لماذا “الرعد” في “صيف” المصالحة مع “الشيطان الأكبر”؟

لماذا هذا “الرعد” غير المسبوق، في وقت يؤكد أقطاب “منظومة الممانعة”، التي “حزب الله” عضو أساسي وفاعل ومنتج فيها، أنّ المسارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط مفتوحة على آفاق “تشرق فيها شمس إيران الساطعة قائدة هذه المنظومة”؟
الاتفاق الأميركي الإيراني، المفترض إتمامه، هو برأي “الممانعين”، انتصار غير مسبوق لإيران. مسألة المصالحة مع “الشيطان الأكبر” بكل ما يستتبع ذلك من تردّدات ومفاعيل سياسية وايديولوجية، من الصعب جداً تحديدها حالياً، مقبولة وعادية وطبيعية ولا تشكّل تغييراً للمسارات التي خطتها ونفذتها الجمهورية الإسلامية في إيران. أصبح خطاب “الانتصار” معروفاً. الولايات المتحدة الأميركية إلى تراجع وضمور. لم تعد القوّة الاحادية في العالم. “قبلت واشنطن اقتسام نفوذها والمشاركة بنسبة معينة مع موسكو، والتسليم لطهران للإمساك بالقرار الاقليمي في الشرق الأوسط وفتح الباب أمامها لتكون لاعباً دولياً مهماً”.
الدخول في أي مناقشة حول عدم صحة هذا الانتصار وأسبابه ونتائجه، غير منتج، خصوصاً وأنّ مختصر “الخطاب الرعدي”، “استسلموا تسلموا”. هذا التوجّه يتناقض حكماً مع آلية الانتصار سواء كان صحيحاً أو كاملاً أو ثابتاً ونهائياً. المنتصر لا يعمل على كسر يد شريكه في الوطن خصوصاً وانّه لا يمكنه إلغاءه. إضافة إلى أنّ الطرف “المهزوم” (إذا كان قد هُزم) ليس مستعداً ولا قادراً على مواجهة السلاح بالسلاح، فلماذا يصرخ عالياً “الأمر لي”؟
مهما كابر “حزب الله”، فإنّه في مأزق غير معلن وإن كان منظوراً في الشكل وليس في المضمون. مأزق “الحزب” أنّ “تفاهم” جنيف حول الملف النووي، هو “المحطة” الأولى للقطار الأميركي الإيراني الذي يؤسس انطلاقه لقيام الثقة بين الطرفين. أمام هذا “القطار” محطات كثيرة. عندما تقول طهران انها تريد حلولاً لكامل “السلة” لملفات ملحّة وعاجلة، وبعضها الآخر يمكن انتظار بعض الوقت. أفغانستان على نار قوية، لأنّ موعد الانسحاب الأميركي اقترب. سوريا، أكثر سخونة خصوصاً وانّها أصبحت ناراً مشتعلة تهدّد “عرقنتها” المنطقة. مهما تخلّت “الإدارة الأوبامية” عن أولوية المنطقة بحجّة الالتفات إلى المحيط الباسيفيكي، فإنّها لعقود قادمة ستبقى في صلب اهتماماتها وهمومها طالما بقي أمن النفط وأمن إسرائيل جزءاً من الأمن الاميركي القومي الاستراتيجي.
الحل في سوريا، هو الذي يقرّر فعلاً موقع “حزب الله” مستقبلاً ودور إيران في سوريا ولبنان. من حق “حزب الله” أن يقلق من الحل، رغم أنّه لن يلغيه. الحزب سيبقى “الابن الشرعي” الوحيد لإيران الإسلامية، لكن من آلية التفاهمات أن يتغيّر دوره ومهمّاته في لبنان خصوصاً وأنّ لا أحد قادر على إلغاء الحضور السعودي ودوره في المنطقة مهما بلغ ضعف العرب. أي حل سياسي، سينتج حكماً انخراطاً للحزب في المسار الجديد الذي لا بد أن يكون من أسسه التخلي عن “الخطابات الرعدية” والعودة إلى الشراكة الحقيقية سواء تحت “عباءة” الطائف أو “عباءة” المثالثة كما يطمح إليها.
مستقبل “حزب الله” موقعاً ودوراً، يعيد السؤال إلى بداياته “الإيرانية”؟
إيران، لم تكن يوماً معادية لأميركا، كانت حليفة لها، لا بل أنّ الشاه كان يريد تحويل بلاده إلى “شرطي” يملك جيشاً من أقوى الجيوش في العالم، ومستنداً إلى قوّة نووية مفتوحة على القوّة النووية العسكرية بدايتها سلمية، بمشاركة فرنسية ألمانية وموافقة أميركية. إيران الخميني، دخلت في مواجهة حامية تخللتها عملية “الرهائن الأميركيين” وعملية “طبس” العسكرية الفاشلة والعديد من عمليات “حرب الظلال” على مساحة واسعة في العالم ومقاطعة اقتصادية، كل ذلك في اللحظة التي أقفلت الجمهورية الصاعدة السفارة الإسرائيلية في طهران وأعلن الخميني أنّ “إسرائيل سرطان يحب استئصاله”. بهذا التوجّه، وجّهت إيران الخميني ضربة إلى “العمود الأول” للأمن الاستراتيجي الأميركي في الشرق الأوسط وهو “أمن إسرائيل”.
السؤال الكبير وهو شرعي ومشروع، ماذا عن موقف إيران المستقبلي المطمئنة إلى قوّتها المعترف بها، من إسرائيل؟ هل إيران التي تريد “الدخول في عالم العولمة والسلام مع الدول كافة” كما يقول الرئيس حسن روحاني، يمكن لها الاستمرار في الحرب بأي صورة من الصور مع “السرطان الإسرائيلي” والعمل على “اقتلاعه” أم أنّ عليها أن تدخل في مسار جديد يمهّد لحل سلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
مجرّد التفكير في احتمال تشكّل مثل هذا المسار فكيف بوجوده وتطوّره وفتحه على آفاق مجهولة حتى الآن لكنها مختلفة مئة في المئة عن كل المسارات التي عاشتها المنطقة منذ سبعة عقود تقريباً، يثير القلق، ويصبح حتى الانتصار على الشعب السوري وبقاء بشار الاسد مجرّد تفصيل لا معنى له، فكيف إذا خرج منه ولم يعد؟.

السابق
رعد: لا حكومة تصلح بدون مقاومة
التالي
ماروني: حزب الكتائب يشارك في أي مؤتمر مسيحي برعاية بكركي