اللواء: صاروخان على الضاحية غداة إعلان المشاركة في القصير

تقدم الأمن والاستقرار على ما عداه، وتعددت الأجندة السياسية برمّتها. وبصرف النظر عن الجلسة اليتيمة للحكومة المستقيلة اليوم، فإن المشاورات خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية توصلت إلى ما يمكن وصفه باتفاق مبدئي على التمديد للمجلس النيابي الحالي سنة ونصفاً على الأكثر، يصار خلالها الى تشكيل حكومة سياسية، في ضوء المشاورات التي بدأت مع الرئيس المكلّف تمام سلام، وتنطلق ورشة الإعداد لقانون انتخاب جديد، بعد أن تنقشع الرؤية على جبهة الحرب الدائرة في سوريا.

وعلمت "اللواء" أن النائب وليد جنبلاط الذي فاتح الرئيس ميشال سليمان في لقائهما الأخير بضرورة دعم هذا التوجه سيعاود الكرّة من جديد مع رئيس الجمهورية على قاعدة أن الأمن والاستقرار ينبغي أن يكون الهمّ الأول لكل المسؤولين، وأن الرئيس ميشال سليمان لا يمكن أن يكون بعيداً عن مثل هذا التوجه بعد إعادة خلط الأوراق على الساحة الداخلية، والتي ساهم فيها تعثّر التوصل إلى قانون انتخابي جامع، واندلاع الاشتباكات في طرابلس، على نطاق غير مسبوق، والتداعيات التي ترتبت على إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أنه أصبح طرفاً في الحرب السورية من بوابة القصير للظفر بها لمصلحة نظام الرئيس بشار الأسد، والرسالة الصاروخية التي لم تتأخر لإبلاغ "حزب الله" وفريقه أن الضاحية الجنوبية لن تكون بمنأى عن معركة القصير، بل هي على حدودها بالمعنى السياسي.

وكانت الاتصالات، يوم أمس، توّجت بزيارة قام بها وزير الصحة في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل الى كليمنصو، حيث أطلعهما النائب جنبلاط على ما انتهت إليه مشاوراته مع رئيس تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري، خلال اتصالهما يوم أمس، غداة استقباله السبت الماضي مدير مكتب الحريري نادر الحريري، والوزير السابق محمد شطح، حيث جرى الاتفاق على اعتبار أن الأمن والاستقرار يتقدمان على ما عداه، وأن التمديد ستة أشهر لا يقدّم ولا يؤخّر في هذه المرحلة، ولأن التوترات الأمنية لن تسمح بإجراء انتخابات، وأن مدة السنتين طويلة، فتبلور اقتراح بالعام ونصف، على أن يتولى حزب الله إقناع حليفه العوني بضرورة السير في هذا الاجراء.

وإذا ما سارت الأمور في هذا الاتجاه، فإن جلسة لمجلس النواب يتعيّن أن تنعقد يوم الخميس المقبل على أبعد تقدير، وذلك قبل نهاية الشهر الجمعة في 31 أيار.
ومن وجهة نظر مصدر قريب من الاتصالات، فإنه إذا ما سارت الأمور على هذا النحو، فإن مرحلة جديدة من التهدئة والاستقرار قد تنعم بها البلاد، خصوصاً إذا ما تمكنت الأجهزة القضائية والأمنية من تحديد الجهة التي أطلقت الصاروخين من منطقة عيتات في جبل لبنان باتجاه منطقة مار مخايل والشياح، والتي اتفق على وصفها بأنها "عمل تخريبي محدود النتائج وأهدافه فاشلة".

وبطبيعة الحال، فان الجلسة الاستثنائية للحكومة المستقيلة عصر اليوم يفترض أن تقر هيئة الاشراف على الانتخابات وتمويل هذه السلفة، انطلاقاً من أن الحكومة تقوم بواجباتها، بحسب ما اوضح مصدر حكومي، من دون أن يعني ذلك أن الانتخابات قائمة في موعدها المحدد في 16 حزيران، بقدر ما يعني إزاحة عقبة من أمام قانون الستين الساري المفعول.

