فخامة الرئيس… باسم اللبنانيين

يخطو لبنان نحو فراغ محتوم لا تنفع معه الخطب والتصريحات والمواقف. وأمس مع سقوط الصواريخ في مار مخايل، بلغ المنعطف السيئ الذي ربما لم يبلغه يوماً إلا عشية الحرب اللبنانية عام 1975. فراغ في السلطة التشريعية، اذ ان مجلساً لا همّ له سوى التمديد لنفسه، ليس مجلساً تشريعياً يعمل لمصلحة البلاد العليا وللمصلحة العامة.
أما السلطة التنفيذية ففي فراغ وضياع. بلد في مرحلة ازمة بلا حكومة. حكومة مستقيلة بلا صلاحيات، ورئيس وزراء مكلف ينتظر توافقاً في الحد الادنى للمضي في مشروع حكومة يريد الجميع ان يتقاسمها حصصاً ولا يترك لرئيسها أي هامش للحركة أو للتغيير.
وأين السلطة القضائية التي تعاني الامّرين من تدخل في شؤونها ومن فراغات كثيرة، والمجلس الدستوري منتهية ولايته، والسلطات الرقابية عاجزة أمام الكبائر، والديبلوماسية اللبنانية ليست افضل حالا في الخارج.
والأمن حدّث عنه ولا حرج. المدير العام للامن الداخلي متقاعد، وبديله يتقاعد بعد شهر، والذي يليه بعد أشهر. وقائد الجيش يوشك أن يتقاعد، ومعه مدير المخابرات الممددة ولايته الى الصيف، وكذا حال الجمارك ومواقع اخرى.
في ظل هذا المشهد، والاندفاع اللبناني الى مزيد من التورط في الشأن السوري، تبقى الانظار شاخصة الى فخامتك. لا يكفي في هذه المرحلة المصيرية ان تنتدب مساعداً أو مستشاراً للقاء رئيس هنا، ورئيس سابق هناك، لان البلد يشارف الفراغ المميت، وتدمير بنية مؤسساته، اذا لم يدخل في حرب سنية – شيعية تأكل الاخضر واليابس.
فخامة الرئيس،
كلنا نعلم حراجة الوضع، لكن الخطوات الكبيرة والمواقف الحازمة تبرز في مثل هذه الظروف. أن تدخل التاريخ الحديث للبنان بأحرف من ذهب، فلا تصير كبعض من سبقك، يعني ان تعترض بقوة على الوضع القائم، وان ترفض بعناد خرق الدستور، وان تحارب من أجل الدفاع عن المؤسسات الشرعية وحمايتها، وان تكرر رفضك، كما ذكرت مراراً عبر "النهار"، كل حديث عن تمديد أو تجديد أو تعديل ولاية، لئلا تتعرض للابتزاز وتصمت عن التجاوزات، واعلم أن من سبقك وطمع بكل هذا أو ببعض منه خرج مهاناً، وأمضى فترات التمديد في صراع مع الذات قبل الآخرين.
فخامة الرئيس،
زرت الجمعة وزارة الدفاع الوطني وأكدت دعمك للجيش، لكننا ننتظر منك أن تقول مع الجيش، وبالفم الملآن، إن المؤسسة العسكرية مستعدة للقيام بـ "نهر بارد" جديد اذا اقتضى الأمر دفاعاً عن الوطن لمنع انزلاقه الى حرب عبثية متجددة.
فخامة الرئيس،
لا ترضَ بأن ينتهي عهدك بحرب أحد مسبباتها تراخي السلطة السياسية، وتراجع القوة الامنية والعسكرية، أمام حسابات صغيرة، لا يمكن ان تتأمن اذا مضى البلد الى زوال هذه المرة ستكون النهاية حتمية.
فخامة الرئيس،
أكد لنا انك ملتزم أداء اليمين بأنك ستظل مؤتمناً على الوطن الامة والدستور الى آخر ولايتك والى ما بعد الولاية.
  

السابق
صواريخ عيتات: الضاحية مقابل القصير؟
التالي
تسوية سياسية من أربعة بنود تُسابق الإنتخابات