التطرف السني سبب أم نتيجة؟

التطرف السنّي سبب أو
كثر الكلام مؤخرا عن التطرف السني، خصوصا في لبنان، حيث ظهر انتحاري من أهل السنّة، للمرة الأولى، ما أثار استغراب أهل السنّة أنفسهم، بعد عملية تفجير السفارة الايرانية في لبنان، التي كان احد الانتحاريين فيها لبناني الجنسية: لا تناقش يا أخي النتائج بل ناقش الأسباب التي أدت الى هذه النتائج، فعندما تشخص الحالة جيدا ستعرف تماما طريق العلاج.

من الطبيعي أن يكون لكل ظاهرة سبب، ولكل مشكلة جذور وخلفيات متعدة. ولكي نشخص الحالة بشكل جيد علينا ان ندرس ونحلل كافة جوانبها، فليس هناك انسان يريد ان يموت أو ان يفجر نفسه وينهي حياته وحياة الآخريين، على الأقل ليس بلا سبب شديد الإقناع. مع العلم أن ظاهرة الانتحاريين لم تظهر، لبنانيا، مع الطائفة السنية بل ظهرت مع حزب الله في أوائل الثمانينيات.

لسنا في صدد الدفاع عن أحد أو أن نبرر لأحد، لكن يجب علينا أن نقول الأمور كما هي، وأن نتكلم بلسان الشباب السني المعتدل الذي خوّنه البعض وأقصاه. والهدف أن نستعرض المشكلة كما هي ونحدد أسبابها وخلفياتها عسى أن نتدارك الأمور قبل أن تتخطى مرحلة اللاعودة التي كدنا تلامس مشارفها، وينهار الهيكل على رؤوس الجميع .

في لبنان كانت القيادات السنية مستهدفة بشكل كبير منذ الاستقلال من الرئيس رياض الصلح مرورا بالمفتي حسن خالد وصولا الى الرئيس رفيق الحريري، ودائما كانت أصابع الاتهام توجه نحو جهة معينة. سقطت دماء الرئيس رفيق الحريري فأخرجت الجيش السوري من لبنان ولكن بقيت أذرع سوريا الأمنية، ومع سقوط دماء الرئيس رفيق الحريري عاد ميشال عون ولكن بحلة جديدة ومشروع جديد، مشروع شعاره “حماية الأقليات”.

مشروع هو عبارة عن حرب معلنة على الطائفة السنية مترافقة مع حملة اعلامية تستهدف هذه الطائفة وتتهمها بأبشع انواع الاتهمات وتحرض عليها وتنال من شهدائها،. مشروع يقضي بانخراط كل ما هو غير سني تحت حلف هدفه الاساس استهداف السنة سياسيا واقتصاديا، وظهر جليا هذا الحلف في عملية اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري.

 سعد الحريري الفائز في الانتخابات النيابية 2009 وممثل السنة الأوّل في لبنان والذي يختصر في شحصه مفهوم الاعتدال السني والاسلامي في لبنان. اقصاء الرئيس سعد الحريري كان إقصاءً لأغلبية الطائفة السنية. كان الطعنة التي استدعت التعبئة العامة والشعور بالاستهداف والخطر عند أهل السنة في لبنان، ولا احد يقول لنا هناك الرئيس الميقاتي ووزراء سنة فهؤلاء لا يمثلون أهل السنة، ففي لبنان معروف من يمثل كل طائفة، كما نعلم أن حزب الله وحركة أمل يمثلون أكثرية الطائفة الشيعية. ليس المطلوب إقصاء الآخرين، لكن لا يجوز أيضا إقصاء الأغلبية.

وفي الانتقال من لبنان الى سوريا، نجح النظام السوري الى جر الصراع الى قعر سني شيعي، لاستدعاء الشيعة في العالم لكي يساعدوه بعد أن وقف على شفير الهاوية فدغدغ مشاعر الشيعة بكلام طائفي. فكان اول من لبّى النداء حزب الله بشعار “لبيك يا زينب” و”دفاعا عن المقامات”. فأخذ الصراع طابعا طائفيا خالصا، خصوصا أنّ معظم المناطق الثائرة على النظام السوري هي مناطق سنية.

ومع غياب الرئيس الحريري وتيار المستقبل عن الساحة السياسية، ملأ الفراغ هذه الساحة وشعرت الطائفة السنية بالانكشاف وعدم الحماية، فظهرت بعض الجماعات معلنة الدفاع عن اهل السنة. ولأن الشباب السني يشعر بالاضطهاد السياسي والامني ويريد الحماية والشعور بالحرية بأيّ  ثمن، راح يشعر أنّ وجوده مهدد، فجذبته هذه الجماعات. ولأنّ تجربته السياسية مع الطرف الآخر الذي كان يواجه الديمقراطية والعمل السياسي باسلوب امني باستعمال لغة العنف، وصل بعض الشباب السني الى قناعة مفادها أن الطرف الاخر لا يفهم الا لغة العنف.

لا تناقش يا أخي النتائج بل ناقش الأسباب التي أدت الى هذه النتائج، فعندما تشخص الحالة جيدا ستعرف تماما طريق العلاج.

  • كتب هذا النصّ قبل اغتيال الوزير محمد شطح
السابق
القبض على موظّفين فاسدين في عدلية بعبدا
التالي
تفجيرات مصر والعراق قد تضرب بلداناً أخرى