عنصرية الممانعين ضد النازحين

نازحين
بعد "ثورة الأرز" في شباط – آذار 2005، تعرّض عمال سوريون لاعتداءات من جمهور14 آذار. وكان قيياديو 8 آذار يحملون لواء "نصرة العامل السوري". اليوم الآية معكوسة. جمهور 8 آذار يمارس أبشع أنواع العنصرية مع النازحين السوريين، والقيادات نفسها... "ساكتة عن الحقّ".

يتعرض النازحون السوريون إلى لبنان، خصوصاً العمال منهم، إلى انتهاكات وتعديات تطال الحقوق الطبيعية للإنسان، من جهات رسمية وحزبية، مثل “منع تجوّلهم” في نطاق جغرافي محدد.

ع. د. عامل سوري يسكن منذ أوائل أيلول 2013 في مدينة صيدا بعدما طرد من مكان إقامته قرب بلدة السكسكية (قضاء صيدا). وقد عمل كأجير في فرن محلي بمنطقة الصرفند (فرن ق.). هناك استلم من صاحب العمل مبلغ مئة ألف ليرة لبنانية دفعة أولى من أجره المتفق عليه، وهو 25 ألف ليرة يوميا. مبلغ أنفقه على شراء دراجة نارية للانتقال من المنزل إلى العمل وبالعكس. لكنه فوجئ في اليوم الثاني من بدء عمله بالمعاملة اللاإنسانية من قبل رب العمل (أ. ن. ف.) والطلبات غير الممكنة. ما دفعه إلى ترك العمل. بالطبع لم يكن بمقدوره أن يسدّد المبلغ كاملاً. بعد أسبوعين كان هذا العامل في أحد المتاجر عندما هاجمه رب عمله السابق وضربه ببندقية حربية وتسبّب بجروح في رأسه وظهره وكسر أحد أسنانه. ثم اتهمه ربّ العمل أنه شتم “السيّد”، قاصدا بالطبع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. إتصل العامل بمحام كلّفته “كاريتاس” متابعة القضايا القانونية للنازحين في الجنوب. توجه المحامي إلى مخفر الدرك لحل المشكلة حيث التقى ابن صاحب الفرن.

الأخير وجّه تهديداً للعامل بوجود الدرك والمحامي، قائلاً: “ستدفع له تعويضاً، لكن في المنطقة أشخاص يعرفون ما عليهم أن يفعلوه”. وخارج المخفر هدّد ابن صاحب الفرن العامل بالقتل.

بعد ذلك طلب صاحب المنزل من العامل المهدّد بالقتل أن يترك المنزل حيث يقيم، رغم أنّه كان يعامله، وعائلته، بطريقة جيدة طوال أربعة أشهر. في الفترة نفسها تلقّى العامل تهديدات من عناصر تتعاون مع حزب الله.

ويقول العامل لـ”جنوبية”: “إتصلوا بوالدي مرتين وطلبوا منه الحضور مع صورة عن بطاقة هويته للإجابة على بعض الأسئلة. لكن المحامي نصحهم بعدم الذهاب”. يقول العامل المهدّد إنّه اضطرّ إلى ترك المنطقة وتوجه إلى مدينة صيدا، في حين بقي والده ووالدته هناك وتلقوا اتصالاً آخر من العناصر نفسها للحضور بهدف التحقيق مع الوالد. بادرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تأمين محل إقامة بديل في منطقة يسيطر عليها حزب الله، بحسب قول العامل، لكن بسبب الخوف، وبصعوبة، استطاع تأمين غرفة في منطقة قريبة من مدينة صيدا.

حالة مشابهة تعرّض لها في منطقة النبطية كلّ من أ. ب. وقريبه ع. ب.، عقابا لهما بعدما اعترضا على المعاملة السيئة التي تعرضا إليها مع غيرهم من النازحين من قبل عناصر أمنية أثناء توزيع المساعدات عليهم. جرى اعتقالهما وضربهما أمام الجميع، ولم يستطع المحامي مساعدتهما إلا بعد 15 يوماً من توقيفهما. أما المواطن السوري ع. ع. فكان يعمل في بلدة المجادل (قضاء صور)، حيث تعرض للضرب المبرح على يدي مسؤول حزبي محلي (هـ. ر.). ولم توقف القوى الأمنية المعتدي بسبب موقعه الحزبي، في حين أمسكت قريب ساعده في الاعتداء، فاضطر إلى

دفع ألف دولار للعامل لقاء توقيع إسقاط حق. ونجا المعتدي الأساسي من المحاسبة. أما العاملان ب.ع. وم.ش. فقد اعتقلهما عناصر حاجز لحزب الله قرب عين الدلب خلال الاشتباكات بين الجيش اللبناني وجماعة الشيخ أحمد الأسير وتعرّصا لاحتجازغير قانوني داخل مقر حزب الله في حارة صيدا، قبل تسليمهما إلى الجيش اللبناني في 28/6/2013. والجيش أفرج عن أحدهما وسلّم الآخر إلى الأمن العام لمخالفته شروط الإقامة وتخلّفه عن تجديدها. نازح آخر (م.م.) تعرّض للضرب على أيدي ثلاثة أشخاص لإجباره على ترك منزله المستأجر من (ع.ش.) وهدّد بالقتل إذا لجأ إلى الأجهزة الأمنية.

اللائحة تطول… ولا تقتصر هذه المعاملة اللاإنسانية على هذا الجانب فحسب، بل إنّ رؤساء بلديات عدة اتخذوا قرارات بمنع تجول السوريين ليلاً. وهي قرارات شفهية غير خطّية لأنّها غير قانونية. في مدينة جزين مثلا أقدم عدد من عناصر شرطة البلدية على ضرب مجموعة من العمال قبل نحو شهرين بسبب تجوّلهم ليلاً، وعند توجههم إلى المخفر، جرت اتصالات عدة، طلب خلالها من رئيس البلدية وليد الحلو الامتناع عن ممارسة هذه الأساليب، إلا أن منع التجول ما زال سارياً.

يقول أحد العمال لـ”جنوبية”: “اليوم صباحاً كنا ننتظر رب العمل وهو مقاول من آل ملكي حين تقدم نحونا عناصر من الشرطة وطلبوا منا العودة إلى المنزل وعدم انتظار رب العمل في الشارع. ما دفع رب العمل الى الاحتجاج على هذا السلوك”. وفي حارة صيدا، قال نازح سوري لـ”جنوبية”: “عنصران مدنيات أبلغانا أنه يمنع علينا التجوال ليلاً بقرار من البلدية”. وهذا العامل يسكن مع 12 من رفاقه في شقة بالمنطقة المذكورة. هذه المواقف العنصرية تغذيها قيادات سياسية مختلفة، فالنائب عن “الأمة”، من تكتّل “التغيير والإصلاح”، زياد أسود، تباهى في برنامج تلفزيوني أنه حمل مسدسه وتوجه إلى منطقة عين المير لمنع عدد من النازحين من السكن في “مدرسة الحضارة”، وبأنّه أحضر سيارتين من التراب “لسدّ الطريق أمامهم”.

السابق
اللعب ما قبل الصفقة
التالي
لا أحبُّ الحزبية بالمعنى أدناه