نواف الموسوي: حكومة الأمر الواقع ستعطل الإستحقاقات المقبلة

نواف الموسوي

أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب السيد نواف الوسوي أن “الاعتداء الذي حصل في حارة حريك كان اعتداء علينا، إلا أنه اعتداء أيضا على اللبنانيين جميعا وعلى لبنان الوطن ولبنان الشعب باختلافاته وانقساماته واصطفافاته، لأن التكفير لا يمكن أن يقبل الآخر المخالف، بل إن هذا التكفير لا يستطيع أن يتحمل ذاته، وها نحن نرى بأم العين كيف أنه في غضون أيام قليلة تجاوز عدد القتلى في الحرب الدائرة بين التكفيريين أنفسهم بضع مئات من القتلى، وعلى شكل مجازر مروعة وتدمير وحشي، وهذا التكفير وإن كان يتوجه اليوم إلى أهلنا وأحبائنا إلا أنه تهديد لكل من هو في لبنان وتهديد لمفهوم لبنان ووجوده القائم على العيش الواحد وعلى العيش المشترك بين أتباع الديانات المختلفة وأصحاب الأفكار المتباينة”.

وقال خلال احتفال تكريمي في أسبوع استشهاد ضحيتي تفجير حارة حريك الشهيدتين ملاك زهوي وإيمان حجازي في حسينية بلدة قبريخا الجنوبية: إن التكفير عدو للانسانية الراقية بجميع أشكالها، ونرى كيف أنه يعيث فسادا في الأرض جمعاء في شرقها وغربها وشمالها وجنوبها دون تمييز في الدين أو في العرق أو في اللون، فبات كل موضع في العالم يشكو من العدوان التكفيري عليه، وباتت السيارات الإنتحارية المفخخة تنفجر في هذا البلد وذاك ولا تتوقف على فئة معينة”.

وتابع: “إننا وإن كنا في المقام الأول كما اعتدنا دائما في الدفاع عن أهلنا، إلا أن مواجهة التكفير هي مسؤولية وطنية يجب أن يضطلع اللبنانيون جميعا للقيام بها، لأن التكفير لن يوفر أحدا منهم، بل إنه ينقلب على ذاته تقاتلا فيما بينهم، ولقد دعونا ونكرر الدعوة إلى اللبنانيين جميعا على اختلاف قواهم السياسية إلى أن يعملوا معا من أجل القضاء على الخطر التكفيري من منطلقاته وفي وسائله لناحية اجتذاذ الفكر التكفيري من جذوره، وتفكيك البنى التحتية للمجموعات الإرهابية التي باتت تنتشر في بعض المناطق اللبنانية، وإن هذا التكفير إن كان يتوجه إلينا اليوم فإنه يتوجه في كل لحظة سواء كان في الغد أو بعده إلى المجموعات اللبنانية بأسرها، وهذا النموذج السوري والعراقي أمامنا، فلم يترك التكفير أحدا إلا وقد استهدفه، فلذلك ندعو الجميع إلى إعلان ما يشبه حالة الطوارىء، فعندما تحصل كارثة ينبغي أن يتجاوز الجميع انقساماتهم ويلتقون معا للعمل على مواجهة هذا الخطر التكفيري الذي يتهدد الجميع، ونحن مستعدون في هذا المجال لوضع جميع امكاناتنا لنكون سوية مع بعضنا البعض، وتحييد خلافاتنا السياسية عن الجهد الموحد اللازم لمواجهة الإرهاب التكفيري، لأن من ينتظر اليوم ويتوانى عن مواجهة هذا الخطر فإنه يغامر بمصيره ومستقبله، ولذلك نحن لا نقبل أن تذهب دماء شهدائنا هدرا، فهذا الدم العزيز الذي أريق تعودنا أن نتحمل إهراقه بصبر وثبات وشجاعة، ونحن من مدرسة قدمت التضحيات ولا زالت تقدم، لكننا لن نتهاون على الاطلاق في احترام أهلنا والحفاظ على أمانهم وسلامتهم، ولذلك كان الجهد ويستمر من أجل توفير الشروط اللازمة لحماية أهلنا، بل لحماية اللبنانيين جميعا”.

