النبطية: الخوف من التفجيرات يشلّها

أمن سوق النبطية
النبطية مرهقة.أهلها لا يؤمنون بالأمن الرسمي، والأمن الذاتي أرهق اقتصادهم. والخوف عطّل دورة المدينة الاقتصادية. بعض أهلها تركوا الضاحية إليها، ليعيشوا الخوف مجددا. كأن لا مهرب من هذا الرعب.

تتفرع حكاية الأمن في مدينة النبطية من أنها تحت سيطرة قطبي الجنوب “حزب الله” وحركة “أمل”. لكن تلك الحكاية لا تعجب الأهالي، ليس بسبب التدابير الأمنية المشددة بل “بسبب لا مبالاة عناصر القوى الامنية الرسمية في التعاطي مع الأمن”.

هكذا تختصر سارة الحكاية وهي تحاول أن تستحضر الصورة، وتتسائل: “هل الدولة تقدم امنها إلى المواطن أم تتكل على أمن الاحزاب؟ وهل يثق المواطن بامن دولته أم يتركها ربّانية”؟”.

الواقع يشي بلوحتين في النبطية. واحدة هي الركون إلى الأمن الذاتي والثانية تتلخص في مقاومة الإرهاب النفسي. وبين الإثنتين شباب يبدلون نمط حياتهم توخيا للحذر لا خوفا من القدر. أهل النبطية، بسبب الخوف من “التفجيرات” التي ضربت ضاحية بيروت الجنوبية، بدّلوا كثيرا في أنماط عيشهم. ما عادوا يثقون بالنازح السوري ويريدون مراقبته. كما لو أنّ المدينة دخلت في حرب استنزاف نفسية”، وفق ريتا التي وصلت إلى لبنان آتية من المانيا لقضاء عطلة الصيف مع اهلها: “فقدنا اعصابنا من هاجس التفجيرات”.

النبطية اليوم لا تشبه النبطية بالأمس، هادئة تعيش سكينة الانتظار والترقب. مداخلها تعجّ بحواجز امنية أقامها حزب الله، تليها حواجز للقوى الأمنية الرسمية. المحلات التجارية تفقد روادها بسبب الحذر والخوف. حتّى أنّ سوق الأثنين بات مهددا بعدما خضع لريجيم امني قاسٍ قلص عدد زواره من عشرة ألاف تقريبا إلى أقلّ من 600 زائر: “الاثنين كنت انتج ما يقارب الـ2000$ أما اليوم فبالكاد احصل الـ500 ألف ليرة”، يقول أحد أصحاب البسطات في السوق.

“السورين باتوا يشكلون ربع سكان المنطقة ومن يدري من يؤيدون وكيف يفكرون، لا شك أنهم بالأغلب ضدنا. وكثيرون منهم أخذوا وظائفنا”، يقول أحد شبّان النبطية. الخوف وصل الى حد التشكيك بكل سيارة تركن في الشارع. شبان المدينة دخلت سهراتهم في غرفة إنعاش. المقاهي تجمدت. إنقطع رامي عن الجلوس عند ناصية الطريق، فيما فضًلت زينب أن تلتقي برفاقها في حديقة منزلها بدلاً من الإجتماع الدوري في “ألتوتانغو”. ولا تتردد ريفا بالقول إنها أصبحت “بيتوتيه”.

وهي تسخر من الحزام الأمني: “لست ضد الأمن، على العكس، لكن كيف يريدونني ان أصدق جدية القوى الامنية وهم غير جديين يلطِّشون البنات بدلاً من القيام بواجبهم”. صديقها حسين يعتبر أنّ “إشاعة الرعب أكثر فتكا من متفجرة، ولكن لن ينالوا منّا”.

في مقهى عند مدخل حي الراهبات يجلس أبو محمود كل يوم إلى جانب زملائه العجائز. يراقبون النبطية تتأقلم مع التغييرات. يحاول أبو محمود ان يرسم صالمشهد بالقول: “متل الولد اللي مضيِّع لعبته”، وحين تسأله عن السبب يقول: “الخوف، الناس تعيش خوفا رهيبا. ما عجزت عنه إسرائيل نجح به التكفيريون فزرعوا الخوف من المجهول. وبحسب إبراهيم، الآتي حديثا من بيروت: “انا من سكان الضاحية ولكن قررت أخيراً أن أعود الى النبطية بسبب الواقع الأمني”. لكن حتى هنا، يعيش ابرهيم خوفا مشابها.

كأن لا مهرب.

لقراءة التحقيق كاملا أنظر العدد الجديد (تشرين الأول 2013) من مجلة “شؤون جنوبية.

السابق
تمثال من الرمل
التالي
قاضية تحكم على متهم بالسجن 53 سنة ثم تزوّجه