ولفت المصدر إلى أن موضوع الانتخابات، اجراء أو تأجيلاً، أمر وارد في مداولات الجلسة، على الرغم من أن "طبخة التسوية" التي يتم اعدادها بعنوان التمديد سنتين أو أقل، لم تستو بعد، ولا تزال بحاجة إلى إنضاج، بسبب الرفض المسيحي للتمديد من دون إقرار قانون جديد للانتخاب، بحسب ما اعلن أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظة الأحد، وجاراه ليلاً النائب ميشال عون الذي زاره مهنئاً بعودته، واصفاً التمديد بالأسوأ من الستين الذي هو سيئ، في حين ان الكارثة هي الفراغ.

جنبلاط
اما جنبلاط الذي نفى أن يكون وزراؤه سيقاطعون الجلسة الحكومية اليوم، فقد كرّر موقفه بأنه مع التمديد وضد الستين والارثوذكسي، كاشفاً بأنه ناقش هذا الأمر مع "حزب الله" وحركة "أمل" وقبلهما مع تيّار "المستقبل" مشيراً إلى أن الحاجة هي للتمديد أكثر من ستة أشهر.

وإذ شدّد في حديث لقناة "الجديد" على انه لا يمكن اجراء انتخابات نيابية في ظل الأوضاع الأمنية في طرابلس، ولا نستطيع الدخول في انتخابات والسلطة ترفض عبثاً من بعض النّاس، تابع قائلاً: اتفقنا على مبدأ التمديد، مشيراً إلى ان التمديد ستة أشهر لا معنى له ونحتاج أكثر من ذلك لتفادي الفراغ وتأمين الاستقرار وحماية الجيش، لافتاً إلى انه كان قد أيد رئيس الجمهورية بعدم التمديد، لكن الاستقرار أهم.
وقال جنبلاط من حادثة إطلاق الصاروخين على الضاحية الجنوبية للعاصمة، بالرغم من انهما أطلقا من منطقة درزية، واصفاً إياها بأنه "عمل محصور" وان خيوطه ستنكشف. كاشفاً عن اتصال أجراه بقيادة "حزب الله" للتنسيق ومعرفة من دخل على الخط في محاولة درء الفتنة، ولن يكون هناك فتنة.
وأوضح ان ملاحظاته على خطاب نصر الله "لن تكون على الملأ، وسأرسلها عبر قنواتي الخاصة وفي الوقت المناسب".

الرسالة الصاروخية
وكانت الضاحية الجنوبية، قد استفاقت صباح أمس، على سقوط صاروخين من نوع "غراد" اطلقا من منطقة حرجية بين عيتات وبسابا، وسقط الأول في معرض للسيارات قرب مار مخايل في الشياح وأدى إلى إصابة أربعة عمال سوريين بجروح، في حين أصاب الثاني منزلاً سكنياً في شارع مارون مسك القريب من مكان سقوط الصاروخ الأول. وأدى الى أضرار مادية.

وعثر الجيش اللبناني في وقت لاحق على منصتي الإطلاق في خراج عيتات، ورجح مصدر أمني لوكالة فرانس برس أن يكون اطلاق الصاروخين من ضمن الصراع السوري الذي يشارك فيه حزب الله الذي انتشرت عناصره مساء في احياء الضاحية، من ضمن اجراءات أمنية مشددة اتخذت بالتعاون مع الجيش اللبناني.

وفيما أدان "الجيش السوري الحر" بأشد العبارات إطلاق الصاروخين، نافياً تصريح مسؤول فيه وعد بأن النار التي تشتعل في سوريا ستمتد إلى لبنان، فان الحادثة لقيت إجماعاً لبنانياً على التنديد بها، وسارع الرئيس سليمان إلى وصف من قاموا بها "بالارهابيين المخربين" الذين لا يريدون السلم والاستقرار للبنان واللبنانيين، كما ندّد بها كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تمام سلام. في حين أجرى كل من الرئيس الحريري، والرئيس فؤاد السنيورة اتصالاً بالرئيس نبيه برّي، مستنكرين "العمل الاجرامي الذي استهدف الضاحية".