أضاف: “إن الإنسانية القائمة على قبول التنوع والتعدد باتت تشعر بالمسؤولية لمواجهة هذا الوحش التكفيري الذي يفتك بالجميع، فالعقيدة التكفيرية هي في جوهرها عقيدة صهيونية، فالصهيوني يرى في نفسه المختار الذي يستبيح الآخرين في دمائهم وأموالهم، وكذلك التكفيري يرى في نفسه المختار القادر على استباحة الآخرين، لذلك نحن كنا أول من واجه العدوان الصهيوني في عام 1982، فكما كان بإمكاننا أن نجد الدواء اللازم لإنهاء العدوان الاسرائليي بشكله الاحتلالي، فإننا بعون الله تعالى قادرون على رد العدوان التكفيري، وإنما ندعو الجميع للانخراط في نيل شرف الدفاع عن لبنان وألا يتأخر عن ركب المواجهة”.

وقال: “إن العقيدة الصهيونية التكفيرية هي اليوم من ينتهز الفرصة لتثبيت نصر جديد للكيان الصهيوني، فالإدارة الأميركية التي لا ترى إلا المصالح الإسرائيلية في المنطقة تعمل اليوم على تكريس يهودية إسرائيل، وهذا يعني فتح الباب أمام تقسيم المنطقة إلى كيانات دينية وطائفية ومذهبية، والقضاء على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى دياره التي هاجر منها، فالإدارة الأميركية اليوم تستغل الجرح النازف في سوريا وفي العراق من أجل تمرير أخطر ما يتهدد هذه الأمة لناحية تكريس الصهيونية في طبيعتها الآحادية التي تستبيح الآخر، ولذلك نقول إن العرب جميعا كما الشعب الفلسطيني سيتأثرون بالآثار السلبية المباشرة لإسقاط حق العودة إلى فلسطين، فهل ينتبه العرب جميعا لغفلتهم ويهبوا إلى مواجهة الخطر الأمريكي الصهيوني الجديد الذي يهدد سلامة كل كيان في المنطقة ويتهدد سلامة الكيان اللبناني؟ وإذا أمعنا النظر نجد أنفسنا نحن اللبنانيون جميعا أمام خطر تكفيري يتهددنا، وأمام خطر صهيوني يداهمنا، فما العمل ونحن أبناء وطن قام على التعدد والتنوع من خلال شراكة حقيقية بين مكوناته، ولذلك كان من الطبيعي ومنذ البدء أن ندعو إلى الشراكة بين القوى السياسية جميعا، وكل من كان يتابع خطابنا السياسي كان يعرف أن شعارنا كان على الدوام الدعوة إلى الحوار وإلى التفاهم وإلى تكريس الشراكة الحقيقية، ونحن كنا دعاة التوصل إلى الصيغ التي تتحقق فيها الشراكة السياسية والوطنية فعلا، وكان من الطبيعي أن نلاقي المسعى الجاري من أجل تشكيل حكومة وطنية جامعة، وأن نلاقي هذا المسعى بإيجابية تامة، لأن اعتقادنا كان على الدوام أن أفضل ما نواجه به الصهيونية والتكفيرية هو تقديم النموذج اللبناني التعددي المتنوع الذي تشعر مكوناته فعلا بأنها تعمل بصورة متوازنة وعادلة في صناعة القرار الوطني الذي يعني الجميع”.

