المحادثات: تشاؤم لا تفاؤل

في الايام الخوالي كانت كل جولة محادثات بين اسرائيل والفلسطينيين تبدأ ‘بتفاؤل حذر’. في السيناريو المتفائل كان ينتهي، هذا التفاؤل المحمل بالمصيبة، بخيبة أمل وبتبادل الاتهامات. وفي السيناريو الاكثر قتامة كان ينتهي ببساطة بمصيبة فتاكة.
بوعي، يسير الطرفان الى هذه الاتصالات، لا يوهم احد نفسه. حتى ولا الامريكيون، بمن فيهم الاكثر حماسة وتصميما جون كيري. وبالتأكيد ليس الفلسطينيون، الذين لويت ذراعهم كي يوافقوا على اجراء المفاوضات. ولا نتنياهو أيضا الذي بنى حياته المهنية على تحطيم الاوهام (الحقيقية والخيالية).
وكما أسلفنا، فحتى الامريكيون يدخلون الى هذه القصة بنبرة واقعية. فالرئيس اوباما لم يكلف نفسه التطرق الى الانجاز المهم لوزير خارجيته حتى بعد 48 ساعة من تحققه، وهو لا بد سيهنئ، ولكن الرسالة واضحة: المكانة الرئاسية محفوظة للحظات الحاسمة. هذا اذا ما جاءت على الاطلاق.
لا حاجة الى التأثر بالتقارير حول جولة النصر لجون كيري في الطائرة، مع زجاجة البيرة، فهو سياسي مجرب جدا، لا يوجد تفاؤل حذر، بل يوجد تشاؤم حذر. .
السرية هي عنصر أساس في هذه المحادثات. فالتحليل الامريكي يقدر بان في الماضي أسفرت التسريبات عن احداث ضرر خطير بالاتصالات. وعليه، فقد سجلت دهشة ما في واشنطن من المقابلة التي منحها الوزير شتاينتس مع تفاصيل مثل بوادر تحرير السجناء؛ فهل ارسل هو لاعطاء هذا التفصيل من قبل مكتب رئيس الوزراء، تساءل الامريكيون؟ أم ان هذا تسريب بسيط، بالضبط من النوع الذي اتفق على محاولة منعه هذه المرة؟ لشتاينتس وحده توجد حلول. انجاز مهم واحد بالتأكيد كان لشتاينتس: الـ’نيويورك تايمز′ أوضحت بانه ‘وزير كبير’ في التقرير عن اقتباساته. حتى هذا هو شيء ما.
ماذا يدعي الامريكيون؟ يعتقدون ان المفاوضات الحالية ستكون مختلفة. لا توجد لديهم أي رغبة في بدء كل القصة من جديد. الطرفان يعرفان بشكل دقيق جدا ما هي مطالب وحدود الطرف المقابل. ومع أن الجولة القريبة في واشنطن ستعنى بترتيب الامور، بالاجندة، ولكن بعدها، كما يقدر الامريكيون، يجب الركض للحديث في ‘المسائل الجوهرية’ على انواعها. ربما ليس البدء بالمسائل الاكثر تعقيدا (اللاجئون، القدس) ولكن على الفور البدء بالحديث عن النهاية. هكذا فقط يمنع الدخول الى الالية المعتادة: الانشغال بصغائر آليات الاتصالات، الذي في اثنائه يحظى معارضو التسوية على انواعهم، من اسرائيليين وفلسطينيين، بحشد القوة.
مشوق، إن لم نقل مشبوه، أنه بالذات في التوقيت الاكثر حسما للاتصالات نشر الاتحاد الاوروبي التعليمات بشأن العقوبات على المستوطنات: الخطوة التي بعدها توجهت اسرائيل الى واشنطن بطلب التدخل السريع. امريكا بالطبع تجندت في صالح اسرائيل (مع نجاح محدود)، ولكن السياسي الشكاك كان سيقدر بان الامريكيين والاوروبيين استخدموا هنا حركة التفافة على اسرائيل. الشرطي الطيب والشرطي الشرير. نتنياهو هو سياسي شكاك جدا بالمناسبة.

السابق
تفاوض يحافظ على مصالح اسرائيل
التالي
الحاجة الى تسوية سياسية مُلحة