الديار: عون والمستقبل يجتمعان تحت راية بري

كتبت “الديار ” تقول : عون لا يجتمع تحت راية الحوار في بعبدا، وبالتحديد عند رئيس الجمهورية الماروني، ومع احترامنا الكبير للرئيس نبيه بري الذي نحب، فإن تيار عون يجتمع تحت راية بري في المجلس النيابي مع تيار الحريري. تلك هي مارونية ميشال عون.
اما تيار المستقبل، الذي يهاجم حزب الله يوميا فيجتمع مع تيار عون تحت راية المجلس النيابي ولا يجتمع تحت راية طاولة الحوار في بعبدا وتحت راية الرئيس ميشال سليمان.

تلك هي الصورة التي تجعل اللبنانيين يعيشون بمرارة. تلك هي المرارة. بالاذن من الرئيس بري ومع احترامنا له، تجعل من اللبناني يرى ان الرئيس الماروني في بعبدا لا يجتمعون تحت رايته الى طاولة الحوار ولا يلبون طلبه لانه رئيس ماروني من دون صلاحيات.
وفي الوقت ذاته، هناك حوار واجتماعات في المجلس النيابي بين لجنة الرئيس بري ولجنة عون وطبعا دائما خارج حوار بعبدا.
اما الذي عنده عضلات بالصلاحيات، فالصورة تقول ان المجتمعين يفتشون عن صورة العضلات ليذهبوا اليه، اما المقام الاول للرئيس في بعبدا فليس المكان للحوار.
هذه هي المرارة وذلك هو العذاب.
اما الآن فننتقل الى ما كتبه الزميل محمد بلوط عن الحوار بغض النظر عن المقدمة التي كتبها المحلل السياسي في “الديار”:
التيار الوطني الحر مرتاح لمبادرته التي بدأها تحت عنوان “تحييد الاولويات الوطنية اللبنانية لا سيما التشريعية عن الاصطفافات السياسية الداخلية وما يجري في سوريا وخلق هامش داخلي لكسر الحلقة المفرغة التي نعيشها ودائرة انتظار المعطيات الخارجية”.
هذا الارتياح يعبر عنه احد اعضاء اللجنة النيابية التي تتولى اجراء اللقاء مع الكتل الاخرى لتحقيق هذا الهدف، من دون ان يخفي الحذر من تأثير الخلاف السياسي في هذا المسعى.
وفي المقابل تلقّف تيار “المستقبل” مبادرة خصمه بتجاوب لافت احدث “ثغرة” عند حلفائه لا سيما “القوات اللبنانية” التي تشظّت “أنتيناتها” لرصد ما دار ويدور في الاجتماع الثماني المطول الذي عقد في المجلس النيابي على مدى ساعتين.
ووفق ما دار من نقاش بين الفريقين العوني والحريري، فان ما ركز عليه الفريق الاول هو خلق مساحة من التفاهم الوطني على فصل الاولويات الوطنية عما يدور في سوريا وعن الاصطفافات السياسية واعادة عمل المجلس وفق توافق على القوانين الاساسية لتحريك عجلة العمل بدل الاستمرار في حالة الفراغ والانتظار.
اما الفريق الثاني فقد وجد في اللقاء فرصة “لتسويق” اولوياته التي تتلخص بأمرين اساسيين:
1 – الضغط لسحب حزب الله مقاتليه من سوريا.
2 – تشكيل حكومة حيادية، وهي العبارة الملطفة لاستبعاد الحزب عن المشاركة المباشرة في الحكومة.
وتقول المعلومات ان نواب “المستقبل” ركزوا على هذين الامرين بالدرجة الاولى، وطلبوا من نواب التيار الوطني الحر اجوبة صريحة حولهما.
وكان الجواب “اننا بصدد بحث الاولويات الوطنية المتعلقة باحياء عمل المؤسسات لا سيما مجلس النواب، فما هو رأيكم في هذا الامر؟”.
