حان الوقت لتحقيق السلام في سوريا

في السادس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وجه الأمين العام للأمم المتحدة دعوة جديدة لعقد مؤتمر جنيف الثاني حول سوريا في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل. هذه الدعوات توجه منذ يونيو (حزيران) 2011، لكن الأطراف المتحاربة لم تحضر لأن كلا منها سُمح له بوضع شروطه المسبقة للمفاوضات. والسبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق يتمثل في قيام الأمم المتحدة والقوى الكبرى بوضع هذه الشروط وتنفيذها.

كان أكثر من 100 ألف سوري قد لقوا حتفهم خلال الحرب الدائرة منذ عامين ونصف العام، فيما فر أكثر من مليوني سوري آخرين من البلاد كلاجئين ونزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد. واتخذت الحرب بين الطوائف الكثيرة في سوريا صورة أكثر وحشية، كما تدخلت بعض دول الجوار بصورة أعمق لمساعدة طرف أو انتصار الآخر. وقد حان الوقت للتساؤل عن سبب فشل الدعوات إلى السلام.

أصر خصوم الرئيس بشار الأسد على ضرورة أن يكون هدف مؤتمر جنيف هو استبدال حكومته، وهو أمر كان متوقعا أن يرفضه، فيما طالبت حكومته مجموعات المعارضة، التي تشهد انقسامات كبيرة، والتي تصنف غالبيتها كمنظمات إرهابية، بالتخلي عن أسلحتها قبل مناقشة السلام. هذا المأزق يوضح السبب في التوقعات بعدم إمكانية نجاح الدعوة الأخيرة للمفاوضات في يناير المقبل.

كانت الأمم المتحدة محظوظة في استعانتها بمبعوثين ذكيين للتعامل مع الأزمة السورية – كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي – لكنهما لم يسمح لهما باستخدام مهارتهما التفاوضية لأن اللاعبين الأساسيين يصرون على النصر كشرط مسبق عوضا عن الاستيعاب المتبادل الضروري لإنهاء الحرب.

هذه الشروط المسبقة تهدف إلى الفوز في حرب لا يمكن تحقيق الانتصار فيها أكثر منها لتحقيق سلام منقوص يحرم الشعب السوري من حقه الأصيل في الاختيار.

لكن مجموعة من الشروط البديلة المسبقة، التي يصعب على جميع الأطراف قبولها، يمكن أن تؤدي إلى الديمقراطية والتسامح. وسوف يتطلب ذلك من الأطراف العالمية والإقليمية اتخاذ خطوة أولية وتشجيع الحلفاء السوريين على القيام بالخطوات التالية.

يجب على كل الأطراف التوصل إلى تسوية صعبة إذا أرادوا وضع نهاية للحرب، وإذا فشلوا في اتخاذ هذه الخطوات الصعبة، فربما تمتد الحرب لعقد آخر، ومن المحتمل أن تؤدي إلى حلقة أوسع من الدمار والموت.

ونحن نقترح هذه المبادئ التي ينبغي أن تعتمد عليها المحادثات في جنيف:

* تقرير المصير: يجب أن يتخذ الشعب السوري القرار بشأن حكومة مستقبلية في انتخابات حرة تخضع لمراقبة عن كثب من مراقبين دوليين، ومنظمات غير حكومية موثوقة، وقبول النتائج في حال الحكم على الانتخابات بالحرية والنزاهة.

* الاحترام: ينبغي على المنتصرين ضمانة احترام الأقليات والمجموعات المذهبية.

* قوات حفظ السلام: لضمان تحقيق تلك الأهداف ينبغي نشر «قوة حفظ سلام قوية».

وكل من يقبل بهذه الشروط الثلاثة المسبقة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية ينبغي أن يكون موضع ترحيب في مفاوضات جنيف.

هذه الشروط المسبقة يجب ألا تكون مثيرة للجدل، لكنها تعني أن الفصائل السورية – ومؤيديها – سيضطرون إلى التنازل عن مطالبهم غير المعقولة السابقة.

والاتفاق الأخير للسيطرة على الأسلحة الكيماوية يشير إلى أن التنازلات غير المتوقعة ممكنة إذا اجتمعت الأمم المتحدة واللاعبون الرئيسيون على الصعيد الدولي على هدف مشترك وعملوا على تنفيذه معا.

لن يتمكن أي طرف من الفوز بهذه الحرب، لأن كلا الطرفين يعتقد أن الخسارة تعني بالنسبة له الفناء، وهذا ما يفسر السبب في أن الحرب ستستمر ما لم يفرض المجتمع الدولي بديلا شرعيا.

أولى أهم الخطوات لتحقيق ذلك هي إنشاء لجنة ذات مصداقية ومستقلة وغير حزبية للانتخابات. والخطوة الثانية المهمة هي بناء آلية أمنية قادرة على منع أي طرف من تخريب الانتخابات أو التلاعب في النتائج. كما نحتاج إلى موافقة روسيا والولايات المتحدة للموافقة على هذه الخطة، وأن تقوم إيران «وقوى إقليمية أخرى» بوقف الدعم لحلفائها، وأن تجعل الأمم المتحدة السلام في سوريا على رأس أولوياتها.

لقد حان الوقت لتغيير الأجندة، والشروط المسبقة والاستراتيجية الخاصة بسوريا، وإنهاء الحرب.

السابق
هل تعود الفاشية مجددا إلى أوروبا؟
التالي
من أجل سلطة أخلاقية بأوكرانيا