كم يمكن اللعب بهذا الخط الاحمر؟

من الصعب قليلا التصديق، ولكن في الاسبوع الاخير وجدنا أنفسنا في رقصة نووي كيميائي مجنونة. الجميع يرقص حول هذه الشعلة السامة. كل واحد يضيف لها شيئا الى هذا الاحتفال التقليدي الكبير بالشعلة، في يوم 23 من شهر عومر، كل رئيس وزراء أو لواء سابق يريد أن يري انه يعرف أكثر، ومطلع أكثر، وفعل أكثر. كان نشطا على نحو أفضل.
من داخل هذه النار تظهر فجأة مظلة خيالية وفي الدخان المتصاعد تختلط تهديدات اسرائيلية، اعصاب امريكية، خطوط حمراء، استفزازات وتخويفات، تقديرات استخبارية منمقة. واحيانا يروق لك أن تصرخ ‘كفوا، خنقتموني’، حتى قبل أن ينزل هنا قليلا ذيل صاروخ شهاب.
لم يعد ممكنا ملاحقة الاشخاص القافزين، كل بدوره، الى هذا العمل عديم المسؤولية. لم يعد ممكنا البحث عن الدوافع لدى كل واحد منهم. اين تنتهي السياسية واين يبدأ التحليل العسكري البارد؟ اين تبدأ الحسابات الشخصية واين تنتهي مناورة العلاقات العامة؟ من يريد ان يحذر حقا ومن هو معني باثارة الفزع وربما دفع الولايات المتحدة الى المعمعة، حتى لو لم تكن متحمسة ومتحفزة. وبشكل عام، من يدري من يريد ماذا؟ من مع تصفية النووي الايراني فورا، ومن ضد التدخل في سورية؟.
في الخلفية، كما نجد أنفسنا ملزمين بالاعتراف، يعمل منذ عشرين سنة رئيس الوزراء نتنياهو، الذي لا يكف عن الثرثرة بالنووي الايراني، الامر الذي يظهر لرؤساء وزراء سابقين (شمعون بيريز، ايهود اولمرت) ورؤساء موساد وشاباك سابقين (مئير دغان ويوفال ديسكن) مهووسا للغاية.
على مدى الفترة سمعنا الكثير من الاشخاص، المطلعين على الموضوع الايراني، ولكن الايام الاخيرة تخرجنا عن طورنا. هذا يبدأ (او يواصل) مع عاموس يدلين، الذي قرب القنبلة النووية الى الصيف القريب القادم. بعد ذلك جاء العميد ايتي بارون، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات، الذي ورط العالم بالسلاح الكيميائي الذي يستخدمه الاسد في سورية.
عربد الامريكيون وصفعوا قليلا بارون، وطلب اوباما ادلة قاطعة أكثر، وها هو افيغدور ليبرمان اجرى أمس استعراضا للصحفيين وابلغهم ان لدينا براهين صلبة على أن الاسد يستخدم السلاح الكيميائي. لماذا فعل ليبرمان هذا؟ فهو نفسه يقول ان اسرائيل لا تعرف ما هو الافضل لها: حكم الاسد أم حكم الثوار. افليس من الافضل الصمت؟ أم ربما ليبرمان بشكل عام يريد أن يبث رسالة لقضاته في قضية الغش التي يحاكم عليها اليوم، انه لا يزال هنا، ومن المهم أن يكون هنا.
وانضم ايهود اولمرت اول أمس الى دائرة الحرب المتسعة وقرر في واشنطن بان المشروع النووي الايراني بشكل عام يتأخر. ما هي مصلحته؟ قبل اسبوع أعلن اولمرت في لندن بانه يريد التنافس مرة اخرى على رئاسة الوزراء، وكأنه لا تحوم فوق رأسه سحابة جنائية خاصة به. والان يروي بان المشروع الايراني تأخر بسببه. يمكن للمرء أن يجن جنونه.
أمس سمعنا أيضا فؤاد بن اليعيزر، وزير الدفاع الاسبق، الذي وسع منذ الان حدود الجبهة في الشمال وأعلن بان السلاح الكيميائي السوري يتسرب منذ الان الى حزب الله. وفي الوسط تمكن نائب وزير الخارجية زئيف الكين من أن يعطي استعراضه وادعى بان الايرانيين يمكنهم ان يحولوا الخط الاحمر الى خط مرن، اذا لم يعمل أحد ضدهم.

السابق
نعم للخدمة العسكرية ولا للمدنية
التالي
ضابط اسرائيلي: حزب الله يهددنا من تحت الأرض