الجمهورية: الإتفاق النووي مهّد لمؤتمر جنيف 2

كتبت الجمهورية: الإشكال السياسي الذي افتعله «حزب الله في اليسوعية استدعى المتابعة السياسية على أكثر من مستوى، بدءاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وصولاً إلى رؤساء الأحزاب والفعاليّات على اختلافها، وأدّى إلى توتير المناخات السياسية، وطرح أكثر من سؤال عن الهدف والمغزى من تطويق اليسوعية والإشادة بقاتل الرئيس بشير الجميّل حبيب الشرتوني في هذا التوقيت بالذات، حيث يُفترض بالحزب الذي يعتبر نفسه منتصراً بعد الاتفاق الغربي-الإيراني أن يكون في حال من الاسترخاء لا التشنّج…
وفي موازاة هذا الإشكال بقي التركيز منصبّاً على الاتفاق النووي، وتحديداً على مستويين: أوّلاً، اعتبار البيت الأبيض أنّ «الاتفاق مع إيران لا يجعلنا نغفل أنشطتها، خصوصاً في ما يتعلق بدعم «حزب الله ونظام الرئيس السوري بشّار الأسد، ما يؤكّد أن لا مقايضة بين النووي والدور الإيراني.
ثانياً، تحديد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون 22 كانون الثاني المقبل موعداً لمؤتمر «جنيف 2 لحلّ الأزمة السورية، هذا الموعد الذي لا يمكن إلّا ربطه بالدينامية التي أطلقها النووي وحرص المجتمع الدولي على حلّ الأزمات الواحدة تلو الأخرى.

ترحيب بالإتفاق
وانعكسَ اتّفاق جنيف النووي، على رغم التكهّنات الكثيرة التي يثيرها، ارتياحاً في الأوساط السياسية والديبلوماسية والشعبية، وحصد موجة ترحيب دولي وعربي عارم، بعدما انضمّت السعودية أمس الى نادي المرحّبين، وإن بحذر، حيث اعتبرت انّ الإتفاق يمكن أن يشكّل خطوة أوّلية في اتجاه التوصّل إلى حلّ شامل للبرنامج النووي الإيراني إذا توافر حسن النيّات.
أمّا إسرائيل الغاضبة من الاتفاق فلم تنجح تطمينات الإدارة الأميركية في تبديد مخاوفها منه، فقرّر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إرسال وفد برئاسة المستشار لشؤون الأمن الوطني يوسي كوهين الى واشنطن خلال الايام القليلة المقبلة للبحث في الاتفاق، مؤكّداً “أنّ إرسال الطاقم تمّ بالتنسيق مع الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما”.
في هذا الوقت، أعلنت ايران تمسّكها بالتقنية النووية، واعتبرت انّ الغرب جلس على طاولة المفاوضات معها بعدما تأكّد بأنّ الضغط لن يجدي نفعاً. وذكر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنّ ما تمّ الاتفاق عليه في جنيف ليس نهائيّاً ويمكن العودة عنه، ودعا الغرب الى ان يتعامل مع إيران بلغة الاحترام المتبادل.

برّي
ومع انقلاب المشهد الدولي، انهمك لبنان بقراءة أبعاد الإتفاق النووي الايراني، مترقّباً انعكاساته، أملاً في أن يُسهم في تهدئة التوتّر على ساحته.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري من طهران، حيث التقى كلّاً من مرشد الثورة الإسلامية السيّد علي خامنئي والرئيس الايراني حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، “إن صفقة العصر التي تمّت كانت فرصة مهمّة جدّاً”، مضيفاً أنّ إيران “استطاعت بصبرها وشجاعتها وتعبها وحنكتها وقوّتها وصمودها أن تصل الى ما وصلت اليه”.

«حزب الله

ووصف “حزب الله” الإتفاق النووي بأنّه “انتصار نموذجي وإنجاز عالميّ نوعيّ تضيفه ايران إلى سجِلّها المشرق بالانتصارات والإنجازات”، معتبراً “أنّه يشكّل قدوة وأمثولة لباقي الدول والحكومات والشعوب التي تنشد العزّة والاستقلال، دون أن ترضخ للإملاءات الخارجية، أو تستسلم أمام التهديدات والإغراءات”، وأكّد “أنّ ما تحقّق من خلال هذا الاتفاق هو انتصار كبير لإيران ولشعوب المنطقة كلّها، وهو هزيمة لأعداء الشعوب والقوى المتربّصة شرّاً بالمنطقة وأهلها”.

