حين يصبح الرجل مهووسا بامرأته

هوس
الهوس والحب إلى حدّ الجنون يتقاطع مع الكره والنفور. فكيف يمكن للحب ان يهدم العلاقة الزوجية؟ وإلى أي حدّ يمكن المرأة ان تستوعب تعلّق الرجل بها وملاحقتها بعد انتهاء العلاقة الزوجية معه؟ يرى علم الاجتماع ان الرجل لا يتنبه الى السجن الذي قد تعيشه المرأة من تعلّق الرجل الجنوني بها، فيصبح الحب حينها مثل الوقود والرجل هو الكبريت الذي ينسف العلاقة ويقضي عليها.

تختلف العلاقات الزوجية باختلاف الطباع، وغالبا ما تبرز مشاكل عديدة يصعب في بعض الاحيان معالجتها ما يوصل الى الطلاق. أسباب الطلاق عديدة وغالبا ما تكون لاسباب يقع ضحيتها الطرفان، لكن في بعض الحالات يكون الطلاق حلّا أمام المرأة التي تعاني من غرام زوجها الجنوني.

فاطمة ف. تزوجت بعد طلاق والديها. كان عمرها 15 سنة، وزوجها يكبرها بأكثر من 10 سنوات. عاشت معه حياة سعيدة، فهما كانا بمثابة عاشقين في عيون ابناء البلدة الجنوبية، وبالنسبة للناس هو “كثير منيح معها وما في مثله”، ولكن ما لا يعرفونه انه يشرب الكحول  يوميا، وحين يفقد وعيه يضربها بعنف ويدمر كل ما يقع بين يديه.

فاطمة الآن عمرها 38 سنة، وهي مطلقة ولديها ولدان. وقد حصلت على الطلاق بعد مشادة طويلة لان الزوج رفض إعطائها الطلاق، إلاّ أن القاضي في المحكمة الجعفرية أجبره على ذلك بعدما قام بضربها بجنون في إحدى المرات أمام القاضي. فاطمة باتت إمرأة مطلقة وحرة إلا ان طليقها لم يتركها بسلام، فبقي يراسلها ويتتبع خطواتها اينما ذهبت حاملا “لواء” الحب والعشرة كيفما ذهب، إلى أن رضخت لواقعها المادي الذي منعها من إعانة اولادها وعادت الى طليقها الذي رفض ان يتزوج من سواها طوال فترة الطلاق التي دامت ما يقارب الـ 8 سنوات.

بالنسبة الى علم الاجتماع هناك ثلاثة أنواع من الرجال، وفي حالة فاطمة، يكون الرجل في حالة هروب، وغالبا ما يلجأ الى ضرب زوجته للفت نظرها الى انه يعاني من شيء ما. لكن حين يستيقظ ويعود الى وعيه يكتشف فعلته، ويشعر بالندم وهذا الامر “يزيد من الحب والتعلق بها”.

اقرأ ايضا: سرير مزدوج أم منفرد… لعلاقة زوجية أفضل؟

ويرى دكتور في علم النفس الاجتماعي زهير حطب في حديث لـ”جنوبية” أنّ “آلام الوحدة والحب والتعلق التي يعاني منها زوجها هي السبب الاساسي لجريه خلفها طوال هذه السنوات، فهو لا يرى سواها ملجأ لانفعالاته السريعة وحاجاته التي لا يمكن لغيرها ان يحتويها”.

أما رباب، فهي كانت في الـ 15 من عمرها حين تزوجت من رجل يكبرها بعشرين عاما. استمر هذا الزواج الذي سيطر عليه الشك والغيرة لفترة من الزمن، إلا انه وبعد ان زادت المشاكل، ولم تعد رباب تتحمل تلك الغيرة المرضية طلبت الطلاق. رفض  في بادىءالامر، وبقي متشبثا بموقفه رافضا تحريرها من شكّه بحجة انه يحبها. بعد شهور من الذلّ والتعب والوساطات التي قامت بها فعاليات البلدة والعائلة وافق على مضض. إلاّ انه لم يتركها بل استمر في ملاحقتها حتى بعد ان تزوجت من غيره. وبعد ان استسلم واقتنع انها باتت لغيره تزوج من سواها. ورغم ذلك لا يزال حتى الآن يلاحقها ويتابع حياتها عن كثب.

يرى حطب ان الرجل في هذه الحالة “يعاني كثيرا، وهو أكثر الحالات التي يضيع فيها الرجل بغياب محبوبته”، ويضيف: “تعلقه بها وملاحقته لها ليس من فراغ فهو يشعر بأنه مقطوع عن الجميع ولا يمكنه ان يجد تكيفات جديدة تعوض غيابها”، ويضيف: “هذا النوع من الرجال يكون أشبه بالطفل الذي يضيع بدون والدته فتصرفاته طبيعية، وما قام به ردّ بسيط بالنسبة لما يشعر به”.

السابق
من هي داعش: كيف كبرت بسرعة.. وصغرت أسرع
التالي
آلان عون: لا يمكن أن تنشأ سلطة تنفيذية دون أن تعكس توازنات الكتل