تفجيرات مصر والعراق قد تضرب بلداناً أخرى

قد يكون منطقياً ربط الإهتزاز الذي يتعرّض له نظام «الإخوان المسلمين» في تركيا في هذه الفترة، بتداعيات الأزمة السورية، لكنه ربما ليس من نتائجها المباشرة.

فمشكلة النظام “الاخواني” في تركيا ودور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وموقعه فيه، مرتبط بالتداعيات الكبرى التي تصيب هذا التيار عموماً. صحيح أنّ هناك مَن يتحدث عن مشكلة بينه وبين الإدارة الأميركية، لكنّ التقدير أنّ لديها مشكلة مع هذا التيار الإسلامي، هو تقدير خاطئ، سواء كان تياراً عربياً او أعجمياً.
ولعل ما فجّر الخلاف هو محاولات حكومة أردوغان الإلتفاف على نظام العقوبات على إيران، لتحقيق أرباح في ظل حاجة الطرفين المتبادلة، بعدما شعرت أنقرة أنّ اقتراب طهران من عقد صفقة مباشرة مع الغرب، سيطيح المكتسبات التي حققتها جراء دور “الوسيط” المضارب معها الذي أدّته في المرحلة الاخيرة.
يقول مصدر أميركي إنّ “من الصعب وصول الوضع بين واشنطن وأنقرة الى حافة القطيعة، خصوصاً انّ ما يجمعهما يفوق بكثير عوامل الإفتراق. لكن من الضروري الإلتفات الى الملفات المرتبطة بهذه العلاقة، وتحديداً ملف العلاقة مع الحركات الإسلامية بمختلف انتماءاتها ومشاربها، مع تحول تركيا قاعدة جديدة لشتّى انواع تلك الحركات، والناشطة في أكثر من بلد، من ساحل افريقيا على البحر المتوسط الى دول المشرق العربي وجواره”.
ولا تخفي أوساط عربية في واشنطن ارتياحها الضمني الى الأزمات التي تشهدها تركيا راهناً، خصوصاً أنّ النزاع على مرجعية حركات الإعتراض، والناشطة في سوريا تحديداً، في طريقه الى التحوّل مواجهة مفتوحة، بهدف الوصول الى تفاهمات جديدة بين الطرفين.
فالمعركة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه طويلة جداً، مع إدراك الجميع أنّ “انصراف” الإدارة الأميركية عن التدخل بقوة لمصلحة مسار سياسي معين، سيضع الأطراف الأخرى في صدام مباشر، في سبيل مصالحها الخاصة.
وتقول تلك الأوساط إنّ الأزمة في تركيا لن تنتهي سريعاً، بل ربّما ستتفاقم على نحو كبير، خصوصاً انّ ردّات فعل الشارع التركي لا تزال منضبطة في انتظار تكشّف معظم الخيوط المرتبطة بفضيحة الفساد. فالمشكلات التركية متعددة الجوانب وقابلة للتشابك مع عوامل إقليمية عدّة.
وفي اعتقاد تلك الأوساط أنّ “الأزمة التركية” المستجدة قد تكون من بين هذه العوامل التي ستؤثر حكماً في انعقاد مؤتمر “جنيف ـ 2″ الشهر المقبل. فإضافة الى العوامل المتعلقة بالنزاع بين النظام والمعارضة ومشكلات الأخيرة السياسية والعسكرية، هناك خلطٌ للأوراق آخذٌ في الإتساع عشية جنيف، مع تكاثر الدعوات حتى داخل الإدارة الأميركية نفسها الى إعادة تقويم أسباب انعقاده وما سينتج عنه من مسارات، لا تبشر كلها بالخير”.

عطلة الأعياد التي فرضت نفسها أميركياً أفسحت المجال امام تأويلات كثيرة عن المسار التفاوضي المرتبط بالملف السوري او بقضية السلام في الشرق الأوسط.
وتتساءل أوساط أميركية مطلعة “هل يمكن التكهّن بقدرة “جنيف – 2” على اجتراح خطة عمل سياسية واضحة لمستقبل سوريا، ما دام لم يتحقّق أيّ شيء إيجابي على الأرض لضمان انعقاده في ظروف مؤاتية؟
فطالما ذلك لم يحصل، ولم تتراجع القوى المتورطة في النزاع عن مواقفها، ولم يُتوَصَّل بعد الى اتفاق ظرفي ومُوَقّت على وقف النار، او على تسهيل دخول المعونات الطبية والغذائية، فما هي حظوظ المؤتمر في النجاح”؟ وإذا كان الجميع يستشعر بأنّ حظوظه في تحقيق حدّ ادنى من مصالحه قد تكون ضعيفة، وفي ظلّ ثقة كل طرف بقدرته المتواصلة على الإنتصار على الطرف الآخر، فلا أمل يرتجى من حصول أيّ خرق سياسي فيه.
وإذ تحذّر الأوساط الأميركية من حوادث أمنية متنقلة في هذا البلد أو ذاك في الفترة المقبلة، لا تستبعد أن تطاول التفجيرات الدموية الأخيرة في مصر والعراق بلداناً أُخرى، وذلك في تبادل خطير للرسائل النارية، بعد انعدام الثقة لدى الأطراف المتورطة، حتى بين التي كانت تُصنّف بأنها في خندق واحد.

السابق
التطرف السني سبب أم نتيجة؟
التالي
استسلموا يا 14 آذار