعة تضم “حزب الله” ولا تستثني أحداً، أضاف أن تشكيل حكومة سياسية تتبنى “إعلان بعبدا” من شأنه أن يؤدي الى إعادة انتظام عمل المؤسسات في لبنان وتحصين الاستقرار، وصولا الى وضع لبنان على سكة الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري.

وقال هيل إن تشكيل حكومة محايدة لا تحظى بتوافق كل اللبنانيين “قد يؤدي الى تعطيل الاستحقاق الرئاسي، وهذه نقطة تفاهم مشتركة مع البطريركية المارونية اللبنانية وجهات لبنانية أخرى، أما تشكيل الحكومة الجامعة، فإنه سيوفر فرصة لإجراء الانتخابات، الأمر الذي يسهل قيام حكومة جديدة تأخذ على عاتقها وضع قانون انتخابي جديد يقره مجلس النواب وتجري على أساسه الانتخابات النيابية في الخريف المقبل”.
وقالت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع لـ”السفير” إن الأميركيين أجروا ما يشبه “جس النبض” مع جهات غربية أبرزها فرنسا، ومع جهات إقليمية أبرزها ايران والسعودية، وهم يتفقون مع هؤلاء على تحييد لبنان وحماية استقراره وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وأشارت الى أن تشكيل الحكومة الجامعة سيرفع حظوظ إجراء الانتخابات الرئاسية الى نسبة تفوق الخمسين في المئة.

وقال النائب وليد جنبلاط لـ”السفير” إن السفير الاميركي حضر مستطلعاً ومشجعاً على حماية الاستقرار الداخلي والتعجيل في تشكيل حكومة جديدة من أجل ألا يقع البلد في الفراغ.

أما الرئيس فؤاد السنيورة، فقد أكد لـ”السفير” أن اللقاء بينه وبين السفير الأميركي لم يكن محصوراً بأمر معين، بل كان هناك استطلاع للأفكار.

أما أوساط الرئيس سلام، فاكتفت بالقول إن اللقاء مع هيل كان إيجابياً، وعبّر خلاله السفير الأميركي عن حرص بلاده على استقرار لبنان.

وعلم أن هيل شدد في زيارته للرابية على أهمية التعجيل بتشكيل حكومة وفاقية، آملاً أن تساعد في تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، كما أشاد بأداء الوزير جبران باسيل خلال توليه حقيبة وزارة الطاقة في السنوات الأخيرة.

في هذا الوقت، شغل النائب وليد جنبلاط و”حزب الله” محركاتهما في أكثر من اتجاه لتذليل عقبة المداورة التي تعيق تأليف الحكومة، فضلاً عن تأكيد حق القوى السياسية بتسمية وزرائها بعد أن يبلغها رئيس الحكومة بتوزيع الحقائب.

وفي هذا السياق، أوفد جنبلاط الوزير وائل أبو فاعور للقاء الرئيس سلام، كما تشاور أبو فاعور مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل ووزير الطاقة جبران باسيل الذي تواصل أيضا مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا. وشملت المشاورات أيضا رئيس الجمهورية الذي أبلغ العاملين على خط المشاورات أنه سبق له أن حدد مهلة زمنية وتم تمديدها لكن التمديد لن يكون مفتوحاً.

واذا كان بعض القوى السياسية لا يزال ينتظر ما ستؤول اليه مساعي “حزب الله” على خط الرابية، فإن مشاورات الساعات الأخيرة لخصتها مصادر معنية بقولها: “الجو داكن ويتطلب المزيد من الجهود، لكن ليس هناك ما يدعو الى التفاؤل لأننا ما زلنا ندور في مربع الخلاف على موضوع المداورة”.

ونقل عن الرئيس المكلف تأكيده مجدداً أمام الوسطاء أن لا عودة الى الوراء، خاصة بعدما تم الوصول الى أفضل الممكن، وانه لا يزال يأمل إمكان تغليب الإيجابيات على السلبيات والتعقيدات الماثلة في طريق الحكومة العتيدة، مؤكدا أنه ينتظر جواباً من “حزب الله” في غضون اليومين المقبلين.

وأكد رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة رفضه القبول بالعودة عن الاتفاق حول اعتماد المداورة في الحقائب الوزارية. وقال لـ”السفير”: “لا نقبل بذلك على الإطلاق، المداورة خطوة أساسية ومهمة ومطلوبة في الحياة السياسية اللبنانية، والرئيس المكلف تبلغ موافقة كل الأطراف على هذه المسألة، أي أن هناك اتفاقا سياسيا حول هذه المسألة والكل ملتزمون به”.

وقالت مصادر قريبة جدا من رئيس “تكتل الإصلاح والتغيير” النائب ميشال عون لـ”السفير”: لسنا معنيين بما يسمى المداورة، والكرة ليست في ملعبنا بل في ملعب من اخترع هذه المسألة.

ورفضت المصادر ما أسمته التهويل بالذهاب الى حكومة أمر واقع سياسية وقالت “إن ذهبوا اليها فهذا شأنهم، وسيكون مصيرها كمصير حكومة الأمر الواقع التي تحدثوا عنها في السابق، وبالتالي لن تنال الثقة وستسقط”.

وتردد ان ثمة صيغة ترتكز على حل عقدة عون عبر اعتماد المداورة الجزئية، بحيث تعتمد هذه المداورة بين الأطراف السياسية التي توافقت على هذا المبدأ، أما بالنسبة الى عون، كونه ليس طرفاً في الاتفاق على هذه المداورة، فتبقى وزارة الطاقة من حصته، فضلاً عن حق “التيار الوطني الحر” بحقيبة سيادية، إلا أن هذا الطرح لم يلق قبولا لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف.

وقال باسيل لـ”السفير”: إنهم يركزون فقط على المداورة، وعلى وزارة الطاقة لاستهداف شخص أو فريق، لكنهم لا يتكلمون عن الحقيبة السيادية، فهل يجوز حرمان المسيحيين بممثليهم الحقيقيين من حقيبة سيادية من أصل أربع؟

وتردد أن عون قد فاتح الرئيس سعد الحريري في اللقاء الذي جمعهما مؤخرا في أوروبا (روما على الأرجح)، بعدد من القضايا ـ الهواجس، ولمس منه “تفهماً ونضجاً في مقارباته”، من دون أن يتم التوصل بينهما الى رؤية موحدة، خاصة للملف الرئاسي.

السابق
هل دعا ظريف حزب الله إلى الانسحاب؟
التالي
هل يعقل كسر هيبة رئاسة الحكومة والمداورة لاجل باسيل في الطاقة؟