كتب الكثير عن الضربة العسكرية الغربية لسوريا . تقارير وتحليلات ومعلومات وحتى نكات ، أطرفها يفيد أن باراك اوباما ديمقراطي للغاية لدرجة أنه يستشير بشار الاسد عن موعد وحجم الضربة التي يريد أن يوجهها له .
وجه الطرافة يخفي مأساة ، وهي ليست المرة الاولى . مأساة السياسة الدولية التي تخضع لقواعد صارمة تنفذ أهداف الدول ومصالحها ، وخصوصا الكبرى منها ، من الالتفات الى طموحات الشعوب ، أو الدول الصغيرة ، حتى لو كانت من الحلفاء. وهكذا أجرت وتجري الولايات المتحدة الاميركية مشاورات سرية مع روسيا ، وهي الادرى بشعاب سوريا العسكرية ، حول الأهداف التي يمكن ضربها وتدميرها من دون أن تسقط النظام السوري . وقد تم الاتفاق ، وفقا لتقارير دبلوماسيةغربية ، على ان لا يتم استهداف القصر الرئاسي ، ولا مقر قيادة الاركان ، ولا ثكنات معينة لقوات خاصة (مماثلة للحرس الجمهوري العراقي أيام صدام حسين ).
وبالخلاصة فان الاميركيين لن يدمروا الجيش السوري ، الذي يبقى حاجة اقليمية ودولية ، سواء سقط الاسد أو لم يسقط ، لمواجهة الاصولييين والسلفيين والتكفيريين المتطرفين حين ينتهي دورهم المرسوم لهم .
ماذا يبقى من “فوائد ” الضربة اذن ؟
يقال ان الهدف تدمير او تحييد منشآت السلاح الكيميائي حتى لا يستخدم مرة أخرى ، لانه يعزز قدرات النظام الهجومية ، وسعيه للحسم العسكري. ويقال أيضا أنه سيتم تدمير بعض المطارات ، وليس الطائرات الحربية ، لافقاد الاسد تفوقه النوعي . لان التقارير الغربية تتحدث عن توزان في التسليح الارضي بين الجيش والمعارضة.
والنتيجة ان النظام لن يكون قادرا على الحسم قبل نهاية العام ، كما توقع تقرير استراتيجي لحلف شمال الاطلسي صدر قبل ثلاثة اشهر . وبالتأكيد لن يكون بمقدور المعارضة الحسم واسقاط الاسد عسكريا . ولان افق التسوية مقفل ، على عكس ما يروج البعض ، يمكن القول أن الضربة العسكرية الاميركية هي صفارة الانطلاق لحرب اهلية اقليمية دولية على أرض سوريا ستطول كثيرا .