هل اغتيل شطح بسبب رسالته هذه الى روحاني؟

تشييع محمد شطح
فخامتكم، هذه هي قضية لبنان. سنفعل كل ما بوسعنا لحشد كل الدعم الذي نحتاج ونستحق. في نهاية المطاف، فإن نجاحنا أو فشلنا سيعتمدعلى القرارات التي اتخذت، وليس فقط من قبل الشعب اللبناني ولكن أيضا من قبل الآخرين، بما في ذلك شخصكم الكريم.

ملاحظة المحرر: محمد شطح، وزير المالية اللبناني السابق، كتب رسالة مفتوحة الأسبوع الماضي للرئيس الايراني حسن روحاني. قتل شطح في انفجار سيارة ملغومة في بيروت يوم الجمعة قبل أن يتمكن من جمع التوقيعات لها من أعضاء مجلس النواب اللبناني.

فخامتكم،نتخذ هذه الخطوة الاستثنائية لمخاطبتكم والقادة الإقليميين والعالميين الآخرين لأنها اوقات خطرة جدا في بلدنا. ليس فقط الأمن الداخلي والخارجي في لبنان تحت تهديد خطير، وانما وحدة دولتنا ايضا في خطر حقيقي. ومن واجبنا أن نفعل كل ما بوسعنا لحماية بلدنا من هذه التهديدات. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، فإن الخيارات التي اخذتها جمهورية إيران الإسلامية ستلعب دورا مهما في تحديد نجاحنا أو فشلنا. ولهذا السبب نحن نكتب إليكم، كرئييس للجمهورية الإسلامية الإيرانية.ولكن هذه أوقات استثنائية بالنسبة لإيران أيضا.

بعد سنوات عديدة من المواجهة بين إيران وجزء كبير من المجتمع الدولي، انتخابكم رئيسا في الصيف الماضي قد أعطى اشارة إلى الكثيرين في المنطقة والعالم أن الشعب الإيراني يريد وضع بلاده على مسار جديد؛ مسار الإصلاح والانفتاح والعلاقات السلمية مع بقية العالم. الاتفاق المرحلي الأخير بين إيران ودول الخمسة زائد واحد، والبيانات التي اصدرتها منذ انتخابكم أحيت التوقعات بأن إيران قد تقوم بالفعل بإتخاذ الخطوات الملموسة الأولى في هذا المسار الإيجابي. ونحن نأمل مخلصين أن هذه هي الحال بالفعل. ولكن بالنسبة لنا ، كممثلين للشعب اللبناني، فإن الاختبار الحقيقي ليس تحديدا إذا ما كانت إيران ستصل إلى اتفاق نهائي مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي، ولا إذا سيتم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المحلية الايرانية بنجاح، رغم اهمية هذه الأهداف بالنسبة إلى العالم وإلى الشعب الإيراني.

ولكن بالنسبة لنا في لبنان فإن الاختبار الحقيقي هو ما اذا كانت ايران مستعدة حقا لرسم مسار جديد في سياساتها تجاه بقية المنطقة، وتحديدا تجاه لبنان.فخامتكم،فإن الحقيقة التي لا جدال فيه أن الحرس الثوري الإيراني لا يزال يحافظ على علاقة عسكرية استراتيجية مع حزب الله، وهي منظمة عسكرية كان للحرس الثوري الإيراني دور أساسي في تأسيسها قبل 30 عاما. في ذلك الوقت كان لبنان لا يزال في خضم حرب أهلية رهيبة وجنوب لبنان كان تحت الاحتلال الإسرائيلي. اليوم، بعد 23 عاما على انتهاء الحرب الأهلية وتفكيك جميع الميليشيات اللبنانية الأخرى، و بعد سنوات على تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي (حيث لعبت المقاومة اللبنانية دورا حاسما)، لا يزال حزب الله يحافظ على قوة عسكرية مدججة بالسلاح ومستقلة عن سلطة الدولة.

