الجمهورية: برّي: حكومة 996 أو الحوار… والمستقبل والقوات يرفضان

كتبت “الجمهورية ” تقول: كان التطوّر الداخلي البارز أمس عودة ملفّ تأليف الحكومة الجديدة إلى بساط البحث، إذ كشف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أنّ اتّصالات تجري حاليّاً بين المعنيّين للاتّفاق على تأليف حكومة بصيغة 9+9+6. ويأتي هذا التطوّر بعد فشل المحاولات التي جرت في الأيام المنصرمة لتعويم الحكومة المستقيلة، وفي غمرة التحرّكات والاتصالات الناشطة إقليميّاً ودوليّاً، تحضيراً لعقد مؤتمر “جنيف ـ 2” لإقرار حلّ سياسيّ للأزمة السورية، وقد دُعيت أكثر من ثلاثين دولة إلى حضوره، بينها السعوديّة وإيران، على أن يُعقد في مدينة مونترو على ضفاف بُحيرة ليمان في سويسرا، بعدما كان مُقرّراً في جنيف، وفق ما أفاد دبلوماسيّون.

أكّد مسؤولون أميركيّون أنَّ “الجبهة الإسلاميّة” استولت على مقارّ رئيس “هيئة أركان الحرّ” اللواء سليم إدريس وأجبرته على مُغادرتها والفرار إلى قطر الأحد”. إلّا أنَّ ” الجيش الحرّ” نفى هذه الأنباء.

وقال دبلوماسيّ آخر إنَّ “رئيس الإستخبارات السعوديّة بندر بن سلطان وعدَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماعه به أوائل كانون الأوّل، دعمَ جنيف شرط أن يكون “الإئتلاف الوطني لقوى المُعارضة والثورة السوريّة” وحده مُمثّل المُعارضة فيه، إلّا أنَّ بوتين لم يردّ على هذا الطلب”.

وأعرب وزير الخارجيّة الروسيّة سيرغي لافروف عن قلق “بلاده لتشرذم المُعارضة، التي يجب أن تُقرّر في شأن مُشاركتها في “جنيف 2”. وأشار إلى أنّ “المُعارضة يجب أن تتحلّى بالعقلانيّة، وألّا تتنازع على تقسيم غنيمة، بل تتبنّي موقفاً شُجاعاً من المُشاركة فيه”.

وأكّد بوتين أنَّ “موسكو لم تعرّض مصالحها والإستقرار العالمي للخطر خلال مساهمتها في منع التدخّل العسكري في سوريا”. ودافع عن رؤيته لروسيا صاحبة مسؤولية “تاريخية” في عالم غير مستقرّ، وحصن منيع أمام الهيمنة الأميركية، نافياً سعيَ بلاده إلى أن تكون قوّة عظمى، ونيّتها “تعليم الجميع كيف يعيشون”.

عودة إلى التأليف
وعلى وقع هذه التطوّرات الإقليمية والدولية، تجدّد البحث في تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، على رغم استمرار ارتفاع منسوب التشاؤم في هذا الصدد.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ”الجمهورية” إنّه “في ظلّ الوضع السائد لم يعُد هناك من خيار سوى تأليف حكومة 9+9+6 أو العودة الى طاولة الحوار”. وأضاف: “أعرف أنّ فخامة رئيس الجمهورية يؤيّد هذا الحكومة (9+9+6)، والبعض في “المستقبل” يؤيّدونها، ولكنّهم يتشاورون.
وأعرف أنّ الرئيس المكلف تمّام سلام ليس ضدّها ولكنّه ينتظر ان تصدر الموافقة عليها عن غيره. وكذلك الاستاذ وليد جنبلاط يؤيّد هذه الحكومة، مع العلم أنّه المتضرّر الاوّل منها، فهو في موقعه الآن يشكّل “بيضة القبّان” ولكنّه قبِل بها لاقتناعه بوجوب ان تكون للبلاد حكومة.

