صهيونية المحكمة.. لا تنفي عدالتها

محكمة دولية
لا معنى لتوصيف المحكمة الا بمدى اخذها بمعايير العدالة. فالدليل هو دليل، ان جاء بواسطة نبي مرسل او من صهيوني أميركي. ولا ينقضه الا دليل آخر اكثر متانة منه.. والعدالة هي العدالة ولا فرق ان سميت إسلامية او صهيونية. فالمسلمون الأوائل هاجروا في بدايات الدعوة، وبأمر من النبي الاكرم، الى الحبشة (الهجرة الأولى)، لأنّ فيها، بحسب قول النبي: "ملك عادل لا يظلم عنده احد".

سبع سنوات واعلام حزب الله لم يأل جهدا من اجل اقناعنا بأنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، المعنية بشكل أساسي بمحاكمة متهمي قتلة رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري، هي محكمة صهيونية امركية. وبأنّ الهدف من انشائها هو استهداف المقاومة عبر توجيه الاتهام اليها بجرم القتل وبخلفية العداء التاريخي، وليس من اجل احقاق الحق وإظهار العدالة!

وبعد طول انتظار وبعد كثير اخذ ورد انطلقت أخيرا اعمال هذه المحكمة. وما ظهر حتى الآن، من خلال تلاوة المدعي العام القرار الاتهامي وطريقة عرض الأدلة التي ساقها والحرفية العالية جدا التي بنى عليها قراره، بحيث لم يعد يجدِ بعده، في سبيل تقويض أسس هذا الاتهام، مجرد الرشق الإعلامي او الصراخ التشكيكي من على شاشات التلفزة.

فامام قوة الدليل ومتانة المبنى لم يعد ينفع التركيز على سوء نية الخلفية التي أنشأت هذه المحكمة، ولا مجرد تناول أسماء العاملين فيها، وبات واضحا انّنا الآن في مرحلة جديدة يستطيع خلالها الرأي العام ان يطّلع على تفاصيل مجريات الأمور. وبالتالي فإنّ الطريق الوحيد لضرب مصداقية، او ابطال، الادعاء انما هو السبيل القانوني عبر الدفاع والردّ من خلال المحكمة عينها. فما عاد يجدي الأسلوب القديم لرفع الشبهات، ولم يعد مقبولا الأسلوب القديم القائم على رفض التعاطي بواقعية جديدة. تلك التي تقول انّ المحكمة صارت حقيقة موجودة لا يضيرها أسلوب اشاحة الوجه او اغماض العيون. بل على العكس تماما فإنّ هذه الطريقة بالتعاطي انما تفسح بالمجال لتأكيد التهمة لا اضعافها. وعدم نقل تلفزيون المنار وقائع الجلسات لا يلغي وجودها، هذا فضلا عن الإشارة الى انّ العدالة هي قيمة إنسانية غير مرتبطة بالعرق أو بالاعتقاد الديني. فالمسلمون الأوائل  هاجروا في بدايات الدعوة، وبأمر من النبي الاكرم، الى الحبشة (الهجرة الأولى)، لأنّ فيها، بحسب قول النبي: “ملك عادل لا يظلم عنده احد”.

وان كانت مفهومة مخاوف حزب الله وتوجّسه من كثير مما يصدر عن المجتمع الدولي الممسوك من القوى الكبرى، الا انّ هذا لا يعني بالضرورة، انّ قواعد القانون الدولي غير عادلة. بل لعل ما انتجه الغرب من موازين للعدالة سبق بها باقي الأمم (ونحن منها) بأشواط كبيرة، خصوصا في مجال القضاء واحقاق الحق. وهذه الموازين هي حاكمة حتما على مجريات المحكمة بحيث لا يمكن تخطيها.

من هنا فلا معنى بعد ذلك لتوصيف المحكمة الا بمدى اخذها بهذه المعايير. فالدليل هو دليل، ان جاء بواسطة نبي مرسل او من صهيوني أميركي. ولا ينقضه الا دليل آخر اكثر متانة منه.. والعدالة هي العدالة ولا فرق ان سميت إسلامية او صهيونية.

السابق
استمرار التحقيقات في حادث التفجير في الهرمل
التالي
لبنان المناطقي والمنقسم ينسى مدينة الهرمل