هذا يحدث بدعم مباشر ورعاية من بلدكم.ونحن واثقون من أن انك توافق على فكرة ان وجود أي ميليشيا مسلحة بالتوازي مع القوات المسلحة الشرعية للدولة والتي تعمل خارج سيطرة الدولة و السلطة السياسية ليس فقط موضوع متعارض مع الدستور اللبناني، ولكن أيضا يصطدم مع تعريف مفهوم الدولة- أي دولة ذات سيادة. هذا هو الحال بغض النظر عن الانتماءات الدينية لهذه الميليشيات غير التابعة للدولة أو القضايا التي تتبناها.

ان إصرار حزب الله على الحفاظ على منظمة عسكرية مستقلة، تحت شعار ” المقاومة الإسلامية “، كان عقبة رئيسية في وجه الجهود الوطنية المطلوبة لتعزيز مؤسسات الدولة ووضع حد لإرث الحرب الأهلية وانتشار الأسلحة في جميع أنحاء البلاد. وبالنهاية فإن هذا الاصرار اضعف أيضا الوحدة الوطنية في لبنان ووضع البلاد على خطوط التصدعات الطائفية في المنطقة، وساهم في صعود التطرف الديني والتشدد.

وعلاوة على ذلك، جعل الاستخدام، أو التهديد الضمني باستخدام تفوق السلاح من قبل حزب الله لتجيير اللعبة السياسية الداخلية لصالحه، من المهمة الدقيقة في إدارة النظام السياسي اللبناني شيء اقرب الى المستحيل، وأدى إلى شلل تدريجي ومنهجي. وحماية حزب الله السافر لخمسة من أعضائه المتهمين من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الراحل رفيق الحريري قد ضاعف من منسوب الشكوك وعدم الثقة.فخامتكم،خلال العام الماضي ، أدت مشاركة حزب الله المباشرة في الصراع الدائر في سوريا إلى تفاقم كبير للوضع اللبناني الغير مستقر اصلا. ومن المعروف جيدا أن الجمهور اللبناني منقسم بشأن الحرب في سوريا. نحن، كأعضاء في تحالف 14 آذار الواسع، نقف بالكامل سياسيا وأخلاقيا دعما للشعب السوري.

نعتقد ان النظام الأسدي فقد الشرعية الأخلاقية والقدرة على استعادة السلام والوحدة في سوريا على حد سواء. ومع ذلك كممثلين للشعب اللبناني، فإن تركيزنا ومسؤوليتنا الرئيسية هي حماية لبنان من الخطر الجسيم الناجم عن تسرب النار المشتعلة في الجوار الى بلادنا.

في الواقع، فإن الصراع في سوريا قد لامس بالفعل العديد من البلدات والقرى الحدودية في لبنان وأثار أعمال عنف متفرقة وأفعال ارهابية دنيئة. كما تعلمون، كانت السفارة الايرانية في بيروت هدفا لتفجير إرهابي مدان، وكذلك كانت المساجد والأحياء ايضا عرضة للارهاب.مكافحة هذه الآفة وحماية لبنان من تداعيات أسوأ لا يمكن أن تنجح في حين أن حزب لبناني كبير يشارك مباشرة في الصراع السوري تدخله، في الواقع، دعوة لتلك القوى الموجودة في الطرف المتلقي لقنابل ورصاص حزب الله في سوريا لجلب الحرب إلى موطن حزب الله، موطننا المشترك. للأسف، هذا ما يحدث مع دعم وتنسيق جمهورية إيران الإسلامية.فخامتكم،لبنان اليوم في أزمة على جميع المستويات. بوضوح ، المسكنات ليست كافية بعد الآن. نحن بحاجة إلى حماية لبنان من السقوط إلى أسفل منحدر زلق للغاية. ونحن نعتقد أن هذا يمكن أن يتم في حال كانت القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك إيران، على استعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة. وهناك بالفعل علامات إرشادية. وقد حددت في إعلان وطني مشترك صدر من قبل جميع الأحزاب السياسية اللبنانية في العام الماضي واطلق عليها اسم “إعلان بعبدا”. وقد أكد هذا البيان أن الهدف في الحفاظ على أمن لبنان يتم من خلال التالي:

