هل بلغت المفاوضات الأميركية – الروسية رأس الأسد

فتَح الجدل بين نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف ونظيره نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد البابَ على مزيدٍ من السيناريوهات يمكن أن يسفر عنها مؤتمر «جنيف – 2»، وخصوصاً أنّه تزامن مع بدء المراحل التحضيرية للمؤتمر. فما هي السيناريوهات المحتملة؟ وهل يمكن أن تتناول رأسَ الرئيس بشار الأسد؟
شكّلت تصريحات بوغدانوف مصدرَ جدل دائم، ينتهي كلّ مرة بتوضيحات روسية. ففي المفاصل الرئيسة للأزمة السورية الممتدة منذ 33 شهراً تقريباً، كانت لنائب وزير الخارجية الروسية مواقف متمايزة.
فعندما أعلن بوغدانوف في شباط 2012 بعد عام تقريباً على إندلاع الثورة السورية أنّ “استخدام النظام السوري القوة المفرطة يُهدِّد بإشعال الحرب الأهلية في البلاد”، وأنّ “روسيا تنظر بقلق شديد الى ردّ النظام، بالقوة العسكرية، على الصدور العارية في شوارع المدن والقرى السورية”، قامت الدنيا ولم تقعد، وانتهت “الهمروجة” بتوضيح روسي ينفي مضمون البيان.

وبعد أقل من عام تقريباً، جدَّد بوغدانوف من العاصمة الفرنسية مواقفه المتمايزة، وكشف عبر إحدى الوكالات الدولية، ما معناه أنّ تنحية الأسد باتت مطروحة على كل المستويات وفي كل المناقشات. فتجدَّدت التصريحات المدينة والمرحّبة، ودعت وزراة الخارجية الروسية الإعلاميين الى اعتماد “الترجمة الصحيحة”، لكنّ الوكالة الدولية ردَّت بسطر واحد قالت فيه إنها تملك التسجيلات الصوتية التي تؤكد أنهم “مترجمون محترفون”، فطُويت الصفحة مرة أخرى.

وقبل يومين، جدّد بوغدانوف انتقاداته، ونقلت وكالة “انترفاكس” الروسية شبه الرسمية عنه قوله إنّ تلميحات الاسد بأنّه “قد يسعى لإعادة انتخابه سنة 2014 لا تساعد الوضع في سوريا، وإنّ مثل هذه التصريحات الخطابية تؤثر في المناخ ولا تجعل الموقف أهدأ في أيّ حال”.

وقبل أن يجفّ حبر التصريح، سبق المقداد التوضيحات الروسية وردَّ بعنف على تصريحات بوغدانوف قائلاً: “لا يحق لأحد التدخل والقول اذا ما كان على الأسد الترشح ام لا. هذا قرار يتخذه الرئيس بنفسه بتأييد من الشعب السوري”.

وما هي إلّا ساعات، حتى تكرَّر السيناريو نفسه. واعلنت السفارة الروسية في دمشق أنّ التصريحات المنسوبة لبوغدانوف “عارية من الصحة كلياً”. وقبل أن يُقفل الجدل حول هذا العنوان، فاجأ بوغدانوف الرأي العام بكشفه أمس من جنيف وبعد لقائه رئيس الإئتلاف السوري أحمد الجربا أنّ “الأميركيّين غير موافقين على مشاركة ايران في جنيف… لكننا نأمل أن يتغير مزاجهم”.

وعلى هامش هذا الجدل، توسعت رقعة السيناريوهات. وتحدثت مصادر تواكب المواقف الإيرانية والروسية عن جهود مضنية تُبذل لإنقاذ الموقف وتوفير الظروف التي تكفل انعقاد المؤتمر الدولي من أجل سوريا.

وتزامنت هذه المعلومات مع تأكيدات نقلتها طهران الى كل من يعنيه الأمر، بأنّ “سقف المواقف العالية التي يطلقها أطراف النزاع من دمشق الى واشنطن والعواصم الأوروبية، لن تقدم أو تؤخر في الإستعدادات القائمة”، مؤكدة أنّ “المؤتمر لن ينعقد من دون ايران والسعودية في آن، وأنّ طهران التي تجاوزت قطوع العقوبات الأميركية الجديدة، اقتنعت بوجهات نظر روسيا والعالم الأوروبي والصين، القائلة بتجاوز هذه العقوبات المستجدة، بعدما وصفتها بأنها “هزيلة” قياساً على ما تم إنجازه في تفاهم جنيف في 24 تشرين الثاني الماضي لتستكمل الخطوات الآيلة لإنجاح “جنيف – 2”.

وكشفت المراجع الديبلوماسية أنّ “المرحلة الراهنة لن تتناول مصير الأسد، لكنّ الإشارات التي تحدثت عن ضروة حماية النظام فصلت للمرة الأولى بين شخص الرئيس والقيادة العلوية للجيش السوري في مواجهة الإرهاب، وهو امر يمكن أن يفضي للبحث لاحقاً في مصير الأسد”.

وعليه، ختمت المصادر، معتبرة أنّ “التحدي امام المجتمع الدولي اليوم يكمن في إحضار المعنيين الى مونرو في 22 كانون الثاني المقبل، وبعد هذه المحطة لا بدّ للتفاهم الدولي من أن يقود المرحلة المقبلة في سوريا، وعندها يمكن طرح السؤال عن مصير الأسد.

لكن حتّى تلك الفترة، على الجميع تقبّل الواقع القائم، ومتى نجَحت المساعي لتوحيد المعارضة يمكن الحديث عن سيناريوهات أخرى، وقبل ذلك سيبقى الحديث عن إبعاد الأسد مجرد أحلام لدى البعض وكوابيس تقضّ مضاجع الآخرين”.

السابق
العملية في محيط صيدا: هل دخل الجيش الحرب على الإرهاب؟
التالي
ضدّ من؟ مع من