ذهبية حزب الله: ثلاثية وثلث

الاثنين: 29 تموز 2013

دخل لبنان فصلا جديدا من الازمة الحكومية. فصل يغرف بالاساس من الازمة السورية، وذلك منذ ان حسم حزب الله خياره خلال معركة القصير، بالانخراط في معركة الذود عن النظام السوري. وما يبرر الحديث عن فصل جديد هو القرار الاوروبي بادراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب. فالقائمون على هذا القرار كانوا يعلمون ان مثل هذه الخطوة لن تجعل حزب الله يسارع الى التبرؤ من هذا “الواجب الجهادي” الذي رفعته القيادة الايرانية الى مصاف الالزام، لذراعها في المنطقة، بوجوب القتال والخروج على الحدّ الادنى من التفاهمات اللبنانية: إعلان بعبدا، وما يفترض أن يرافقه من سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية. والقائمون على هذا القرار كانوا يعلمون ان مثل هذه العقوبات، التي استندت الى اتهامات لهذا الحزب بالتورط في اعمال ارهابية داخل اوروبا، ما كانت لتصدر لولا تورط حزب الله بهذا الشكل الصريح عسكريا في الازمة السورية.
إذاً هي خطوة لا تنطوي على تحذير بقدر ما هي اعلان مواجهة مع حزب الله وايران، ستبرز ملامحها اكثر في المقبل من الايام.
ويعلم حزب الله ان اكثرية القوى السياسية اللبنانية لا تريد له ولا للبنان ان يتورط في الازمة السورية. ثمة اكثرية سياسية، وحتى اكثرية شعبية طاغية، لا تريد هذا التورط في سورية. لكن هذه الأكثرية، التي تتشكل من بعض حلفائه وخصومه ، لم تستطع ان تجعل حزب الله يفكر للحظة بضرورة التقيد بشروط الشراكة السياسية والوطنية اللبنانية، وذلك بأن يمتنع عما قام به.
عدّاد القتلى اللبنانيين لن يتوقف. وعلى وقع معركة الخالدية في حمص وغيرها في دمشق ودرعا، يجري الاعلان عن سقوط ضحايا من عناصر حزب الله. وفي الايام القليلة الماضية تم الاعلان (غير الرسمي) عن مقتل 7 لبنانيين. ما يكشف عن ان حزب الله مستمر في قتاله السوري من دون اهتمام لما يلاقيه ذلك من اعتراض واسع في المناخ السياسي والشعبي اللبناني، سواء كان من حلفاء او خصوم او محايدين.
لا حكومة الا بالثلث المعطل، قالها السيد حسن نصرالله، وقالها النائب محمد رعد، عندما عبر عن عدم ثقته بأي حكومة لا يكون له ولحلفائه سلطة الثلث المعطل. لم يراعِ ما قاله الرئيس نبيه بري عن نهاية هذا الثلث في التشكيلة الحكومية. واعتبر ان هدف حزب الله المشاركة بهذا المعنى. وحصر تفسير الدستور في شرعية اي حكومة بهذا الفهم الذي يقدمه هو.
إذ يحق لحزب الله ان يدفع بالآلاف المقاتلين الى سوريا، وان يتجاوز ابسط الاعراف وحقوق اللبنانيين عليه، ضاربا بعرض الحائط شروط العلاقات بين الدول. فحتى الحكومة السورية الحالية لم تعط شرعية لهذا التدخل. وهي قادرة، لاحقا، على القول إن هذا التدخل لم يكن مطلبا سوريا، بل كان تجاوزا للعلاقات بين الدولتين. وربما تقاضي لبنان لأنه لم يقم بواجباته لمنع تدفق مقاتلين لبنانيين الى اراضيه.
يحق لحزب الله كلّ ذلك، ولأنه لا يثق بالآخرين فعليهم ان ينصاعوا لارادته، اي ان يأتوا صاغرين اسوة بالاوروبيين الذين سيأتون صاغرين معتذرين عما ارتكبوا من قرار العقوبات، كما عبر النائب رعد عن يقينه امس الاول.
الثلث المعطل في الحكومة هو الثلث الذهبي، اسوة بالمثلث الذهبي (الشعب والجيش والمقاومة): قاعدتان ذهبيتان لا يمس بهما. قاعدتان ذهبيتان تتيحان لحزب الله تفسيرهما كما يشاء فينتقل بسلاحه الذهبي من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال، من دون اي مساءلة. فالحزب يقرر وعلى الآخرين الطاعة. حكومة بدون ثلث معطل لن تقوم، شاء من شاء وابى من أبى.

السابق
منصور اكتشف البارود … وكل يغني على ليلاه
التالي
«الدفاع» يبحث في إتلاف «الحشيشة» بدعم المزروعات البديلة