1) الحماية من تسرب العنف في سوريا الى الاراضي اللبنانية وبصورة عامة تحييد لبنان بعيدا عن الصراعات والتحالفات الإقليمية والدولية؛

2) استكمال تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701.في رأينا، فإن هذا يتطلب خطوات ملموسة حيث يتفق عليها وتتطلق من خلال اجتماع خاص لمجلس الأمن الدولي او من خلال تنظيم مؤتمر دعم خاص وشامل، وهذه الخطوات هي التالية:

1- إلتزام معلن من قبل جميع البلدان الأخرى، بما في ذلك إيران، لتحييد لبنان على النحو المتفق عليه في إعلان بعبدا. ومن الواضح أنه لا يكفي للبنان أن يعلن عن رغبته في التحييد. الأهم من ذلك، تحتاج البلدان الأخرى إلى الالتزام باحترام رغبة لبنان الوطنية؛

2- إنهاء كل المشاركات العسكرية من قبل الاحزاب والجماعات المسلحة اللبنانية، بما في ذلك حزب الله، في الصراع السوري؛

3- تأمين رقابة فعالة من قبل الجيش اللبناني وقوات الأمن على الحدود مع سوريا، بدعم من الأمم المتحدة إذا لزم الأمر على النحو المسموح به بموجب القرار 1701؛

4- الطلب من مجلس الأمن البدء بالخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701.

هذا يهدف إلى نقل لبنان من وضع الوقف المؤقت الحالي للأعمال العدائية بين لبنان واسرائيل الى وقف دائم لإطلاق النار مع ما يترتب من اجراءات امنية لازمة من قبل الأمم المتحدة، والتي ستنهي انتهاكات الحدود من قبل إسرائيل وتقيم بذلك سلطة الأمن اللبناني كاملة وحصرية بواسطة القوات المسلحة اللبنانية على جميع الاراضي اللبنانية.هذه الرؤية وخارطة الطريق قد تبدو جذرية، اذا اخذنا بالاعتبار أن لبنان لم يشهد سيطرة كاملة وحصرية من قبل الدولة على أراضيها وعلى جميع الأسلحة منذ أربعة عقود.

ولكن هذه هي أيضا الحقوق الطبيعية الأساسية لأي بلد يسعى إلى أن يكون حر ومستقل. ومن واجبنا كممثلين للشعب اللبناني القيام بكل ما في وسعنا لاستعادة تلك الحقوق. لسنوات، أيدنا وسوف نستمر في تأييدنا للحق في ان تكون فلسطين حرة ومستقلة. وبالمثل، فإننا نؤيد الحق الوطني لايران كدولة حرة وذات سيادة في السيطرة على مصيرها وأمنها داخل حدودها. كدولة صغيرة ولكنها فخورة نحن في لبنان لا يمكن أن نطمح لأقل من ذلك.فخامتكم، هذه هي قضية لبنان. سنفعل كل ما بوسعنا لحشد كل الدعم الذي نحتاج ونستحق. في نهاية المطاف، فإن نجاحنا أو فشلنا سيعتمدعلى القرارات التي اتخذت، وليس فقط من قبل الشعب اللبناني ولكن أيضا من قبل الآخرين، بما في ذلك شخصكم الكريم. بصراحة، ولكن أيضا لأسباب مفهومة، هناك العديد من المشككين بإيران في لبنان والمنطقة. نأمل أن الخيارات التي ستعتمدها إيران في لبنان تستطيع أن تبرهن خطأ شكوكهم. مع خالص التقدير،

محمد شطح

اللينك الاصلي بالانكليزية: http://online.wsj.com/news/articles/SB10001424052702304483804579286723620835720

السابق
تركيا: الإسلاميون “يلتهمون” بعضهم البعض
التالي
أسئلة حول لبنان