وهو يدرك أنّه بموجب هذه التشكيلة الوزارية فإنّ انضمامه الى فريق 8 أو 14 آذار لا يغيّر في المعادلة الحكومية لمصلحة أيّ من الفريقين، ففي هذه الحكومة يحصل فريق 14 آذار على الثلث المعطّل مضافاً إليه رئيس الحكومة ووزيرا رئيسِ الجمهورية، بحيث يصبح لديه الاكثرية زائداً واحداً، وليس في حاجة الى انضمام وزيري جنبلاط إليه، علماً أنّ هذا الفريق هو الآن أشبه بمارد لا يملك شيئاً.
وفي المقابل فإنّ فريق 8 آذار الذي سيحصل على 9 وزراء، أي الثلث المعطل ايضاً، وانضمام وزيري جنبلاط اليه لن يُكسبه الاكثرية الوزارية، أي النصف زائداً واحداً كفريق 14 آذار.

واستعاد برّي كلاماً سابقاً له، متسائلاً: “لماذا لا يقبلون بحكومة 9+9+6، فهم الرابحون فيها، إذ لديهم الثلث المعطل والنصف زائداً واحداً ورئيس الحكومة الذي هو أهم من أيّ ثلث معطّل، لأنّ بموقفه تستمرّ الحكومة أو تستقيل حسبما يشاء”.

وشدّد برّي على وجوب إجراء “مداورة شاملة وعادلة في توزيع الحقائب الوزارية من دون أيّ استثناء في الحكومة الجديدة، بحيث يعطى كلّ فريق يتولّى وزارات اساسية في الحكومة الحاليّة وزارات مماثلة بديلة، لا أن يعطى من يتولّى وزارة الداخلية الآن وزارة البيئة مثلًا، وإنّما يعطى وزارة تكون في وزن وزارة الداخلية وحجمها وأهمّيتها، ولكن في أيّ حال فإنّ هذه المسألة تُبحث لاحقاً بعد تأليف حكومة 9+9+6.

وأشار برّي الى انّ حكومة 9+ 9 + 6 ينبغي أن تكون حكومة سياسية وليس حكومة حيادية أو غير سياسية، كما يقترح فريق 14 آذار. وذكّر برّي بواقعة حصلت عام 2007 حيث اقترح تأليف حكومة حيادية فعارضها الرئيس فؤاد السنيورة بشدّة سائلاً: هل هناك من حياديّ بعد في هذه الدنيا؟
واستغرب برّي في هذا الصدد طرح المستقبل وحلفائه الحكومة الحيادية التي رفضوها يومذاك.

ألان عون
من جهته، رحّب عضو تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ألان عون بإعادة إحياء صيغة الـ9+9+6 الحكومية، وقال لـ”الجمهورية”: “هذا هو طرح التيّار أصلاً، وأتمنّى أن يسير الجميع به، لأنّه يعكس التوازنات والأحجام في البلد”. وأوضح أنّ “الوضع السياسي في لبنان مجمّد إلى ما بعد انعقاد مؤتمر “جنيف -2″، عندها يُعرف ما إذا كانت الأوضاع متّجهة الى التسوية أو إلى المواجهة مجدّداً”، لافتاً إلى “أنّنا نحدّد موقع التيار في الإصطفافات الداخلية بعد المؤتمر وليس الآن”.

يوسف لـ”الجمهورية”
من جهته، قال عضو كتلة “المستقبل” النائب غازي يوسف لـ”الجمهورية”: “لا نزال عند موقفنا المؤيّد صيغة 8+8+8 من غير الحزبيّين، أمّا الحديث عن صيغة 9+9+6 فهو مرفوض مئة في المئة، ولا نزال مع حكومة غير حزبية، مكوّنة من المستقلّين، وعلى مسافة واحدة من الجميع، تمثّل كلّ الأطراف، وتُعنى بشؤون الناس وترعى قضاياهم”. ونفى وجود أيّ تطوّرات على خط التأليف الحكومي، معتبراً “أنّ الوقت قد حان لتأليف الحكومة”.