ورد نواب “المستقبل”: اننا مستعدون للمشاركة في جلسة تشريعية، ولكن ضمن تحديد جدول اعمال يقتصر على مشاريع القوانين الضرورية، والتي لا تستدعي انفاقا ماليا، مع التأكيد ايضا على اقتصار الجدول على مشاريع القوانين وليس اقتراحات القوانين في ظل واقع الحكومة المستقبلية.
واستفسر النواب العونيون زملاءهم الحريريين حول مفهوم الحكومة الحيادية، فجاء التفسير كالآتي: “نحن ننشد في هذا المجال ان لا يكون في الحكومة اشخاص واسماء حزبية مباشرة ونافرة، فعلى سبيل المثال وزير العدل شكيب قرطباوي محسوب للتيار الوطني الحر لكنه شخصية غير نافرة، ويمكن المجيء بمثله الى الحكومة الحيادية”.
وركز نواب “المستقبل” بلهجة تعكس مواقفهم المعلنة والحادة من “حزب الله” معتبرين ان مشروعه هو اكبر من لبنان وان مشاركته في الحكومة يمكن ان ينهى عليها سلفا، ومن الضروري ان يسحب مقاتليه من سوريا”.
ورد نواب التيار: “نحن لم نبادر للقاء من اجل طرح هذا الموضوع، وفي كل الاحوال فان لدينا موقفا معلنا في شأن مشاركة حزب الله في القتال داخل سوريا، وفي رأينا ان ما يجري في سوريا يتخطى الواقع اللبناني، ولا نستطيع ان ننتظر هنا في لبنان ما سيحصل على الساحة السورية لكي نعالج اولوياتنا الوطنية. هذا الموضوع ليس موضوعنا الان في اجتماعنا اليوم”.
وفي النقاش الدائر حول المؤسسات والانتخابات والاستحقاقات برز استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الذي حرص نواب التيار العوني على استحضاره من خلال هذه المقاربة العامة فأكدوا على امرين اساسيين: “رفض التمديد، ورفض الفراغ”. وطالبوا زملاءهم في المستقبل جوابا واضحا حول هذا الموضوع.
وكان الجواب “عموميا”: “نحن ضد التمديد والفراغ، لكنهم لم يعطوا او يطرحوا آلية محددة لترجمة هذا الرفض.
ومن باب التوسع في طرح المواضيع تناول المجتمعون قانون الانتخابات النيابية فجدد نواب التيار الوطني الحر “ان هناك اجحافا واضحا في التمثيل المسيحي، واننا قلنا ونقول انه يجب اقرار قانون يؤمن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين بشكل كامل وغير منقوص”. وكان جواب نواب “المستقبل” “ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري طالما اكد وكان يشدد على ان لبنان لا يكون من دون المسيحيين”.
وحسب المعلومات، فإن النقاش في هذا الموضوع بقي يدور في العموميات، وانه لم يتناول التفاصيل.
وخلال النقاش تطرق نواب التيار الوطني الحر الى موضوع الحوار الوطني، فرد نواب المستقبل: “نحن لسنا ضد الحوار بل نحن مع اجرائه، ولكن القضايا المتعلقة بالمشاريع والشغل اليومي والامور التنفيذية، هي من عمل الحكومة، اما الحوار فيجب ان يتناول القضايا السياسية الخلافية”.
ووفق اجواء الطرفين بعد الاجتماع ان الايجابية التي خرجوا بها تتلخص بأمرين او ثلاثة:
1 – تأكيدهما على مواصلة اللقاءات والحوار الذي فتح بينهما من قاعة لجنة المال والموازنة في ساحة النجمة.
2 – الوعد المتبادل بأجوبة مفصلة على الاسئلة التي طرحها كل طرف على الآخر والتي تتلخص من جانب “المستقبل” الى التيار باثنين:
1 – ما هو موقفكم من المطالبة بانسحاب مقاتلي “حزب الله” من سوريا؟
2 – ما هو رأيكم في صيغة الحكومة الحيادية؟
اما الاسئلة من التيار للمستقبل فهي تتلخص ايضا بأمرين:
1 – ما هو رأيكم في فصل الاولويات الوطنية عما يجري في سوريا وعن الاصطفافات السياسية الداخلية، وبعودة جلسات مجلس النواب؟
2 – كيف يمكن ترجمة رفض التمديد والفراغ (خصوصا بالنسبة للاستحقاق الرئاسي؟).