وإذ دعا الحريري إلى التبصر في مخاطر الدعوات التي تجاهر بالمشاركة في الحرائق الخارجية، في إشارة إلى خطاب نصرالله في احتفال عيد المقاومة والتحرير السبت في مشغرة، قال انه "لا يكفي امام حوادث من هذا النوع أن نلعن الفتنة فقط، بل إن المسؤولية الوطنية تتطلب من كل القيادات والجهات المعنية بسلامة لبنان واللبنانيين أن تتنادى لتحذير القائمين على إشعالها، ووقف مسلسل اضعاف الدولة والتباهي بالحلول مكانها في كل المجالات".

الحريري وتداعيات خليجية
وكان الحريري قد انتقد خطاب نصرالله بعنف، معتبراً أن ما قاله "يساوي صفراً مكعباً بكل المقاييس"، مشيراً إلى انه "اعلن بفمه نهاية المقاومة في عيد المقاومة".
اما نصر الله، فكان أكّد استمرار حزبه في القتال داخل سوريا، واعداً مؤيديه "بالنصر" في المعركة، مردداً مقولته الشهيرة: "كما كنت اعدكم بالنصر دائماً اعدكم بالنصر مجدداً"، مشيراً إلى أن سوريا هي ظهر المقاومة وهي سند المقاومة، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي ويكشف ظهرها أو يكسر سندها".

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى تداعيات خليجية لخطاب نصر الله، تمثل بموقف لوزير خارجية البحرين، وبإجراء اتخذته الكويت بدعوة مواطنيها إلى عدم التوجه إلى لبنان، والموجودين فيه الي مغادرته بأسرع وقت ممكن.

وفي تطوّر لاحق، افيد عن إطلاق صاروخ من منطقة غير محددة، في منطقة جنوبي الليطاني، سقط داخل الأراضي اللبنانية، وكان هدفه إسرائيل، لكن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذكرت أن الصاروخ الذي اطلق من برج الملوك في مرجعيون سقط في مستعمرة المطلة، ولم تورد تفاصيل أخرى.

طرابلس نحو التهدئة
في غضون ذلك، بدأت الأوضاع في مدينة طرابلس تجنح نحو التهدئة والهدوء الحذر، بعدما دخلت قوات كبيرة من الجيش مناطق التوتر في باب التبانة وجبل محسن، وفرضت نوعاً من الأمن في المدينة بعد أسبوع من التوتر الشديد والمواجهات الدامية أدّت إلى سقوط أكثر من 35 قتيلاً واكثر من 200 جريح.

وتوقعت مصادر مطلعة أن يتحسن الوضع على محاور القتال من الآن وحتى نهاية الشهر، في حال تمكنت وحدات الجيش من ترسيخ وقف إطلاق النار، معززة بإرادة سياسية على ضرورة تطبيق إجراءات الجيش من دون تمييز بين منطقة وأخرى، ودعوة النيابة العامة إلى استكمال التحقيق الجدي في تهديد وتنفيذ قصف طرابلس وما نتج عنها.

وشدّد اجتماع القيادات السياسية في منزل الرئيس ميقاتي على الوقف الفوري لكل اشكال المظاهر المسلحة وإزالتها، ورفض كل محاولات تعميم الفوضى الأمنية في المدينة.
ولاحظ المجتمعون انه رغم انتشار الجيش في جبل محسن استمرت عمليات القنص وتسببت بسقوط ضحايا، ولذلك فان المطلوب تشديد إجراءات الجيش وقمع كل عمليات القنص  

السابق
الأنوار: سرعة اكتشاف الجيش لمنصات الصواريخ تمهد لمعرفة مطلقيها
التالي
الحياة: انتقادات عربية ودولية لخطاب نصر الله ولقتال حزب الله في سوريا