انتفاضات سنّية داخل حزب الله

7 ايار
يبدو أنّ "الانتفاضات" السنّية وصلت إلى داخل "حزب الله". تلك "الصحوات" التي سمّاها مرشد إيران "إسلامية" ووصفها آخرون بأنّها "سنّية" دخلت إلى جسم "حزب الله" الواسع في لبنان.

يبدو أنّ “الانتفاضات” السنّية وصلت إلى داخل “حزب الله”. تلك “الصحوات” التي سمّاها مرشد إيران “إسلامية” ووصفها آخرون بأنّها “سنّية” دخلت إلى جسم “حزب الله” الواسع في لبنان. ذلك الجسم الذي يضمّ مروحة من الشخصيات السنّية، لا تبدأ بالرئيس عمر كرامي ونجله الوزير “الشيعي” (من حصّة حزب الله وحركة أمل) مرورا بعبد الرحيم مراد والرئيس نجيب ميقاتي والنواب محمد الصفدي وكامل الرفاعي (بعلبك) وغيرهم كثيرون.

ففي العام ٢٠٠٨، خلا أحداث 7 أيّار، اتخذ رئيس الحكومة السابق عمر كرامي، المقرّب جدا من حزب الله، موقفا مناوئا للحزب، معلنا في حينها أنه بين حلفاءه وطائفته “أختار الطائفة”. أيضا نستذكر الاشتباك الذي حصل قبل 10 أشهر في صيدا بين مقاتلين في “التنظيم الشعبي الناصري”، التابع لأسامة سعد، وبين مقاتلين من “سرايا المقاومة”، الفصيل السنّي الصيداوي الحزب اللهي برتبة “سرايا”. وأدى الاشتباك الى مقتل عنصر من حزب الله وإصابة ثلاثة آخرين. والسبب هو اعتراض “الناصريين” على طريقة تعاطي عناصر “حزب الله” مع المدينة ومحاولته السيطرة عليها، وفرضه على الصيداويين واقعا غير واقعهم. لذا استنفر عناصر “التنظيم” وأرادوا الدفاع عن مدينتهم.

أيضا نتذكر اشتباكات كثيرة بين “حزب الله” ورئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي. فالحزب هو من أتى بميقاتي رئيسا وعزز دوره اللبناني والعربي والعالمي. ويشار إلى أن السبب الأساس في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري والإتيان بميقاتي كان رفض الحزب خلفية تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. لكن عند استحقاق دفع التمويل تشبث ميقاتي بموقفه وعزمه على التمويل قائلا في إحدى جلسات مجلس الوزراء إنّه “ممثل السنّة على الطاولة”. وموّل المحكمة.

أيضا عند الخلاف بين ميقاتي و”حزب الله” حول التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، خصوصا المدير العام للأمن العام اللواء أشرف ريفي، كان حزب الله يضع فيتو على التمديد لريفي، فما كان من ميقاتي إلا أن استقال “حفاظا على مواقع الطائفة السنية”، وفق اعتباره بحسب مصادر كثيرة في الصحف هنا وهناك.

أما الحدث البارز فهو تمايز حلفاء “حزب الله” واعتراضهم على ممارساته على خلفية الاشتباكات التي وقعت بين عناصر من الحزب وإحدى العائلات السنية في بعلبك. واللافت الأبرز كان إعلان النائب عن بعلبك على لائحة “حزب الله”، كامل الرفاعي، رفضه ممارسات الحزب وحملة الاعتقالات التي أجراها بحق أبناء المدينة. وذلك في بيان صريح دعا إلى “ترك هذا الأمر لأجهزة الدولة”. أيضا حاول “حزب الله” التسويق أنّ الاشتباكات تدور مع عناصر من “جبهة النصرة”.

هي اشكالية تطرح نفسها على “حزب الله” وخياراته. الدكتور في علم الاجتماع فؤاد الديراني يرى في حديث لـ”جنوبية” أن “هذه التحالفات وفي ظل نظام كهذا تكون تحالفات هشة. فحلفاء حزب الله يأخذون الدعم منه، لكن في الوقت نفسه يقولون إنهم سنة، وحين يتخذ حزب الله موقفا عالي السقف يضطرون الى اتخاذ مواقف مناهضة للحزب كي تبقى لهم جسور ممدودة مع أبناء طائفتهم”.

ويضيف الديراني: حجم هذه المواقف الاعتراضية يبقى مرحليا ومحصورا بأوقات التأزم والاحتدام ولكن لا تلبث الأمور أن تعود الى الألفة، لأن حزب الله هو الذي يؤمن لهؤلاء الأفرقاء دورا، وهو يتفهم مواقف كهذه ويجيزها أحيانا”.

أما الدكتور وليد عسيران، الناشط السياسي والاجتماعي، فيعتبر في حديث لـ”جنوبية”، أنّ “حلفاء حزب الله من الطائفة السنية ليسوا حلفاء استراتيجيين. فهم ينسجون هذا التحالف للاستقواء على أبناء طائفتهم. وحين يحصل اي اشتباك سياسي حاد بين حزب الله والطرف السني يسعى حلفاء حزب الله من السنة الى معارضة حزب الله في مسعى لكسب بعض الشعبية عبر اصطفافهم إلى جانب المزاج الشعبي لأبناء طائفتهم”. ويتابع: “تحالفهم مع حزب الله هو فقط لتأمين استمراريتهم في الحياة السياسية”.

هي انتفاضات “سنّية” داخل “حزب الله”. حيث لا تنفع بروباغندا “جبهة النصرة”، ولا ينفع مال دعم، ولا بنو سياسة.

السابق
هيئة بعلبك الهرمل: لإزالة المظاهر المسلحة وتهدئة الشارع البعلبكي
التالي
فتح تغيّر قياداتها في لبنان؟