زهرا
بدوره، قال عضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب انطوان زهرا لـ”الجمهورية”: “إنّ صيغة حكومة 9+9+ 6 غير واردة على الإطلاق، ليس فقط في نظري، وإنّما في نظر قوى 14 آذار ككُلّ، وما قيل قد قيل وعن اقتناع، لن نشارك حزب الله في حكومة بما أنّه انخرط في القتال داخل سوريا وكشف لبنان على عدد من الآفات، من إنتحاريين وتكفيريّين”.
وأضاف: “الصيغة الوحيدة التي يمكن الموافقة عليها في هذه المرحلة نتيجة رفضِنا المشاركة في حكومة تضمّ حزب الله، هي حكومة حيادية”. مشيراً إلى “أن لا جديد على خط التأليف الحكومي، على الرغم من بروز ضغوط لتعويم الحكومة لم تؤدِّ مفعولها للاستعجال في التأليف”.

ميقاتي
من جهة ثانية، كشف مرجع سياسيّ لـ”الجمهورية” أنّ زيارة وزير البيئة ناظم الخوري لرئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي أمس “كانت بتوجيه رئاسيّ، حيث بحث معه في موضوع الدعوة الى جلسة حكومية. وتبلّغ ميقاتي نصيحة بأنّ هذه الجلسة ستفسَّر على أنّها تطويق لمهمّة الرئيس المكلّف تمّام سلام، وأن ليس هناك ما يستدعي عقدها، في رأي رئيس الجمهورية”.
وقال: “إنّ الدعوة الى هذه الجلسة قد طُويت “نظراً إلى ما سمّي الأسباب الموجبة التي استند إليها رئيس الجمهورية، وإنّ الملفّات الأمنية التي لها الأولوية، وكذلك الدبلوماسية تعالَج عبراللقاءات الثنائية أو المجلس الأعلى للدفاع”. وأشار إلى “أنّ إحياء جلسات مجلس الوزراء سيفتح الشهية على ملفّات خلافية لا يجوز لحكومة تصريف أعمال أن تبحث فيها لأنّها ستصرف النظر كلّياً عن المساعي لتأليف الحكومة”.

العريضي والصفدي
إلى ذلك لم تخفِ مصادر سياسية قلقها من توسّع ملفّ الإتهامات بين وزيري الأشغال العامّة والمال، ليشمل وزراء آخرين، بعدما بات في عهدة القضاء المختص والنيابة العامّة المالية.
وأشارت الى أنّ الخلاف بين وزيرين عضوين في مجلس النوّاب سيعوق الوصول بالقضية الى النهايات الحتمية لمثل حالات الفساد التي كشف عنها، ذلك أنّ هناك عائقاً كبيراً يتّصل بحصانتهما النيابية قبل إحالة الملفّ على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وأنّ فتح ملفّ رفع الحصانة عنهما لن يلقى قبولاً في المجلس النيابي في ظلّ حال التعطيل التي يعيشها.

ولم تتكهّن المصادر بالآلية التي سيعتمدها المدّعي العام المالي بعد الإستماع الى العريضي والصفدي الذي لن توفّره الإجراءات القضائية على رغم استعداداه لتسليم النيابة العامة الملفّات المالية العائدة لوزراة الأشغال. ذلك انّ ما لدى العريضي ايضاً من ملفّات ووثائق سيؤدّي بالقضاء الى إستدعاء الصفدي لا محالة، “لأنّ ملفّات الكلّ عند الكلّ”، حسبما قالت مراجع حكومية بارزة لـ”الجمهورية”.

وكان لافتاً أمس زيارة العريضي لرئيس الجمهورية بعد أقلّ من 24 ساعة على زيارة الصفدي لسليمان الذي التقى ايضاً المدّعي العام التمييزي بالوكالة القاضي سمير حمود والمدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم اللذين أطلعاه على عمل النيابات التمييزية والملفّات الموجودة لدى النيابة العامة المالية، وذلك قبل ساعات على قرار إبراهيم باستدعاء العريضي الأسبوع المقبل.

السابق
الشرق: اللقاء المسيحي يشدد على قانون انتخاب عصري وعادل
التالي
البناء: أجواء بعبدا لا تُمانع والكرة في مرمى السعوديّة وحلفائها بعد التصعيد