حزب الله ليس جاهزاً لاتفاق داخلي

هل “حزب الله” جاهز من اجل عقد اتفاق داخلي؟

السؤال تطرحه مصادر ديبلوماسية من زاوية التشكيك في ارادة الافرقاء الداخليين او قدرتهم على عقد اتفاق داخلي حول الحكومة وما يتصل بها من مسائل في هذه المرحلة بالذات. الا ان النقطة الاهم تتصل بـ”حزب الله” من باب الاضاءة على التطورات التي كانت ايران نجمها في الاسابيع الاخيرة في ضوء التصريحات المشجعة التي القاها الرئيس الايراني حسن روحاني قبيل توجهه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة وفي الاتصال الهاتفي الذي تم بينه وبين نظيره الاميركي باراك اوباما للمرة الاولى منذ 34 عاما بين الولايات المتحدة وايران. ولم يكن رد الفعل الذي ابداه قادة الحرس الثوري الايراني على الاتصال الهاتفي مع اوباما والذي اعتبره هؤلاء ” خطأ تكتيا ” الا مؤشرا على المسار الطويل والتدريجي الذي يرغب هؤلاء في اتباعه من اجل ايجاد حل في الملف النووي خشية ان تكشف سرعة التجاوب الايراني الرسمي والانفتاح مدى الضيق الذي تواجهه ايران وحاجتها الماسة الى ازالة العقوبات الاقتصادية المفروضة دوليا مما قد يضعف موقفها. وموقف الحرس الثوري العلني من الانفتاح يبدو حذرا وغير اندفاعي وهو الذي يتحكم بمواقف “حزب الله” وسياسته ومن غير المرتقب في ضوء ذلك ان ينعكس الانفتاح الذي يعبر عنه روحاني في مواقفه على الحزب.
وبحسب هذه المصادر فان التشدد الذي يبديه الحزب ازاء تشكيل الحكومة العتيدة وعدم تنازله او تساهله في اي من الشروط التي يضعها لا يظهر تأثرا بالسياسات الايرانية الجديدة على رغم التوقف عند مؤشرات تخليه ظاهريا وعلنا عن ممارسة امنه الذاتي لمصلحة التخلي عن ذلك لاجهزة الدولة الامنية. وتؤخذ في الاعتبار في هذا العامل الاخير الاعتبارات الذاتية الداخلية والمباشرة للحزب اكثر من مؤشرات التنازل ذات طابع اقليمي. اذ من جهة لا تتساهل ايران حتى الآن ولم تبدأ بعد في اي من الاوراق التي تملك والتي يشكل نفوذها في لبنان جزءا منه عبر الحزب في شكل اساسي. ومن جهة اخرى فإن الحزب نفسه الذي يواجه مأزقا مماثلا للذي تواجهه ايران في عزلتها الدولية والاقليمية يظهر تشددا وليس مستعدا لاي مرونة في مقابل مطالبته الآخرين بان يظهروا هذه المرونة، علما ان هناك مأزقا حقيقيا باتت تواجهه الدولة اللبنانية بناء على دعم دولي حظي به رئيس الجمهورية ميشال سليمان في نيويورك لسياسة عنوانها اعلان بعبدا والنأي بالنفس، وهو ما لا يجد ترجمة فعلية نظرا الى تنصل “حزب الله” من هذه السياسة. والمأزق نفسه ينسحب اقليميا بالنسبة الى لبنان حيث شكل ارجاء زيارتين للرئيس ميشال سليمان الى المملكة السعودية والامارات عنوانا لعدم امكان شمول الدعم المقرر في الامم المتحدة الدول العربية في ظل عدم وجود مضمون فعلي للعناوين المعلنة. وليست الشكوى البحرينية من الامم المتحدة او تلك التي كشفها اليمن سوى المزيد من اقحام لبنان ساحة او منصة اضافية للصراع الايراني مع الدول العربية في المنطقة بما يصعب عملية انقاذه في ظل هذه الظروف وعلى عتبة تحول ايراني قسري يبدأ بالملف النووي قبل ان ينتهي بملفات اخرىقد تفتح قريبا او لا. وبحسب المصادر المعنية يفترض بالمأزق الذي يواجهه الحزب نفسه وليس ذلك الذي يتسبب به للدولة اللبنانية فحسب ان يسهل باب التفاوض للمساومة وتخفيض سقف الشروط باعتبار ان الحزب يجد نفسه معنيا باتهام عناصر منه باغتيال الرئيس رفيق الحريري كما ان الشق العسكري منه بات على لائحة الارهاب الاوروبية في حين ان الدول العربية تنادي علنا بتصنيفه ارهابيا وتتخذ اجراءات ضده او ضد مؤيديه.الا ان الحزب لا يبدي في المقابل اي مرونة في هذا الاطار بل على العكس يرفع من سقف شروطه كونه يمسك بمقاليد الحكومة المستقيلة والسلطة ويعتبر انه سيقدم تنازلات من جانبه مع مشاركة الآخرين. ومع ان الرهان يقوم في رأي اوساط سياسية عدة على استمرارية الحكومة المستقيلة في تصريف الاعمال وربما حتى استلام الحكم في حال فرغ موقع الرئاسة الاولى ولم يسمح باجراء انتخابات رئاسية كأمر واقع يثبت موقع السلطة في يد الحزب وحلفائه ويفاوض انطلاقا منه، فان هذا الرهان الاستباقي هو بمثابة ضغوط على الخصوم من حيث المبدأ حتى الآن، في رأي هذه المصادر، من اجل الحصول على حكومة تناسبه باعتبار ان الخيار الآخر اي استمرارية الحكومة المستقيلة ينذر وفق المؤشرات المحلية وغير المحلية بانه سيتسبب في المزيد من انهيار البلد كون استقالة الحكومة جاءت على خلفية عدم امكان قبول بقائها اقليميا ودوليا كما عدم امكان قبول سيطرة الحزب عليها.
هذا الاطار لا يسمح لحكومة بأن تتألف في المدى القريب على رغم الجهود من الرئيس سليمان لعزل العوامل الاقليمية المؤثرة فتراجع الاصرار الديبلوماسي ككل عن المطالبة بتأليف الحكومة بعدما باتت الاوساط الديبلوماسية مدركة وجود ابعد من العقبات الداخلية التي تمنع التوافق عليها.

السابق
حرب مشاريع وحقوق
التالي
كلهم مع الأسد!