والى جانب ايجابية الاتفاق على مواصلة الحوار، فقد التقى الطرفان على ضرورة مشروع بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها ومن دون ان يدخلوا في التفاصيل.
وبغض النظر عن بعض التفاصيل الاخرى التي كتمها النواب الثمانية في صدورهم، فإن اجواء ما دار من حديث ونقاش تعزز القول ان همّ “المستقبل” هو الافادة من فتح الحوار مع خصمه اما لاغرائه من اجل الابتعاد عن حليفه “حزب الله” مقابل اشارات ايجابية معينة حيال استحقاقات وملفات اخرى مثل الاستحقاق الرئاسي، وإما لتعزيز فكرة تشكيل حكومة حيادية من خلال القول: “آخر همّنا المشاركة في الحكومة، ولا نريد مقعدا وزاريا واحدا فيها ولا نحاسب على مقاعد او وزارات، المهم مستقبل البلد وانسحاب مقاتلي حزب الله من سوريا”.
وبمعنى آخر فان هاجس وجود مقاتلي الحزب في سوريا طغى على كل “حواشي الكلام” لدى نواب المستقبل طوال ساعتي الاجتماع.
لا بل ان بعض المفردات المستخدمة من نواب “المستقبل” قاربت كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاخير حول “تحكم حزب الله بالدولة وبأخذ القرارات في لبنان بمعزل عن المؤسسات”.
اما نواب عون فإن هاجسهم كان التركيز على القوانين الاساسية الواجب اقرارها في مجلس النواب، وبالتالي عدم الاستمرار في تعطيل المجلس وفق صيغة توافقية تعالج ازمة مقاطعة الجلسات التشريعية.
ولا شك في ان التطرق الى الاستحقاق الرئاسي يعتبر ترجمة لطرح هاجس آخر لدى التيار يتمثل بإبعاد شبح التمديد.
وفي النقاش ايضا اتهم نواب “المستقبل” حزب الله بأنه يسعى الى اغراق البلد في الفراغ وتعطيل كل المؤسسات من اجل الوصول الى مؤتمر تأسيسي يغطي وضع يده عمليا على الدولة.
وفي المحصلة، فان كل من الطرفين التيار والمستقبل، تعاطى مع لقاء المصارحة امس من منطلق هواجسه واهدافه، وحرصا في الوقت ذاته على استمرار التواصل ومتابعة اللقاءات بينهما، طالما ان كل واحد يحتاج الى مثل هذه المساحة من الحركة المتبادلة.
ولعل ما عبر عنه احد نواب التيار العوني يعكس ماهية النظرة الى اجتماع الامس بقوله: “نحن نقول للخصم وللحليف تطبيقا لاعلان الجنرال في خلوة دير القلعة “مستعدون ان نتشارك مع كل طرف في مشروع بناء الدولة” وليس صدفة ان يضيف عبارة اخرى بالاشارة الى “الاستحقاق الابرز اي الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل واجبا وطنيا ومقدسا”. وفي اطار الحوار الذي بدأه التيار العوني مع الحلفاء والاصدقاء والخصوم، فانه تبلغ من الرئيس بري تسمية النواب: علي بزي وغازي زعيتر وهاني قبيسي كأعضاء للجنة الحوار مع التيار والتي اتفق عليها في الاجتماع الاخير الذي عقد في عين التينة.
وينتظر ان يتابع نواب التيار لقاءاتهم الحوارية مع كتل: الحزب التقدمي الاشتراكي (جبهة النضال) و”القوات” والكتائب، وحزب الله.

السابق
السفير: سليمان للسعودية الحوار في لبنان ومع إيران نصرالله
التالي
المستقبل: حزب الله يتابع نوبته الهستيرية.. والمستقبل يراها كشفاً لإحباطه