حزب الله يعجز عن الحجة أمام جنوبية

جنوبية علي الأمين
الإعلام الرديف لـ"حزب الله" يقف عاجزا عن مقارعة الحجة بالحجة. يعتدي على جرحى الجهاد ضدّ إسرائيل باستعمال كلمة "معاق" كشتيمة لرجم الزميل علي الأمين. يصف معارضيه بـ"المخرّبين" بدل "عملاء"، متقمّصا إعلام العدوّ في وصفه المقاومين الشرفاء. ويتّهم زورا "جنوبية" بالتمويل من "USAID"، والعديد من المشاريع التي انجزت في بلديات "حزب الله" منذ العام ١٩٩٨ شاهدة على دعم الـ"USAID" للحزب، من الخيام الى كفرصير، وشاهدة على دعم الغرب "الاستكباري" والعرب "المتخاذلين والمتآمرين " لحزب الله.

دأبت وسائل “الإعلام الرديف” لـ”حزب الله” في الأشهر الفائتة على شنّ هجمات محدودة على موقع “جنوبية” الإلكتروني. الإعلام الجدّي، مثل جريدة “الأخبار” ومجموعة “المنار” وموقع “العهد”، وإن تسرّب أصفر الفضائح إلى عقليات بعض القيّمين عليها، إلا أنّها تأبي أن تنجرّ إلى التجنّي الشخصي الأرعن على شخصيات ومواقع زميلة. وما لا تجرؤ تلك الوسائل على فعله يحوّله الحزب إلى الفايسبوك ومواقع “رديفة” مخصّصة لنفايات الإعلام من مقالات وتهديدات. مثل موقع البوصلة الطارىء. ذاك الذي يملؤه قريبون من “حزب الله” بأسماء وهمية لتشتم بلا حسيب مهني ولا رقيب قانوني. وذلك لأنّ أحدا لا يجرؤ على توقيع اسمه على مقالات كهذه.

آخر هذه الحملات تدلّ على جنون لدى “وحدة الفايسبوك” غير المعلنة في “حزب الله”، بسبب مقالة رئيس تحرير “جنوبية” الزميل علي الأمين، بعنوان: “معارض يقبله حزب الله: كائن غير موجود”. فقد بدأت حملة “علي الأمين ابن الضاحية: عاق أم معاق؟”. وفي هذه الحملة ثلاث سقطات أخلاقية ومهنية وسياسية لا يمكن القفز عنها.

أوّل الأخطاء استعمال كلمة “معاق” في غير محلّها. فمن المعيب شتم أحد في العام 2013 بالقول إنّه “معاق. فالمعوّقيون هم “ذوو إحتياجات خاصّة” وليسوا بأيّ حال من الأحوال مصدر تشبيه للتبخيس من قيمة المنادى عليه. والمعوّقون هم جرحى الحروب وجرحى معارك “حزب الله” ضدّ العدوّ الإسرائيلي سابقا، وضدّ الشعب السوري حاليا. وشرف الجريح يأبى أن يُهان بالقول إنّه نعت سلبيّ. هؤلاء أصدقاؤنا وأحبابنا.

السقطة الثانية سياسية، إذ بعدما عجزت مخيّلة إعلام الحزب على الردّ على المقال المذكور أعلاه، الذي كان مقنعا في تفسير كيف أنّ “حزب الله” لا يقبل أيّ اختلاف، ويصف كلّ منتقد لسلبياته بـ”العميل”، تفتّقت مخيّلة موقع “البوصلة” عن وصف الزميل علي الأمين بأنّه “مخرّب”. وهذه الكلمة في الذاكرة الجنوبية والشيعية تحيلنا إلى العدوّ الإسرائيلي، يوم كان يحتلّ جبل عامل. إذ كان يصف المقاومين الشرفاء، ضدّه، بأنّهم “مخرّبون”. ما يعني أنّه كان يصف أصحاب الأرض والحقّ بأنّهم يخرّبون عليه احتلاله لهم وسيطرته عليهم وعلى أرزاقهم أمنيا وعسكريا. ألا يصحّ هذا اليوم على معارضي “حزب الله”؟

