نهاية للحاخامية العسكرية

‘الفكر الذي يرى الاغيار موازين في حقوقهم في الدولة يتعارض ورأي التوراة، ولا يوجد سند فقهي لممثلي الدولة بالعمل خلافا لارادة التوراة’. هذا القول الذي يثير الحفيظة كان يمكن أن يستقبل كفضيحة حتى لو كان أطلقه مصدر هامشي ما، يختلف في سيادة المشرع في اسرائيل وفي صلاحية حكومتها. وهو باعث على الصدمة بأضعاف حين يتبين من تقرير حاييم لفنسون في ‘هآرتس′ أمس ان هذه فتوى من الحاخامية العسكرية.
ليس بالحاخامية العسكرية أي صلاحية لنشر الفتاوى. فبأي إدعاء تتجاسر على الافتاء عن ‘ممثلي الدولة’، أي عن القيادة السياسية التي يخضع الجيش لامرتها وعن المحاكم، ومن برأيها تلزم فتواها؟ من يسمح لضباط في الخدمة الدائمة، ممن يلبسون البزة العسكرية بعرض اسرائيل كدولة شريعة؟
اسرائيل ترى نفسها دولة يهودية وديمقراطية. وبالمقابل فان الجيش الاسرائيلي ليس جسما ديمقراطيا بل يعمل حسب سلسلة القيادة بل انه ليس يهوديا بل اسرائيليا. هذا جيش الدفاع الاسرائيلي، وليس جيش الدفاع اليهودي. يخدم فيه غير يهود، وهو ملزم بالدفاع عن مواطني الدولة دون التمييز بينهم على اساس ديني أو قومي. في الجيش الاسرائيلي يخدم أيضا جنود متدينون. وقريبا ستتقلص أيضا عدم المساواة الشديدة التي تسمح للاصوليين بالتملص بجموعهم من الخدمة الالزامية. فالجنود المتدينون والاصوليون جديرون ببعض المراعاة لاحتياجاتهم الخاصة وان كانت أقل من تلك الحالية، وليس على حساب العلمانيين بالتأكيد ليس حين يكونون مزودين بذخيرة روحية من البيت من مدرسة الحاخامين المناهضين للديمقراطية.
يتورط الجيش الاسرائيلي في السنوات الاخيرة المرة تلو الاخرى وكما يخيل بشدة اكبر في عهد رئيس الاركان بيني غانتس، في اجتياح الدين الى مناطق ليست له. على غانتس أن يصحو وان يضع حدا لذلك. والحاخامية العسكرية ملزمة بان تتقلص الى حجومها الطبيعية. يجب الغاؤها في صيغتها الحالية، وتنظيمها كسلاح لخدمات الدين وقطع الصلة بينها وبين الضابطية التي تقدم هذه الخدمات وبين الاحزاب الدينية والاصولية التي تؤثر على قرارات رئيس الاركان ووزير الدفاع عند تعيين الحاخام العسكري الرئيس.
كل الاديان تتمسك بالتقاليد، ولكن الحاخامية العسكرية بحد ذاتها ليست تقريبا مقدسة. مصدر الصلاحيات في الجيش الاسرائيلي يجب أن يكون واحدا، ووحيدا وموحدا: قانون الدولة، الذي يترجم في الخضوع العسكري للاوامر. ليس ‘رأي التوراة’، ليس الاقصاء العنصري للمساواة في الحقوق لـ ‘الاغيار’ وليس الطلب من ممثلي الدولة العمل فقط بقوة ‘السند الفقهي’.

السابق
اسبوع اوباما الصعب
التالي
حزب الله وسورية: تورُّط كامل أم لعب على حافة الهاوية؟