«جنيف 2
ومع دخول الاتفاق النووي الإيراني مرحلة الإختبار، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون انّ موعد مؤتمر “جنيف 2” لحلّ الأزمة السورية هو في 22 كانون الثاني المقبل، مشيراً إلى أنّ محادثات المؤتمر “ستسعى إلى تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة”.
ورحّبت اشنطن بالسعي الى عقد مؤتمر “جنيف 2″، وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري انّ بلاده ستعمل خلال الاسابيع المقبلة مع الامم المتحدة وغيرها من الشركاء للإعداد لأجندة المحادثات، ولقائمة الضيوف المشاركين في المؤتمر. واعتبر أنّ مؤتمر “جنيف-2” هو أفضل إمكانية لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا. وقال إنّ “سوريا تحتاج إلى قيادة جديدة”.
بدوره، أوضح المبعوث الأممي الاخضر الإبراهيمي أنّ اللقاء الثلاثي التحضيري سيُعقد في 20 كانون الأوّل المقبل، وربّما سيكون اللقاء التحضيريّ الأخير قبل عقد “جنيف-2″، وأكّد أنّ مناقشة دائرة المشاركين في المؤتمر لا تزال مستمرّة.

إشكال «اليسوعية
وفي خطوة مفاجئة، ومن خارج السياق، إفتعل “حزب الله” إشكالاً في جامعة القدّيس يوسف – أوفلان في الأشرفية بعدما احتشدت عناصره أمام مدخلها بشكل استفزازيّ، عقبَ خسارة طلّاب فريق 8 آذار في الانتخابات الطلّابية، وكتابة شعارات على جدران الجامعة تشيد بحبيب الشرتوني المُتّهم باغتيال الرئيس بشير الجميّل.
وفي حين عملت القوى الأمنية على تطويق الإشكال، أعلنت إدارة الجامعة “تعليق الدروس اليوم في كلّية العلوم الاجتماعية، كتدبير احترازيّ، حرصاً على سلامة الطلّاب”، وتابع رئيس الجمهوريّة الإشكال، فأجرى اتّصالات شملت وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، ورئيس الجامعة الأب سليم دكّاش، ومسؤولين أمنيّين، مؤكّدا أنّ “أبسط قواعد الديموقراطية تفترض اعتراف الجميع بالنتائج وقبولها”، وسأل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “كيف للمواطن اللبناني أن يؤمن بالدولة عندما يرى تصرّفات كهذه، والدولة لا تحرّك ساكناً”،
واعتبر منسّق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميّل أنّ ما حصل في الجامعة هو محطة جديدة في مسلسل استفزاز حزب الله للّبنانيين بشكل مستمرّ، واستنكر قطاع الشباب في التيّار الوطني الحرّ” بشدّة “الإساءة إلى الرموز الوطنيّة كرمز الجميّل”، وحذّر تيار “المستقبل” من خطورة أن يكون تطويق حزب الله لحرم هوفلان “مقدّمة لافتعال حوادث أليمة سبق أن شهدتها بعض جامعات بيروت ولا سيّما جامعة بيروت العربية، قبل أحداث 7 أيّار السوداء”.(تفاصيل ص 9).
في هذا الوقت، أوضحت قيادة الجيش أنّ الإشكال “لم يتخلّله أيّ إخلال بالأمن يستدعي تدخّل وحدات الجيش، بل اقتصر الأمر على مشادّات بين طلّابٍ على خلفية سياسيّة. وذكرت “أنّ دخول الجيش والقوى الأمنية إلى حرم أيّ جامعة مشروط بطلب مسبق من إدارة هذه الجامعة أو من القوى الامنية المولجة حمايتها، وهذا لم يحصل، وعلى رغم ذلك حضرت قوّة من الجيش لمنع تفاقم الأمور”.

السابق
البناء: إيجابيات مرتقبة في المنطقة جرّاء التأييد الواسع لجنيف النووي
التالي
اللواء: قطوع اليسوعية جرس إنذار لخطورة الخطاب المتشنّج