الاسد يبحث عن انتقام استراتيجي..واسرائيل تفضل بقاء نظامه

تحدثت صحيقة هآرتس عن الصمت الاسرائيلي عن الهجمات التي نفذت في سوريا بحسب الأنباء المنشورة، سخيف في ظاهر الامر. فما الداعي الى الصمت بازاء التقارير الاخبارية التي تشمل العالم كله وتشمل التلفاز السوري ايضا. إن هذا الصمت الناجح الذي يساعد السوريين على التصرف وكأن ما حدث لم يكن يجسد في واقع الأمر خاصية واضحة للشرق الاوسط وهي حجاب الأكاذيب الذي يلفه.

من جهة ثانية، نقل زوّار دمشق عن الرئيس السوري بشار الأسد، قوله إن "سوريا كانت قادرة بسهولة على أن ترضي شعبها وتنفّس احتقانه واحتقان حلفائها وتشفي غليلها بإطلاق بضعة صواريخ على إسرائيل، رداً على الغارة الإسرائيلية على دمشق، وهي تدرك أن الإسرائيلي لا يريد حرباً، وأنه في حال قيامها بردٍّ من هذا النوع، ستعتبر ضربة في مقابل ضربة"، مضيفاً إن "الوضع الدولي لا يسمح بحرب لا تريدها أصلاً إسرائيل ولا أميركا، بذلك نكون قد انتقمنا تكتيكياً، أما نحن، فنريد انتقاماً استراتيجياً، عبر فتح باب المقاومة، وتحويل سوريا كلها إلى بلد مقاوم، وبعد الغارة بتنا مقتنعين بأننا نقاتل العدو الآن، نلاحق جنوده المنتشرين في بلادنا".

وأضافت الصحيفة إن الاسد الذي يرى اسرائيل في ظاهر الامر كما قال متحدثه هذا الاسبوع، تهديدا وجوديا، يحتاج الى وجودها خاصة. فقد سوّغ بفضلها تسلحه بسلاح لم يوجه علينا قط منذ 1982 بل كان مخصصا لتقوية النظام في مواجهة أعدائه في الداخل وفي لبنان. لكن تشابه المصالح بين اسرائيل والاسد مُضلل لأنه صحيح الى نقطة ما: فإسرائيل تفضل ان يسقط الاسد في الأمد البعيد كي تُضعف الايرانيين الذين يساعدونه ليكون رأس حربة موجها على اسرائيل. بيد ان التناقض المنطقي هو أن هذه اللحظة الواعدة التي يميل فيها الاسد الى السقوط هي الأشد تهديدا ايضا لأنه قد يفقد آنذاك الخوف من اسرائيل وكأن ذلك بمنزلة "لتمت نفسي مع الفلسطينيين".

ليست اسرائيل وحدها متورطة بأهداف متناقضة. فقد حددت ادارة اوباما وضعا سياسيا أخلاقيا وهو ان السلاح الكيميائي في سوريا خط أحمر. ولندع للحظة أن هذا الخط الاحمر قد اجتيز كما يبدو ولم يوجد رد ساحق.
فهناك ايران في مركز الورطة وهي المسؤولة عن شحنات السلاح المرسلة التي ترمي الى المرور من سوريا الى حزب الله وتطور التهديد الرئيس لاسرائيل.

لكن في هذا السياق ايضا، وخلافا لتصريحات زعماء الطرفين، ليس الصراع حول الاحتمال غير المنطقي وهو ان تستعمل طهران السلاح الذري، بل إن الصراع على مجرد قدرتها على امتلاكه والتهديد به. فاذا تجاوزنا الأخطار الواضحة في هذا الوضع، يكفي في واقع الامر ان تسلب ايران اسرائيل احتكارها للسلاح الذري المنسوب اليها بحسب مصادر أجنبية كي تُضعف منزلتها.

السابق
مؤتمر سورية وصيغة الحل الوسط
التالي
تعادل القوة بين حزب الله واسرائيل يربك السلطة الاسرائيلية