أليس معارضو الحزب اليوم من أصحاب الأرض والحقّ في تقرير مصيرهم، من اللبنانيين الذين فازوا في الانتخابات بعد 7 أيّار، والجنوبيين الذين لهم أراض وحقوق وآراء تختلف عن رأي “ولاية الفقيه”؟ أليس الحزب اليوم سلطة أمنية وعسكرية ترجم من يخالفها بأنّه “مخرّب”، تماما كما كان يفعل الإسرائيلي مع المقاومين، حين كان كلّ من يكتب في “جنوبية” مقاوما، وبالسلاح، هو وأهله وأخوته.

نعم كان آباؤنا، وكنّا كلّنا، مخرّبون أمام الإسرائيلي، واليوم تغيّر العنوان فقط، ونحن ما زلنا، وسنظلّ، نخرّب على كلّ من يقمع حقوقنا في القول والتعبير والنوم في بيوتنا دون أن “نتحسّس رقابنا” والعودة إلى قرانا الجنوبية دون أن يهدّدنا صبيان الفايسبوك.

السقطة الثالثة أنّ “صبيان الفايسبوك” يعايرون موقع “جنوبية” بأنّه مموّل من “USAID”. لكنّ الموقع يتلقّى دعما، في جزء من موازنته الهزيلة أصلا، من “NED”، وهي جمعية غير تابعة للحكومة الأميركية من أهدافها دعم الديمقراطية والاختلاف السلمي حول العالم.
الحقيقة التي أغفلها الحزب في حملته أنّ العشرات من بلديات الجنوب والبقاع الغربي، التي يمسك بها “حزب الله” قلبا وقالبا، كانت تحصل على مساعدات من “USAID” منذ العام 1998، وقد امتنعت الحكومة الأميركية عن دعمها في السنوات الأخيرة، وليست البلديات المحسوبة على “حزب الله” من امتنع عن أخذ أموال الأميركيين. وبلديات كثيرة تخبّىء ولاءها لحزب الله لا زالت تتلقى مساعدات حتّى اليوم لمشاريعها التنموية والبلدية. وهناك مئات الجميعات، حول لبنان، معروفة أنّها تتلقى دعماً ماليا لمشاريعها من “USAID”، وبالطبع “جنوبية” ليست، على الإطلاق، واحدة منها.
و”جنوبية لا تخجل من دعم كهذا، لأنّه محميّ ومصان بالقوانين المرعيّة بين الدول والجمعيات. ولن تتوانى “جنوبية” عن تلقّي دعم من “USAID” طالما أنّه لا يخالف الشروط القانونية أو الأخلاقية أو الوطنية.

في الختام: قد يحق لمن لا يتلقّى دعما ماديا لمشاريعه التنموية من أي جهة، خارجية أو داخلية، أن ينتقد ويعاير من يتلقّى دعما ما. لكن من يفتخر أنّ كل ما لديه هو من الخارج، على قاعدة “كل ما لدينا من إيران”، فلا يحقّ له رشق الناس بالحجارة. بيت الزجاج التمويلي لهؤلاء “الصبيان” على الفايسبوك لا يسمح لهم برشق الناس بحجارة الدعم الخارجي. وهؤلاء المفلوتون على “جنوبية” للصراخ على أبوابها مموّلون من هذا الخارج، ويديرهم “حزب الله” أو مقرّبون منه في أقلّ تقدير.

المضحك في النهاية أنّ الحزب يخجل من تلك الحملات ويتبرّأ منها. ربما هي بتمويل ذاتي، 24 على 24 ساعة لـ7 أيّام في الأسبوع. ربّما، لكن الأرجح أنّ الحزب يخجل منها. فيما نحن في “جنوبية” لا نخجل مما نكتب. نكتب بأسمائنا الصريحة وبلا خوف أو خجل. ومن يخجل عليه إما ألا يفعل ما يخجل من فعله، أو أن يعترف بما يفعله.

السابق
مانديلا ومصير الايقونة
التالي
قريب من الاسد ل الراي: سنكون في جنيف – 2 أمام معارضة فقدت الأرض وما عليها