أفضل علاج للمجنون هو الضرب على الرأس ؟؟

أما وقد دخل الصراع الدموي في لبنان سياقا بالغ الخطورة تجلى باستهداف السفارة الايرانية بعملية انتحارية مزدوجة ، فإن لذلك تداعيات وتغييرات في معادلة الصراع القائم في المنطقة خصوصا على الساحة السورية ، ولأن بعض التفجيرات والاستهدافات الامنية تطاول في لبنان حزب الله وجمهوره يضعها البعض حصرا في تواجد الحزب داخل الصراع السوري ما يدخل الصراع القائم في معادلات جديدة …

قد يكون من السهل وشيء من الواقعية والهروب من المسؤولية في نفس الوقت، تبرير التفجير الامني بأنه مرتبط بدخول او انسحاب الحزب من سورية ، لكن واقع الحال يعكس رأي البعض بل يدحض حجته وذريعته ، لان من اهم اسباب الحرب على النظام السوري هو دعمه وتسليحه لحزب الله في مواجهة اسرائيل ، ولعل الذاكرة لن تخوننا عقب بدء الاحداث في سورية بشهر او اقل خرج ناشطون وقياديون معارضون ووسائل اعلام عربية باتهام واضح لوجود آلاف المقاتلين من حزب الله و”جيش المهدي ” والحرس الثوري على الارض السورية يقاتلون المعارضين للنظام ، وتوالت هذه الاتهامات بشكل متصاعد ومتسارع الى ان وصل الامر بأحد قادة الائتلاف السوري بالتحدث عن مقتل آلاف العناصر من حزب الله في القتال الدائر ، وجاء هذا التصريح بعد اربعة وخمسة اشهر على بدء الاحداث في سورية اي قبل دخول الحزب في الصراع بعام ونصف عام !!
منذ ان بدأ الصراع المسلح لم يتوان احد من المجموعات المسلحة بتهديد المقاومة في لبنان بسحقها والدخول الى عقر دارها، واستباحة وقتل من يؤيدها او من يدور في فلكها من بقية الطوائف والاحزاب ، الى ان وصلت بعض هذه المجموعات الى قرى لبنانية داخل الاراضي السورية وقامت بقتل وتدمير هذه القرى وتهجير اهلها ، ومن ثم تهديد هذه المجموعات بقصف الهرمل وعدد من المناطق الحدودية الموالية للمقاومة ، ولا ننسى خطف الزوار اللبنانيين قبل عام من تدخل الحزب في سورية؟!!
لذلك نجد ان من يبرر التفجيرات التي تطاول جمهور المقاومة بحجة تدخلها في سورية هو شريك اساسي بالمسؤولية عن هذه الاعمال الاجرامية، وتأمين بشكل مباشر وعن عمد بيئة لوجستية وسياسية وأمنية لهذه المجموعات، وما تتطلبه من احتياجات للقيام بأعمال ارهابية ، واذا كان دخول الحزب الى الارض السورية للدفاع عن لبنان وأمنه من اقتراب او دخول المجموعات الارهابية الى قراه ومدنه امرا هاما وواجبا شرعيا ووطنيا ، فان من حق هذه المقاومة ان تدافع عن سندها وظهرها سياسيا وعسكريا المتجسد بمنع اسقاط النظام والدولة السورية ومنع المحور الاميركي الاسرئيلي التكفيري من حكم سورية.
فمن يعتقد ان تواجد الحزب في سورية تهمة انما يجافي الواقع ، بل ان هذا التواجد هو استراتيجيا في مواجهة المقاومة لاسرائيل ومشروعها ، وكل ما يحكى عن الحياد والتحييد في لبنان سقط قبل وبعد اعلان بعبدا عبر تبني تيار المستقبل ومن يدور بفلكه من مجموعات اسلامية متشددة بشكل علني بدعم ما يسمى بالثورة السورية، والتي تضم في حناياها “جبهة النصرة وداعش ، ولواء التوحيد الاسلامي” وهي القوى الرئيسية في ما يسمى بالثورة ، ولسنا بحاجة لشرح عن هذه المجموعات لان عملها “الثوري” بقطع الرؤوس والتنكيل بالجثث يشاهده العالم بالصوت والصورة ، وعليه لا يمكن للدولة اللبنانية التي تحترم سيادتها ودستورها ان تكون محايدة بين مجموعات ارهابية وبين دولة نظامية تحارب هذه القوى ، وهل يكون الحياد عبر جعل لبنان مقرا وممرا لاستهداف سورية بارسال السلاح والمسلحين لمواجهة الدولة السورية ومؤسساتها …
قد يكون التفجير الانتحاري الذي استهداف الابرياء من المواطنين العزل ، امرا بالغ الخطورة لم تشهده الساحة اللبنانية ويفتح هذه الساحة على عمليات ارهابية تطاول كل النسيج اللبناني وتزعزع الاستقرار الداخلي بشكل كبير، الا ان معالجة هذا الخطر الداهم لا تكمن فقط في تشديد الاجراءات الامنية العادية ، بل بدخول الجيش الى المناطق التي تُؤوي هذه المجموعات وهي معروفة للجميع ، والامر الثاني يتعلق بمحور المقاومة الذي يحقق تقدما عسكريا واضحا في سورية وعليه ايضا ترجمة هذا التقدم بشكل متسارع وحاسم خصوصا في ما بات يعرف بالساحل السوري من اللاذقية مرورا بريف دمشق وصولا الى حمص وإحكام السيطرة الكاملة على الحدود مع لبنان ، وربما بات من الضرورة ايضا ضرب من يمول ويدعم ويوجه الارهاب في عقر داره وليس الاكتفاء بتوجيه الاتهام له ودعوته الى التعقل ، والمشكلة ان من يدعونه الى التعقل هو فاقد للصواب وافضل علاج للمجنون هو الضرب على الرأس …

السابق
الإرهاب الفظيع والإرهاب الوديع
التالي
جلسة للجنة الفرعية المكلفة درس قانون الانتخابات الثلثاء