وتابع: “لم نكن نبحث في صيغ مغلقة ومقفلة، بل إننا كنا نسعى دائما إلى أن أي حكومة تتشكل من المفترض أن تراعي المبادىء والقواعد الدستورية التي جرى النص عليها في اتفاق الطائف، وفي طليعة هذه المبادىء والقواعد الدستورية ضمان ميثاق العيش المشترك، فلا تنشأ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، لأن أي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك هي سلطة غير شرعية بحسب ما ينص عليه الدستور في مقدمته، ولذلك ينبغي لكل سلطة تنشأ في لبنان أن تتوفر فيها مقومات العيش المشترك، وهذا يعني تمثيل المكونات اللبنانية جميعا، وهذا ما كنا ندعو إليه، وأن من المبادىء والقواعد الدستورية أيضا هو ما نصت عليه المادة 95 من الدستور اللبناني التي قالت بوجوب أن تتمثل الطوائف بصورة عادلة في الحكومة، وبالتالي فإن أي حكومة حتى تكون دستورية وميثاقية لا بد أن يكون التمثيل فيها للطوائف تمثيلا عادلا، والتمثيل العادل لا يعني التمثيل العددي العادل فقط، بل يعني أن من يؤتى به ممثلا لطائفته يجب أن يكون موضع موافقة من طائفته، وإلا كيف يحسب أنه ممثل لهذه الطائفة وقد فرض علينا فرضا؟ هذا هو إتفاق الطائف الذي قال بأن السلطة الإجرائية هي منوطة بمجلس الوزراء مجتمعا، وقال أن مجلس الوزراء يجب أن يكون التمثيل فيه للطوائف تمثيلا عادلا، وهذا يعني أن الوزراء الذين سيمثلون طوائفهم يجب أن يكونوا موضع موافقتنا وإلا ما كانوا ممثلين لهذه الطوائف، والصحيح أن الدستور أوكل توقيع مرسوم تشكيل الحكومة إلى كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكنه نص على وجوب التمثيل العادل، ولذلك ندعو إلى قيام الحكومة الجامعة على أساس التمثيل العادل وفق ما هو منصوص عليه في الدستور وفي اتفاق الطائف”.

أضاف: “إن حكومة الأمر الواقع أيا كانت التسميات التي تطلق عليها سواء حيادية أو غير حزبية أو غير سياسية، فإن كل هذه التسميات تؤول إلى معنى واحد وهو حكومة الأمر الواقع، ومن هنا كان قولنا إن حكومة من هذا النوع هي حكومة فاقدة للشرعية الميثاقية، لأن من فرض فيها ممثلا لطائفته لم يحظ بوافقة طائفته، وكيف سيحظى بموافقة طائفته من دون موافقة الممثلين المنتخبين في الإنتخابات النيابية، وهذا يعني أن الكتل النيابية هي التي توافق على من يمثل الطوائف في مجلس الوزراء؟ فإذا تشكلت حكومة الأمر الواقع فهي فاقدة للشرعية الميثاقية، وفاقدة للشرعية الدستورية لأنها مناقضة للمادة 95 ومناقضة للشرعية الوطنية، ولن تكون حكومة وطنية، بل ستكون حكومة فريق ضيق جدا بعدما تبين أن معظم القوى في لبنان من بكركي وصولا إلى الحزب التقدمي الاشتراكي مرورا بفريقنا السياسي تجمع جميعا على الحكومة المتوافق عليها وعلى الحكومة السياسية الجامعة التي تحظى بتوافق الأطراف، ولذلك نقول إن حكومة الأمر الواقع فضلا عن أنها مناقضة لاتفاق الطائف والدستور فإنها تهدد الحياة السياسية في لبنان، وتهدد سلامة المؤسسات الدستورية، وفي ظرف كالذي نعيشه فإن حكومة من هذا النوع لن تكون قادرة على مواجهة تداعيات الخطر التكفيري والخطر الصهيوني”.

وختم الموسوي: “نجدد الدعوة إلى تفادي السقوط في فخ حكومة الأمر الواقع لأنها ستعطل الإستحقاقات المقبلة، وستدخل البلاد في مزيد من الفوضى والشلل والإنقسام، ونقول ذلك من موقع الإيجابية التامة والمطلقة في التعامل مع الصيغ المطروحة التي تؤدي إلى قيام الشراكة الحقيقية، وإلى إقامة حكومة شراكة وطنية يشعر الجميع في لبنان بأنها تمثله على أحسن وجه وبالشكل الذي يمكن من مواجهة الإستحقاقات بمسؤولية وطنية”.

السابق
الداعوق: حرية التعبير مطلقة لكن لا ينبغي أن تتحول الى فوضى
التالي
فاريل: أدلة ستظهر تباعاً الأسبوع المقبل وحزب الله غير متهم