قانون هيفاء وهبي مرة أخرى

لم أكن أتنبأ، ولم أكن أضرب الودع، فقد كتبت مقالة مطولة في 17 يناير 2010، أي قبل أكثر من عامين عن قانون الإعلام الموحد ومساوئه، ويومها كانت تسميه الحكومة بـ «تعديلات قانون المطبوعات والنشر»، وكان كل ما ورد في تلك المقالة تعليقا حيا على القانون الذي صدرت مسودته قبل يومين التي ينوي مجلس الوزراء تقديمها لمجلس الأمة لتمريرها.. المقالة كانت عرضا حيا، وسأعيد نشرها كما هي دون تغيير، والتي كما لو كانت كتبت لليوم.. الحبس من سنة إلى سنتين والغرامة بين 100 ألف و200 ألف ومد رقعة المساءلة من رئيس التحرير إلى أفراد طاقم التحرير من موظف البدالة إلى المراسل وصولا إلى المحرر ومدير التحرير على أن تشمل المساءلة كل من أنشأ موقعا إلكترونيا إخباريا والأهم من هذا إلقاء هالة من القدسية على أعضاء مجلسي الأمة والوزراء، تلك هي أبرز عناوين فيلم الرعب الذي تنوي الحكومة عرضه على شاشات مشهدنا السياسي قريبا كتعديلات على قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع.

طبعا ذلك بالإضافة إلى المواد الأخرى المفعّلة أصلا كالمادة 21 من قانون المطبوعات، وخاصة الفقرتين الرابعة والسادسة منها، فالأولى يحظر بموجبها نشر أي اتفاقية تعقدها الدولة إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية وبعد أخذ إذن من الوزارة المعنية بتوقيع تلك الاتفاقية، أما الفقرة السادسة فتحظر نشر اي محضر اجتماعات سرية رسمية قبل أخذ الموافقة الرسمية من الجهة المختصة بذلك الاجتماع، وبهاتين الفقرتين تقول الحكومة للجميع «صكوا حلوجكم.. وبالقانون» ومع التعديلات الجديدة فالحكومة تقول لكم «صكوا حلوجكم وإلا دفعناكم الأولي والتالي وسجناكم». هذه المادة وأخرى غيرها التي تقيد حرية النشر مع التعديلات المقترحة ليست سوى وجه آخر لعملة الرقابة التي فرضت على الصحف منذ العام 1986 وحتى بعد التحرير، بل إن حالة التعليق في السنوات السبع العجاف ومقارنة بالتعديلات المقترحة أرحم بـ 200 ألف مرة.

هذه التعديلات تعد إعلان انقلاب رسمي من الحكومة على الدستور، ولكن هذه المرة فوق صهوة القانون، بمواد يستحيي حتى أكثر «القراقوشيين» تطرفا من أن يفكروا بها ناهيكم عن أن يعلنوها هكذا وبكل صفاقة.

ولكن لنقل إن هذه التعديلات «أم 200 ألف دينار» سيتم إقرارها، فعن ماذا يمكن أن نكتب؟ أنا شخصيا سأكتفي بالكتابة عن هيفاء وهبي، فهذه المخلوقة الجميلة ومنذ ان ظهرت لأول مرة في فيديو كليب لا أذكر أنني كتبت حرفا واحدا عنها، رغم أنها تستحق أن تكتب عنها مجلدات، فالكتابة عن هيفاء ستكون أكثر احتراما للحرية بـ 200 ألف مرة من الكتابة عن وزير أو عضو مجلس أمة، إذا ما أقرت تلك التعديلات.  

السابق
الحرب الإيرانية المضحكة في كوريا الشمالية
التالي
خنفشاريات سورية