الضوء الأخضر الايراني.. لم يأتٍ بعد

لا يزال مسار تأليف الحكومة في مرحلة الشروط والشروط المضادة. إلا أن أوساطاً سياسية بارزة تعتبر أن لا إمكان لتشكيل حكومة نظراً الى أن ظروف البلد، وخصوصاً بعد كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وتدخل الحزب في القتال في سوريا، أظهرت تعقيدات قد لا تتم بلورة حلّ لها قبل حصول تمديد للمجلس النيابي لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر.
وموقف نصرالله لا يسمح بأن تكون هناك شخصيات تنتمي الى الحزب داخل الحكومة، لا سيما وان بيانها الوزاري لن يكون إلا "إعلان بعبدا". المسألة هنا في كيفية التوفيق بين "اعلان بعبدا" وبين وزير أو وزراء ينخرط "الحزب" الذي ينتمون اليه في الأزمة السورية. هناك مساعٍ تبذل لإيجاد أرضية مشتركة تجمع بين النقيضين، وتقوم أكثر من جهة بهذه المساعي لا سيما نواب جبهة "النضال الوطني" النيابية.
إنما هناك نية من جانب رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام بضرورة الاسراع بالتشكيل، وهناك مسعى متجدد للتشكيل قبل 15 أيار الجاري.
وإذا وافقت كل الأطراف على ذلك، باستثناء العونيين، فسيتم التشكيل من دون أن يكونوا شركاء في الحكومة. والرئيسان لن يسمحا بسلطة التعطيل في الحكومة. وقد طرحت صيغة 8 وزراء لكل فريق لكي تكون سلطة القرار للوسطيين. هذه الصيغة لم توافق عليها 8 آذار. لكن أي صيغة يخرج العونيون من الاجماع حولها سيتم تشكيل الحكومة وفقاً لها. مع أن الأولوية هي لأهمية إشراك كل مكونات البلد في الحكومة لا سيما "حزب الله" لخلق عنصر استقرار، ولإبقاء الشارع محيّداً عن الأزمة.
فريق 8 آذار يريد تكريس المكتسبات التي يمتلكها كحق له في مباحثاته مع الرئيس المكلف، لذلك لا يزال يطالب بالثلث المعطل، والوزارات التي في حوزته حالياً واعتاد أن تكون له مع الترشح للانتخابات، فضلاً عن مبدأ الجيش والشعب والمقاومة. وجاء قبول 8 آذار بالمداورة في الحقائب لكن من ضمن فريقها وليس مداورة حقيقية بينها وبين 14 آذار. تريد 8 آذار أن تبقى ممسكة بالحكومة بغض النظر عمّن هو رئيسها. وهناك فريق سياسي ينشط في الاتصالات بين الأفرقاء، يعتبر أن العونيين أكدوا من خلال أدائهم الحكومي انهم مشاكسون وغير بنّائين في الحكم وفي وزاراتهم، ثم انهم عملوا لتعريض أمن لبنان للخطر عندما كان هناك إحجام عن اعطاء "داتا" الاتصالات للأجهزة الأمنية. ويعتبر هذا الفريق الناشط ان اعطاء وزارات حساسة كانت ولا تزال مع العونيين الى وزراء من كتلة بري هو أمر جيد. و"حزب الله" يتلطى وراء مطالب العونيين حكومياً، وانتخابياً أيضاً، ويتجلى ذلك من خلال قول مسؤولين في الحزب انهم خلف ما يتفق حوله المسيحيون. ما أعاد الأمور الى المربع الأول، ودفع بـ"الأرثوذكسي" الى الأمام مقابل "الستين".
وطرح رئيس مجلس النواب نبيه بري الانتخابي، هو عملياً قانون نسبي مئة في المئة ولم يحظَ بقبول. وهذا يعني وجود محاولة لربح الوقت. والبحث صار حول قانون انتخابات لا سيما على المستوى المسيحي يكون مختلطاً، وكذلك بين الأفرقاء. ومبدأ "الفرد الواحد للنائب الواحد" لا يحظى بقبول، ولا تقدم على صعيد المختلط، و"الستين" نائم و"الأرثوكسي" لن يمر والتمديد لا يقبل أحد به.
إزاء هذا الواقع، تؤكد الأوساط، ان ذلك كله يعني ان الضوء الأخضر الايراني لتشكيل الحكومة لم يأتِ بعد، ما يخفي حقيقة أنه لم تحصل تسوية اقليمية حول الحكومة والايراني يفاوض، لكن تفاوضه ملتبس، وقد يكون هدفَ الى استدراج أطراف عرب الى تعقيدات الموضوع اللبناني دون أن يقدم حلولاً. ما يعني ان الأفق السياسي لا يزال مقفلاً.
ويريد "حزب الله" ومن ورائه ايران وفقاً للأوساط، ربط مسار الاتصالات حول التشكيل بشكل أساسي بما يحصل على الأرض في سوريا، بحيث انه اذا حقق النظام انتصارات أو انجازات على الأرض، يعملان لتعقيد التسوية في لبنان. وإذا لحقت بالنظام خسائر ميدانية، فإنهما سيعملان لتسهيل الأمور أمام التشكيل. وتوريط لبنان في النزاع السوري يزداد، والشروط على الرئيس المكلف تزداد، والاستحقاقات تقترب، ومن غير الواضح اذا كانت حكومة أمر واقع قادرة على أن تقلع، ولا تزال هناك صعوبات لحكومة تتمثل بها كل الأطراف.
هناك محاولة من الرئيسين سليمان وبري والنائب وليد جنبلاط، لإيجاد حدّ أدنى من التفاهم حول حكومة تحظى بالأكثرية، وإذا نجحت المحاولة فستكون هناك حكومة قريباً وإلا فإن الوضع يبقى في المراوحة.

السابق
دم وكلمات
التالي
الزعبي: تفاؤل حذر ازاء موسكو وواشنطن