سليمان العطّار…

جئنا الى الكويت لحضور فعاليات “القمة العربية – الافريقية” “الثالثة التي افتتحت اعمالها صباح يوم الثلثاء الماضي، وفي جلسة الافتتاح بدأت الاخبار السيئة من لبنان بالورود على اجهزتنا الهاتفية عن انفجار في محيط السفارة الايرانية في محاذاة ضاحية بيروت الجنوبية، او ما يعتبر انه “مربع” امني لـ”حزب الله”. وجهت ناظري صوب الوفد اللبناني الذي كان يرأسه الرئيس ميشال سليمان، ولاحظت حركة ايضا هناك، فقد كان الرئيس احيط علما بخبر التفجير من دون ان تكون ثمة تفاصيل في هذا الشأن. بعد دقائق قليلة رأينا سليمان يهم بمغادرة القاعة، فسارعنا نحن الصحافيين اللبنانيين هنا الى اللحاق به علنا نحظى ببعض المعلومات الاضافية وبرأيه في ما حصل. لحقنا بسليمان الى احد الاروقة ووقفنا معه قليلا للحديث عما حصل، فبدا شديد الانزعاج والحزن في آن معا، وهو الذي اتى الى الكويت وفي جعبته للقمة كلام عن لبنان وعن ضرورة مساعدة لبنان اولا على تحمل نتائج الازمة السورية في انعكاساتها المالية والاجتماعية والاقتصادية على لبنان جراء وجود اكثر من مليون لاجئ سوري والعدد الى ازدياد مطرد. وكان في جعبة الرئيس سليمان بدرجة ثانية لا تقل اهمية، رسالة لبنانية الى العرب وفي مقدمهم الخليجيون بان اللبنانيين يرفضون اي قطيعة او جفاء او تباعد معهم، ايا تكن الاسباب، وايا تكن سياسات قسم من القوى السياسية اللبنانية وخياراتها. فالاحزاب وسياستها شيء ولبنان ككل شيء آخر. من هنا حرص سليمان واصراره على الا تترك ساحة ولا محفل ولا منبر لاعادة التشديد على علاقات لبنان العربية.
امام هول ما حصل في تفجير السفارة الايرانية، كان رئيس الجمهورية اتخذ قراره بقطع زيارته والعودة الى لبنان، لكنه اراد الا يغادر قبل ان يلقي كلمته ويجري بعض الاتصالات بالمسؤولين الكبار هنا، فجرى تقديم موعد القائه خطابه، ليتسنى له ان يعود الى لبنان مساء، علما انه كان من المقرر ان يبقى حتى مساء اليوم التالي.
المهم ان سليمان الذي اختصر مشاركته في القمة العربية الافريقية في الكويت، بدا لي شخصيا آتيا كمحام عن بلده، وانه لا يكل من العمل على اصلاح ما يخربه البعض في استمرار. هم يدمرون اسس الكيان والصيغة وموقع لبنان التاريخي، وهو “العطار” الذي يكاد يقاتل الزمن الرديء لاصلاح ما افسده!
لمست امرا مهما وجوهريا خلال الدقائق القليلة التي وقفنا فيها مع ميشال سليمان في اروقة قصر بيان الاميري في الكويت، ان الرجل الذي لقبته يوما بـ”المطران على مكة” قد تغير: انه رجل يحاول ان يترك خلفه ارثا مغايرا لارث اسلافه، ولاسيما الاخير الذي مثل ابشع الحقبات السياسية. هذا رجل (ميشال سليمان) لا يبدو لي انه سيستسلم امام القوة واستكبارها لمجرد انها قوة مستكبرة.

السابق
لهذا بكيت في طريق العودة الى لبنان
التالي
شروط «المستقبل» تعرقل الحلول الداخلية