لهذه الأسباب قرر الحريري دخول الحكومة

سعد الحريري
من يعرف الرئيس سعد الحريري جيدا ، ويعرف كيف يفكر أو كيف نشأ في مدرسة رفيق الحريري، يعرف أن قراره ملاقاة الطرف الآخر لتشكيل حكومة سياسية جامعة لم يكن قرارا سهلا عليه، خصوصا في الوقت الحالي، بل هو قرار مسؤول لمصلحة لبنان في وجه عاصفة قاسية.

هذه ليست المرة الأولى التي يمد يده الرئيس سعد الحريري للطرف اﻵخر. فمن اتفاق الدوحة بعد أحداث السابع من أيار، الى زيارة دمشق ،الى الفوز بالانتخابات النيابية في 2009 وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن ما كانت النتيجة ، صفعات متتالية من الطرف الآخر. هذا ما يقوله الكثير من كوادر و أعضاء تيار المستقبل.

معظم الحلفاء والمناصرين للرئيس الحريري ينتقدون قراره ويقولون: “ألم يتعلم خلال تسع سنوات أن الفريق الآخر غير جدير بالمشاركة؟”. لكن الرئيس الحريري جاوب مرارا وتكرارا عن هذا التساؤل وقال: “أنا لست مسؤولاً عن نفسي فقط ولا أمارس السياسة للثأر أو الانتقام انما أمارس السياسة لاستكمال مشروع بدأه رفيق الحريري الذي قدم روحه فداءا للبنان. لبنان الحضارة لبنان العلم لبنان الاعمار، وكما كان يردد دائما الرئيس الشهيد رفيق الحريري: ليس المهم مين بيروح ومين بيبقى المهم البلد”.

يقول احد الكوادر الشبابية في تيار المستقبل إن الرئيس سعد الحريري عندما كان يطرح عليه سؤال: لماذا لا تبني جناح مسلح؟ كان يستاء ويقول: “أنا لا أريد ان أقتل أولاد الناس فمن يريد السلاح فليذهب إلى غيري”. ويضيف: “لو أن سعد الحريري أراد أن يبني جناحا عسكريا لكان باستطاعته تجهيز وتدريب جيش حديث ولكن هل يعقل أن يدمر ابن رفيق الحريري ما بناه والده. فالتدمير أهون شي، لكن الاعمار صعب جدا ومدرسة رفيق الحريري هي مدرسة اعمار البشر والحجر”.

الشرق الأوسط يمر اليوم بمرحلة تاريخية مفصلية، ولبنان الذي يتأثر بأي حدث صغير أو كبير في هذه المنطقة، نتيجة تركيبته الطائفية والسياسية، مهدد أكثر من غيره أن يتعرض لخضات أمنية. وهذا ما يشهده حاليا من عمليات اغتيال الى انفجارات انتحارية الى مناوشات مسلحة بين أطراف مختلفة.

فمع بدء محاكمات المحكمة الدولية التي وجهت أصابع الاتهام الى عناصر منتمين لحزب الله في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والد سعد الحريري، وبدء أعمال جنيف 2 المخصص لبحث مستقبل سورية، الذي توحي بوادره توحي بأنه فشل قبل أن يبدأ، وقتال فئة لبنانية بشكل علني الى جانب النظام السوري، وازدياد وتيرة التفجيرات في لبنان… يزداد التوتر والانقسام ويهدد بتفاقم الازمة في لبنان الى حدود الانفجار الكبير.

مؤتمر جنيف 2 فشل قبل أن يبدأ وهذا الإيحاء نتيجة كلمات الأطراف المختلفة المكللة بعبارات التجريح والتخوين بعد التأكد أن بشار الأسد لن يغادر السلطة ويسير بمرحلة انتقالية.

> كلام وزير الخارجية اﻷميركي جون كيري بأن العالم سيحمي العلويين بعد اسقاط الأسد وليس تنحييه، ونظرات كيري ويده على خده أثناء تلاوة وليد المعلم كلمته التي تعبر عن خيبة أمل كيري، كفيلة بأن توحي أن آخر أمل لانتقال السلطة سلميا في سوريا تبدد على وقع كلمات المعلم.

سعد الحريري يعلم أن هناك تطورات قادمة وتداعياتها يمكن أن تكون أكثر كارثية على لبنان، ويجب العمل على تحصين الساحة الداخلية قدر الامكان لتدارك العاصفة القاسية الآتية. والعمل يبدأ بتشكيل حكومة جامعة سياسية تكون مساحة للحوار وللتهدئة وتحضر للانتخابات الرئاسية. فالفراغ الحكومي والرئاسي في المرحلة الآتية سيكون كمن يجعل بيته من دون سقف أثناء عاصفة ثلجية.

السابق
الخارجية المصرية: 4 دبلوماسيين في بعثتها بالعاصمة الليبية
التالي
منصور: لن أتراجع عن مواقفي مهما كانت الحملات ضدي