نتنياهو ليس صانعاً للسلام

منذ بدء أحداث “الربيع العربي” في المنطقة تحولت إسرائيل من عامل مؤثر وفاعل في ما يجري في المنطقة إلى عامل متأثر ليس له أي دور حقيقي في التغييرات الحاصلة، ولم يبق امامها سوى ان تراقب بقلق وعن كثب ما يدور حولها، وتوظيف الاوضاع لما فيه مصلحتها، ومحاولة التأقلم معه من اجل رسم سياساتها واستراتيجياتها المستقبلية.

بناء على ذلك ان استجابة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمساعي وزير الخارجية جون كيري مواقفته على معاودة المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين هي خطوة تدخل في مسار أوسع يخدم أكثر من هدف غير الهدف العلني للمفاوضات، أي التوصل الى تسوية سلمية للنزاع على أساس حل الدولتين.

فقرار نتنياهو هدفه في الدرجة الاولى تأكيد التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا الوقت العصيب التي تمر فيه المنطقة، كي يثبت للإدارة الأميركية أن الفلسطينيين هم الذين يتهربون من السلام وليس إسرائيل. وتهدف العودة الى المفاوضات الى المساهمة في خروج إسرائيل من عزلتها الدولية التي تسبب بها استمرار احتلال الضفة الغربية، وسياسة الاستيطان اليهودي للأراضي الفلسطينية. فقد شعرت إسرائيل في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد قرار الاتحاد الأوروبي مقاطعة المستوطنات اقتصادياً ومالياَ، بان المجتمع الدولي ضاق ذرعاً باحتلالها ورفضها للتفاوض وعدم قبولها بقيام دولة فلسطينية مستقلة الى جانبها، وان استمرار الجمود السياسي سيجعلها تفقد شرعيتها الدولية وتتحول دولة فصل عنصري مكروهة لدى دول العالم اجمع.

من جهة اخرى، بدأت تكثر في الآونة الاخيرة تحذيرات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين من مغبة استمرار الجمود السياسي وانعكاسه على الوضع الأمني في الضفة الغربية، وكثرت التقارير عن تزايد العنف في الضفة الغربية بانتفاضة ثالثة اذا استمر جمود العملية السلمية.

يشير كل ما سبق الى ان البدء بالمفاوضات السياسية له فوائد كثيرة بالنسبة الى إسرائيل في المرحلة الحالية، ليس من بينها التوصل الى اتفاق نهائي مع الفلسطينين. ويعود ذلك الى عدم اقتناع نتنياهو العميق بامكان التوصل الى تفاهم مع الفلسطينيين على مواضيع مثل مستقبل مدينة القدس واللاجئين ومصير الكتل الاستيطانية الكبرى.

لن ندخل في نقاش الاسس التي يقول الأميركيون إن المفاوضات ستستند اليها مثل خطوط 1967 والاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وتبادل الاراضي، فلا تزال الامور في بداياتها والازمات والخلافات آتية على الطريق. ولكن من الصعب التصديق ان نتنياهو سيقبل بعد تسعة أشهر بالانسحاب من الضفة وقيام دولة فلسطينية لا يستطيع التكهن بطبيعتها وستشكل في رأيه خطراً جديداً على إسرائيل يضاف الى الاخطار الاخرى.

السابق
العثور على جثة رجل في رويسات
التالي
فتفت: صواريخ بعبدا أتت رداً على خطاب الرئيس من منطقة معروفة