لماذا تجنيس البعض ورفض إعطاء المرأة حق منح الجنسية؟

حق المرأة بإعطاء الجنسية

صدر المرسوم وانتفضت الجمعيات… إنه المرسوم رقم 10214 القاضي بتجنيس 112 عربياً وأجنبياً. وهي الجمعيات النسائية التي ترفع الصوت لمنح المرأة حق إعطاء الجنسية لأسرتها، ويبدو أنها سترفعه أعلى بعد هذا المرسوم.

“حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي” اعتبرت المرسوم “استخفافاً من المسؤولين باللبنانيات وحقوقهن، ويكشف زيف الادعاءات بالحرص على دولة المواطنة، الحقوق والقانون”. ورأت أنه “من المعيب أن تقدم الدولة على الموافقة على منح الجنسية اللبنانية للأجانب، ومنحها للنساء والرجال وأسرهن في آن واحد، فيما ترفض، وتحت حجج واهية، إعطاء اللبنانيات الحق في منح الجنسية لأسرهن”.
أما “اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة” فذهب أبعد من الحملة، قائلاً إن المرسوم “السري الذي صدر قبل ساعات على استقالة الحكومة الميقاتية”، “يعطي الجنسية اللبنانية لغير مستحقيها، باستثناء بضعة أفراد. أما من حلّت عليهم النعم فلم يفسّر لنا رئيس الجمهورية، ومعه رئيس الحكومة، ما هي الأسباب التي حدت بهما لاختيارهم من سلّة المتقدمين بطلبات الجنسية، في وقت رفض فيه وزير سابق للعدل حصول أولاد اللبنانية سميرة سويدان على جنسية والدتهم بعد وفاة زوجها. كما أنهما لم يفسرا لنا أسباب السرية التي أحاطا بها المرسوم، خصوصا وأن غالبية الذين حصلوا على الجنسية معروفون ولا يمكن إخفاؤهم”. وكشف اللقاء أن المرسوم جنّس “أمراء وأصحاب ثروات من عرب وأجانب، فيما أفادت منه قلة من أبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب”.
لا تعترض الأستاذة في علم الاجتماع ورئيسة اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة الدكتورة فهمية شرف الدين، في حديث لـ”النهار”، على هذا المرسوم في حد ذاته ولا على غيره، “بل على كل مرسوم بالتجنيس، فيما المرأة منزوع منها هذا الحق. فما نطالب به هو تعديل قانون الجنسية، فتصبح النساء، تماماً كالرجال، قادرات على منح الجنسية لأسرهن. يعزّ علينا كنساء أن تبصر النور مراسيم للتجنيس، فيما ترفض الطبقة السياسية أن تعدّل قانون الجنسية، فيبقى نصف المجتمع اللبناني على الأقل محروماً إعطاء الجنسية. والأخير يحتاج إلى موقف سياسي بحت، لا ديني كالزواج المدني مثلاً، إرادة السياسيين إذاً هي ما يعوَّل عليه”.
وتضيف تعليقاً على المرسوم: “هو “منحة”، إذ لرئيس الجمهورية الحق في منح الجنسية لمن يشاء. ونحن لا نريد منحة، نطالب بقانون ينصف المرأة ويساوي حقوقها بحقوق الرجل. وإذا افترضنا أن هذا المرسوم يعطي الجنسية لـ50 امرأة، فماذا عن بقية النساء؟ نريد تعديل القانون كي تصبح النساء كلهن قادرات على إعطاء الجنسية… ويقولون إن إعطاء المرأة حق منح الجنسية ضد المصلحة الوطنية العليا! هذا ما توصّلت إليه اللجنة التي طلب رئيس الجمهورية والسيدة الأولى تشكيلها لدرس مشروع تعديل قانون الجنسية الذي تقدّمنا به. ولكم أن تستخلصوا من هذا الرأي مدى عمق التمييز ضد النساء والهيمنة الذكورية المستشرية”.
تغمز شرف الدين من قناة النائب نعمة الله أبي نصر الذي اعترض على إعطاء المرأة الحق في منح الجنسية، قائلاً إن في هذا إخلالاً بالديموغرافيا، ولبنان عاجز عن استيعاب العدد الكبير من المجنسين تالياً، فتسأله: “ألا يخلّ المرسوم 10214 بالديموغرافيا ولا يرفع عدد السكّان؟ واستطراداً عندما يتزوج اللبنانيون من أجنبيات ألا تزداد الأعداد؟ ذريعة ضيق مساحة لبنان مردودة لأنه خلال 20 عاماً حصل تجنيس، في المرّة السابقة جُنّس ربع مليون… إذاً، هذه حجج واهية تفضح الحقيقة أكثر فأكثر وراء رفض إعطاء المرأة حق منح الجنسية: إنها العقلية الذكورية المهيمنة أيضاً وأيضاً، والتمييز الذي ترزح تحته النساء”.
وتختم شرف الدين: “ستتنادى الجمعيات خلال هذا الأسبوع، وثمة أفكار مطروحة وتحركات لإيصال صوتنا الى رئيس الجمهورية الذي ليس خارج المساءلة. ونحن ضد استخدام هذا المرسوم للتصويب عليه سياسياً. كل ما في الأمر أن لنا حقوقاً مغيّبة، ونريد مساءلة الرئيس والسلطة السياسية كلها، مطالبين الرئيس بممارسة نفوذه لتعديل قانون الجنسية، وقد كان له موقف متقدّم في ما خصّ زواج خلود ونضال”.
أما النائب غسان مخيبر فيعلّق على قانونية هذا المرسوم بالقول لـ”النهار” إنه “إذا صدر ولو قبل دقيقة فقط من استقالة الحكومة، يكون قانونياً، ولا يمكن إبطاله. أما إذا صدر بعد الاستقالة فيمكن إبطاله لاعتباره يتجاوز الصلاحيات المحدودة لحكومات تصريف الأعمال”.
ويشدد على ضرورة الإبقاء على حق إعطاء الجنسية بمراسيم، إلى جانب تعديل قانون الجنسية. “فيجب إعطاء الجنسية بمرسوم في حالات يسودها ظلم ما، كحالة سميرة سويدان ونساء زوجهن متوفى ولا علاقة لهن بدولة جنسيتهن، أو في حالات مستثنى منها فرد من العائلة من التجنيس، لعلّ ممارسة كهذه تسهّل صدور القانون الذي قد يتأخر”. ويرى أنه قد يكون في المرسوم أشخاص محقّون بطلبات تجنيسهم بمن فيهم نساء، ويمكن النساء أن يتقدمن بطلبات تجنيس لأزواجهن وأولادهن. ويضيف: “أن تصدر مراسيم التجنيس حالة طبيعية، يجب استمرار العمل بها، مع جعلها أكثر عدالة، عبر تجنيس أشخاص واقعين في ظلم. فالمرسوم يؤشر إلى بعض الحلول في الحالات الأكثر ظلماً”. ويختم مخيبر: “كنت أتمنى لو عرض على سويدان إعطاؤها الجنسية، فهي حالة محقة أكثر من غيرها”.

السابق
إدريس: السلاح الذي يأتينا لا يكفي لمواجهة جيوش حزب الله وإيران
التالي
اكتشاف سر تشابه الزوجين مع مرور الوقت